جاءت هذه الآیة مکملة لما سبقتها ومقدمة لما تلیها من آیات، فالآیة السابقة بعد أن أمرّت بردّ التحیّة قالت: (إنّ الله کان على کل شیء حسیباً ).

والآیة موضوع البحث تشیر إلى قضیة غیبیّة مهمّة هی قضیة یوم البعث والحساب، حیث محکمة العدل الإلهیّة العامّة للبشر أجمعین، وتقرنها بمسألة التوحید الذی هو رکن آخر من أرکان الإیمان (الله لا إله إلاّ هو لیجمعنّکم إلى یوم القیامة لا ریب فیه ).

وعبارة (لیجمعنّکم ) تدلّ على الشمولیة لکل البشر من أوّلهم حتى آخرهم، حیث سیجمعون «کلّهم» فی یوم واحد هو یوم الحشر والقیامة.

وفی موضع آخر من القرآن (الآیتان 93 و94 من سورة مریم) أشیر أیضاً إلى هذه الحقیقة ... حقیقة بعث جمیع عباد الله ـ من سکن منهم على هذه الکرة الأرضیة أو على کرات اُخرى ـ فی یوم واحد.

وعبارة (لا ریب فیه ) الواردة فی الآیة وفی آیات اُخرى، إنّما هی إشارة إلى الأدلة القطعیة البدیهیة على وقوع یوم القیامة، مثل دلیل «قانون التکامل» و«حکمة الخلق» و«قانون العدل الإلهی»، المذکورة بالتفصیل فی مبحث المعاد.

وتؤکد الآیة فی نهایتها على حقیقة أنّ الله هو أصدق الصادقین: (ومن أصدق من الله حدیثاً ) من هنا لا یجوز أن یساور أحد الشک فیما یعد به الله من بعث ونشور وغیره من الوعود، فالکذب لا یصدر إلاّ عن جهل أو ضعف وحاجة، والله أعلم العالمین، وإلیه سبحانه یحتاج العباد دون أن یحتاج هو إلى أحد مطلقاً، فهو منزّه عن صفات الجهل والضعف والعجز، ولذلک فهو أصدق الصادقین، بل إنّ الکذب بالنسبة إلى الله تعالى لا مفهوم له إطلاقاً.