بعد آیات الجهاد السابقة تبیّن هذه الآیة للمسلمین طریقة صلاة الخوف التی تؤدّى فی ساحة الحرب، فتخاطب الآیة النّبی (صلى الله علیه وآله) قائلة: (وإذا کنت فیهم فأقمت لهم الصّلاة فلتقم طائفة منهم معک ولیأخذوا أسلحتهم ) فإذا سجدت جماعة وانقضت الرکعة الاُولى من الصّلاة، على النّبی أن یقف فی مکانه فتؤدّی الجماعة ـ سریعاً ـ الرکعة الثّانیة وتعود إلى ساحة القتال لمواجهة العدو.
وتأتی بعد ذلک الجماعة الثّانیة التی لم تصل بعد، وتأخذ مکان الجماعة الاُولى فتصلّی مع النّبی: (فإذا سجدوا فلیکونوا من ورائکم ولتأت طائفة اُخرى لم یصلّوا فلیصلّوا معک ) وعلى الجماعة الثّانیة أن لا تضع أرضاً لامة حربها، بل تحتفظ بها معها: (ولیأخذوا حذرهم وأسلحتهم ).
وتشیر الآیة إلى أنّ أداء الصّلاة بهذا الاُسلوب من أجل أن یبقى المسلمون فی مأمن من أی هجوم مباغت قد یقوم به العدو علیهم، لأنّه یتحین الفرص دائماً لتنفیذ هذا الهجوم، ویتمنى لو تخلى المسلمون وغفلوا عن أسلحتهم وأمتعتهم لیشنّ علیهم حملته الغادرة: (ودّ الذین کفروا لو تغفلون عن أسلحتکم وأمتعتکم فیمیلون علیکم میلة واحدة ).
ولما کان حمل السلاح والوسائل الدفاعیة الاُخرى صعباً أثناء أداء الصّلاة فی بعض الأحیان مثل أن یکون بعض المسلمین یعانون من ضعف بدنی أو مرضی أو جراحات تحملوها من ساحة القتال، فیشق علیهم بذلک حمل السلاح أو وسائل الدفاع الأخرى، لذلک تأمر الآیة فی الختام قائلة: (ولا جناح علیکم إن کان بکم أذى من مطر أو کنتم مرضى أن تضعوا أسلحتکم ).
وهذا مشروط بأن یحتفظ المسلمون بما یقیهم من وسائل الدفاع کالدروع، وأمثالها حتى فی حالة وجود العذر کالضعف أو المرض، وذلک لحمایة أنفسهم إذا باغتهم العدو بهجومه إلى أن تصلهم الإمدادات حیث تقول الآیة: (وخذوا حذرکم إن اللّه اعد للکافرین عذابا مهینا ).
