1ـ لقد کررت الآیة 95 عبارة المجاهدین ثلاث مرات:
فی المرّة الاُولى ذکر المجاهدون مع الهدف والوسیلة الخاصّة بالجهاد: (المجاهدون فی سبیل الله بأموالهم وأنفسهم... ).
وفی الثّانیة: ذکر اسم المجاهدین مقروناً بوسیلة الجهاد، ولم یذکر شیء عن الهدف: (المجاهدون بأموالهم وأنفسهم... ).
وأمّا فی المرحلة الأخیرة فقد جاءت الآیة باسم المجاهدین فقط، حیث یدل ذلک بوضح على الاُسلوب البلاغی الرفیع فی الکلام القرآنی، حیث یتعرف السامع شیئاً فشیئاً بواسطته على الموضوع وتخف قیوده وصفاته لدیه، وتصل درجة التعرف إلى مرحلة یفهم السامع بها کل شیء من خلال إشارة واحدة.
2ـ لقد ذکرت الآیة فی البدایة تفوق المجاهدین على القاعدین بعبارة مفردة وهی «درجة» بینما فی الآیة التالیة جاءت هذه العبارة بصیغة الجمع «درجات» وجلىّ أن لا تناقض بین هاتین العبارتین، لأن القصد من العبارة الاُولى تبیان تفوق المجاهدین على غیرهم، ولکن العبارة الثانیة تشرح هذا التفوق حین تقترن بذکر عبارات «المغفرة» و«الرحمة»، وبعبارة اُخرى فإن الفرق بین هاتین العبارتین «درجة» و«درجات» هو الفرق بین المجمل والمفصل.
کما یمکن الاستفادة من عبارة «درجات» على أنّها تعنی أن المجاهدین لیسوا کلّهم فی درجة أو مستوى واحد، بل تختلف درجاتهم باختلاف درجة إخلاصهم وتفانیهم وتحملهم للمشاق، وتختلف بذلک منزلتهم المعنویة، لأنّه من البدیهی أن الذین یجاهدون الأعداء فی صف واحد لیسوا جمیعاً بمستوى جهادی واحد، وتختلف درجات الإخلاص لدى کل واحد منهم بالقیاس إلى أمثالهم، ولذلک فإنّ لکل واحد منهم ثواباً خاصاً به یتناسب مع عمله الجهادی ونیّته فی هذا العمل.
