2ـ هل یجعل الله قلب الإنسان قاسیاً؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
1ـ الممارسات التّحریفیة للیهودسورة المائدة / الآیة 14

نقرأ فی الآیة ـ موضوع البحث ـ إنّ الله ینسب لنفسه فعل جعل القسوة فی قلوب مجموعة من الیهود! والذی نعرفه هو أنّ هذه القسوة ما هی إلاّ نتیجة لإرتکاب الذنوب والانحرافات، فکیف إذن ینسب الله فعل جعل القسوة فی قلوب اُولئک الیهود إلى نفسه؟ ولو کان هذا الفعل من الله، فکیف یکون اُولئک الأشخاص مسؤولین عن أعمالهم، ألا یعتبر هذا نوعاً من الجبر؟

ولدى الإمعان بدقّة فی الآیات القرآنیة المختلفة، ومنها الآیة موضوع البحث، یتبیّن لنا أنّ الأشخاص إنّما یحرمون ـ بسبب اخطائهم وذنوبهم ـ من لطف الله ورحمته وهدایته، وأنّ أعمالهم هذه فی الحقیقة مصدر لمجموعة من الانحرافات الفکریة والأخلاقیة، بحیث یستحیل على الإنسان ـ أحیاناً ـ أن یجنب نفسه عواقبها ونتائجها.

وبما أنّ العلل ـ أو الأسباب ـ تعطی آثارها بإذن الله، لذلک نسب مثل هذه الآثار فی القرآن الکریم إلى الله، ففی الآیة موضوع البحث نقرأ أنّ الیهود ـ نتیجة لنقضهم المیثاق ـ (جعل الله قلوبهم قاسیة )، کما نقرأ فی الآیة 27 من سورة إبراهیم قوله تعالى (ویضل الله الظالمین ) وفی الآیة 77 من سورة التوبة نقرأ قوله سبحانه: (فاعقبهم نفاقاً فی قلوبهم إلى یوم یلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما کانوا یکذبون ).

وواضح أنّ هذه الآثار السیئة تنبع من عمل الإنسان نفسه، ولا تناقض فی هذا الأمر حریة الإرادة والاختیار، لأنّ مقدمات تلک الآثار تکون من عمل الإنسان وتصدر عنه بعلمه واختیاره، ولأنّ آثار عمله هی النتیجة الحتمیة للعمل نفسه، وعلى سبیل المثال لو أنّ إنساناً تناول شیئاً من المشروبات الکحولیة، وحصلت لدیه حالة من السکر، فقام على أثر

هذه الحالة بارتکاب جریمة معینة، فهو وإن کان لا یمتلک إرادته فی حالة السکر، إلاّ أنّه قبل ذلک أقدم على شرب الخمرة مختاراً ومدرکاً لما یفعل، وبذلک هیّأ بنفسه مقدمات العمل الجنائی، فهو یحتمل احتمال صدور هذا العمل منه فی حالة السکر، ولذلک فهو مسؤول عن هذا العمل، فلو قیل فی مثل هذه الحالة: إنّ شخصاً قد شرب الخمرة فسلبنا منه عقله، فتورط نتیجة عمله فی إرتکاب جریمة، فهل فی هذا القول أی تناقض أو هل یستشف منه مفهوم الجبر؟

وخلاصة القول فإنّ کل أنواع الهدایة والضلال وأمثالها التی تنسب فی القرآن الکریم إلى الله سبحانه، إنّما تحصل بشکل حتمی کنتیجة للمقدمات والأعمال التی تصدر من الإنسان نفسه، وعلى أثرها یستحق إمّا الهدایة أو الضلال، وفی غیر ذلک فإنّ العدل والحکمة الإلهیّین، لا یسمحان مطلقاً أن یساق إنسان إلى طریق الهدایة دون أی مبرر، أو أن یساق آخر إلى طریق الضلال دون وجود سبب لذلک (1).


1. لقد وردت تفاصیل اُخرى فی هذا المجال ـ أیضاً ـ فی ذیل الآیة 26 من سورة البقرة إلى تفسیرنا هذا.

 

1ـ الممارسات التّحریفیة للیهودسورة المائدة / الآیة 14
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma