حکم طعام أهل الکتاب وحکم الزّواج معهم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 5 حکم الزّواج بغیر المسلمات

تناولت هذه الآیة، التی جاءت مکملة للآیات السابقة، نوعاً آخر من الغذاء الحلال، فبیّنت أنّ کل غذاء طاهر حلال، وإن غذاء أهل الکتاب حلال للمسلمین، وغذاء المسلمین حلال لأهل الکتاب، وحیث قالت الآیة: (الیوم اُحلّ لکم الطّیبات وطعام الذین اُوتوا الکتاب حلّ لکم وطعامکم حلّ لهم ).

وتشتمل هذه الآیة الکریمة على اُمور نجلب الإلتفات إلیها، وهی:

إنّ المراد بکلمة «الیوم» الواردة فی هذه الآیة هو یوم «عرفة» بناء على ما اعتقده بعض المفسّرین، وقد ذهب مفسرون آخرون إلى أنّ المراد هو الیوم الذی تلا فتح خیبر ـ ولا یبعد ـ أن یکون هو نفس «یوم غدیر خم» الذی تحقق فیه النصر الکامل للمسلمین على الکفار (وسنتاول هذا الموضوع بالشرح قریباً).

لقد تناولت هذه الآیة قضیة تحلیل الطیبات مع أنّها کانت حلالا قبل نزول الآیة والهدف من ذلک هو أن تکون هذه القضیة مقدمة لبیان حکم «طعام أهل الکتاب».

ما هو المقصود بـ «طعام أهل الکتاب» الذی اعتبرته الآیة حلالا على المسلمین؟

یعتقد أغلب مفسّری علماء السنة أن «طعام أهل الکتاب» یشمل کل أنواع الطعام، سواء

کان من لحوم الحیوانات المذبوحة بأیدی أهل الکتاب أنفسهم أو غیر ذلک من الطعام، بینما تعتقد الأغلبیة الساحقة من مفسّری الشیعة وفقهائهم أنّ المقصود من «طعام أهل الکتاب» هو غیر اللحوم المذبوحة بأیدی أهل الکتاب، إلاّ أنّ هناک القلیل من علماء الشیعة ـ أیضاً ـ ممن یقولون بصحة النظریة الاُولى التی اتبعها أهل السنة.

وتؤکد رأی غالبیة الشیعة ـ فی هذا المجال ـ الروایات العدیدة الواردة عن أئمّة أهل البیت (علیهم السلام).

فقد جاء فی تفسیر علی بن إبراهیم عن الإمام الصّادق (علیه السلام) أنّه قال فی هذه الآیة: «عنی بطعامهم ها هنا الحبوب والفاکهة غیر الذبائح التی یذبحون، فإنه لا یذکرون اسم الله علیها». (1)

ورودت روایات عدیدة اُخرى فی هذا المجال فی الجزء السادس عشر من کتاب وسائل الشیعة فی الباب 51 من أبواب الأطعمة والأشربة، فی الصفحة 371.

وبالإمعان فی الآیات السابقة یتبیّن أن التّفسیر الثّانی ذهبت إلیه الأکثریة من مفسّری الشیعة وفقائهم (تفسیر الطعام بغیر الذبیحة) هو أقرب إلى الحقیقة من التّفسیر الأوّل.

وذلک ـ کما أوضح الإمام الصّادق (علیه السلام) فی الروایة التی أوردناها أعلاه ـ لأنّ أهل الکتاب لا یراعون الشروط الإسلامیة فی ذبائحهم، فهم لا یذکرون اسم الله على الذبیحة، ولا یوجهونها صوب القبلة اثناء ذبحها، کما أنّهم لا یلتزمون برعایة الشروط الاُخرى ـ فهل یعقل أن تحرم الآیة السابقة ـ وبصورة صریحة ـ لحم الحیوان المذبوح بهذه الطریقة، وتأتی آیة اُخرى بضدها لتحلله؟!

وترد على الذهن فی هذا المجال أسئلة نلخُصها فیما یلی:

لو کان المقصود بالطعام سائر الأغذیة ما عدا لحوم ذبائح أهل الکتاب، فإنّ هذه الأغذیة کانت حلالا من قبل، ولا فرق بین وجودها فی أیدی أهل الکتاب أو غیرهم، فهل کان شراء الحبوب والغلات من أهل الکتاب قبل نزول هذه الآیة شیئاً مخالفاً للشرع، فی حین أنّ المسلمین کانوا دائماً یتعاطون مع أهل الکتاب شراء وبیع هذه الأشیاء؟!

إذا توجهنا إلى نقطة أساسیة فی الآیة الکریمة، یتوضح لنا بجلاء جواب هذا السؤال، فالآیة الأخیرة ـ هذه ـ نزلت فی زمن کان للإسلام فیه السلطة الکاملة على شبه الجزیرة العربیة وقد أثبت الإسلام وجوده فی کل الساحات والمیادین على طول هذه الجزیرة وعرضها، بحیث إنّ أعداء الإسلام قد تملکهم الیأس التام لعجزهم عن دحر المسلمین، ولذلک اقتضت الضرورة ـ فی مثل هذا الظرف المناسب للمسلمین ـ أن ترفع القیود والحدود التی کانت مفروضة قبل هذا فی مجال مخالطة المسلمین لغیرهم، حیث کانت هذه القیود تحول دون تزاور المسلمین مع الغیر.

لذلک نزلت هذه الآیة الکریمة وأعلنت تخفیف قیود التعامل والمعاشرة مع أهل الکتاب، بعد أن ترسخت قواعد وأساس الحکومة الإسلامیة، ولم یعد هناک ما یخشى منه من جانب غیر المسلمین، فسمحت الآیة بالتزاور بین المسلمین وغیرهم، وأحلت طعام بعضهم لبعض کما أحلت التزواج فیها بینهم (ولکن على أساس الشروط التی سنبیّنها).

جدیر بالقول أنّ الذین لا یرون طهارة أهل الکتاب یشترطون أن یکون طعامهم خالیاً من الرطوبة أو البلل، وإذا کان الطعام رطباً یشترط أن لا تکون أیادی أهل الکتاب قد مسته لکی یستطیع المسلمین تناول هذا الطعام، کما یرى هؤلاء عدم جواز تناول طعام أهل الکتاب إن لم تتوفر الشروط المذکورة فیه.

إلاّ أنّ مجموعة اُخرى من العلماء الذین یرون طهارة أهل الکتاب، لا یجدون بأسا فی تناول الطعام مع أهل الکتاب والحلول ضیفاً علیهم، شرط أن لا یکون طعامهم من لحوم ذبائحهم وأن یحصل الیقین من براءته من نجاسة عرضیة (کأن یکون قد تنجس باختلاطه أو ملامسته للخمرة أو الجعة «ماء العشیر»).

وخلاصة القول: إنّ الآیة ـ موضوع البحث ـ جاءت لترفع الحدود والقیود السابقة الخاصّة بمعاشرة أهل الکتاب، والدلیل على ذلک هو إشارة الآیة لإباحة طعام المسلمین لأهل الکتاب، أی السماح للمسلمین باستضافتهم، کما تتطرق الآیة بعد ذلک مباشرة إلى حکم التزاوج بین المسلمین وأهل الکتاب (أی الزواج بنساء أهل الکتاب).

وبدیهی أنّ النظام الذی یمتلک السیطرة الکاملة على أوضاع المجتمع، هو وحده القادر على إصدار مثل هذا الحکم لمصلحة أتباعه دون أن یساوره أی قلق بسبب الأعداء، وقد ظهرت هذه الحالة فی الحقیقة فی یوم غدیر خم، أو فی یوم عرفة فی حجّة الوداع کما اعتقده البعض، أو بعد فتح خیبر، مع أن یوم غدیر خم هو الأقرب إلى هذا الموضوع.

أورد صاحب تفسیر المنار فی کتابه إعتراضاً آخر فی تفسیر هذه الآیة، حیث یقول بأنّ

کلمة «طعام» وردت فی کثیر من آیات القرآن بمعنى کل أنواع الطعام، وهی تشمل اللحوم أیضاً، فکیف یمکن تقیید الآیة بالحبوب والفواکه وأمثالها؟، ثمّ یقول بأنّه طرح هذا الإعتراض فی مجلس کان یضم جمعاً من الشیعة فلم یجب أحد علیه.

وباعتقادنا نحن أنّ جواب إعتراض صاحب کتاب المنار واضح، فنحن لا ننکر أنّ لفظة «طعام» تحمل مفهوماً واسعاً، إلاّ أنّ ما ورد فی الآیات السابقة، کبیان أنواع اللحوم المحرمة ـ وبالأخص لحوم الحیوانات التی لم یذکر اسم الله علیها لدى ذبحها ـ إنّما یخصص هذا المفهوم الواسع ویحدد کلمة «طعام» فی الآیة بغیر اللحوم، ولا ینکر أحد أنّ کل عام أو مطلق قابل للتخصیص والتقیید، کما نعلم أنّ أهل الکتاب لا یلتزمون بذکر اسم الله على ذبائحهم، ناهیک على أنّهم لا یراعون ـ أیضاً ـ الشروط الواردة فی السنّة فی مجال الذبح.

وجاء فی کتاب «کنز العرفان» حول تفسیر هذه الآیة إعتراض آخر خلاصته أنّ کلمة «طیبات» لها مفهوم واسع، وهی «عامّة» بحسب الاصطلاح، بینما جملة (وطعام الذین اُوتوا الکتاب ) خاصّة، وطبیعی أنّ ذکر الخاص بعد العام یجب أن یکون لسبب، ولکن السبب فی هذا المجال غیر واضح، ثمّ یرجو صاحب الکتاب من الله أن یحل له هذه المعضلة العلمیة (2).

إنّ جواب هذا الإعتراض یتّضح أیضاً ممّا قلناه سابقاً بأنّ الآیة إنّما جاءت بعبارة (اُحّل لکم الطیبات ) کمقدمة من أجل بیان رفع القیود فی التقارب مع أهل الکتاب، فالحقیقة أنّ الآیة تقول بأنّ کل شیء طیب هو حلال للمسلمین، وبناء على هذا فإن طعام أهل الکتاب (إذ کان طیباً وطاهراً) هو حلال أیضاً للمسلمین ـ وأن الحدود والقیود التی کانت تقف حائلا دون تقارب المسلمین مع أهل الکتاب قد رفعت أو خففت فی هذا الیوم بعد الانتصارات التی أحرزها المسلمون فیه. (فتأمّل).


1. تفسیر على بن ابراهیم قمى، ج 1، ص 163; وبحارالانوار، ج 63، ص 21.
2. تفسیر کنز العرفان، ج 2، ص 312.

 

سورة المائدة / الآیة 5 حکم الزّواج بغیر المسلمات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma