الإستعانة بالعواطف والمشاعر الإنسانیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 75 سورة النساء / الآیة 76

کانت الآیة السابقة تطالب المؤمنین بالجهاد معتمدة على إیمانهم بالله والیوم الآخر، وقد اعتمدت أیضاً قضیة الربح والخسارة فی سیاق دعوتها إلى الجهاد، أمّا هذه الآیة فتستند فی دعوتها الجهادیة إلى العواطف والمشاعر الإنسانیة وتستثیرها فی هذا الإتجاه ـ فهی تخاطب مشاعر المؤمنین وعواطفهم بعرض ما یتحمله الرجال والنساء والأطفال المضطهدون من عذاب وظلم بین مخالب الطغاة الجبارین، وتطالب المؤمنین ـ مستثیرة عواطفهم فی هذا الإتجاه ـ عن طریق عرض المشاهد المأساویة التی یعانی منها المستضعفون وتدعوهم إلى الجهاد فی سبیل الله من أجل إنقاذ هؤلاء المظلومین فتقول الآیة: (وما لکم لا تقاتلون فی سبیل الله والمستضعفین (1) من الرجال والنّساء والولدان ).

ولأجل إثارة المشاعر أکثر، تنبّه الآیة المؤمنین بأنّ المستضعفین المذکورین لکثرة معاناتهم من البطش والارهاب والاضطهاد قد انقطع أملهم فی النجاة ویئسوا من کل عون خارجی، فأخذوا یدعون الله لإخراجهم من ذلک المحیط الرهیب المشحون بأنواع البطش والرعب والظلم الفاحش: (الذین یقولون ربّنا أخرجنا من هذه القریة الظالم أهلها ) ویطلب المستضعفون من الله ـ أیضاً ـ أن یرسل لهم من یتولى الدفاع عنهم وینجیهم من الظالمین بقولهم: (واجعل لنا من لدنک ولیاً واجعل لنا من لدنک نصیراً ).

الآیة ـ فی الواقع ـ نشیر إلى أنّ الله قد استجاب دعاء المستضعفین، فهذه الرسالة الإنسانیة الکبرى قد أوکلت إلیکم أنتم أیّها المسلمون المخاطبون، فقد أصبحتم أنتم «الولی» المرتقب وأنتم «النصیر» من قبل الله تعالى لإنقاذ المستضعفین، من هنا علیکم أن تنهضوا بهذه المسؤولیة وتستثمروا هذه المکانة الکبرى المناطة إلیکم ولا تضیّعوها.

والآیة هذه یستفاد منها أیضاً عدّة اُمور، هی:

إنّ الجهاد فی سبیل الله وکما اُشیر إلیه من قبل ـ لیس من أجل إنتزاع الأموال والسلطة والثروات من أیدی الأخرین، کما أنّه لا یستهدف إیجاد أسواق لإستهلاک البضائع أو لفرض عقائد خاصّة بالقوّة، بل أنه یستهدف نشر الفضیلة والإیمان والدفاع عن المظلومین والمضطهدین من النساء والرجال والولدان، ومن هذا المنطلق یتّضح أنّ للجهاد هدفین شاملین جامعین أشارت الآیة إلیهما، أحدهما «ربّانی»، وآخر «إنسانی» یکمل أحدهما الآخر، ولا ینفصلان، بل کلاهما یعودان إلى حقیقة واحدة.

إنّ الإسلام یرى أن المحیط السالم الذی یمکن للإنسان أن یعیش فیه، هو ذلک المحیط الذی یوفّر الحریة للإنسان، ویضمن له العمل بما یعتقد دون مانع أو أذى، ویرى الإسلام ـ أیضاً ـ أنّ المحیط الذی یسوده الکبت والإرهاب والقمع، ولا یستطیع المسلم فیه إظهار عقیدته أو إعلان إسلامه، فهو محیط لا یجدر بالإنسان المسلم أن یبقى فیه، لذلک فإنّ الآیة تنقل عن المؤمنین دعاءهم إلى الله لکی یخلصهم من مثل هذا الجو الملیء بالقمع والإرهاب.

وعلى الرغم من أن مکّة کانت ملجأ وملاذاً للمهاجرین، فإنّ تفشی الظلم فیها جعل المؤمنین یدعون الله لإنقاذهم من ظلم أهل هذه المدینة، وییسر لهم سبیلا إلى الخروج منها.

وفی نهایة الآیة نرى أنّ المؤمنین الذین یعانون من محیطهم الظالم، یسألون الله أن یبعث لهم من یتولى شؤونهم، وأن یمدّهم ـ أیضاً ـ بمن ینصرهم على الظالمین ویخلصهم من مخالبهم، ویفهم من هذه الآیة أهمیّة القیادة الصالحة، وأهمّیة قدرة هذه القیادة فی إنقاذ المظلومین وضرورة إمتلاکها من العدد والعدّة ما یمکنها من القیام بسمؤولیتها الخطیرة هذه.

بذلک نستنتج من الآیة العناصر التی یجب أن تتوفر فی کل قیادة إسلامیة، وهی کمایلی:

أ) أن تکون القیادة صالحة (بما فی کلمة الصلاح من شمولیة).

ب) أن تکون قویة مقتدرة (أن تملک العدد والعدّة الکافیین، بالإضافة إلى الخطط العسکریة التی تضمن نجاح استخدام القوّة الموجودة).

تبیّن الآیة أنّ المؤمنین یطلبون حاجاتهم من الله العلی القدیر وحده، ولا یلجأوون إلى غیره فی حوائجهم، حتى أنّهم یسألون الله أن یمدهم بمن یتولى الدفاع عنهم وینصرهم على الظالمین.


1. إنّ الفرق بین «المستضعف» و «الضعیف» واضح وجلی، فالضعیف هو من کان معدوم القدرة والقوّة، والمستضعف هو من أصابه الضعف بسبب ظلم وجور الآخرین، سواء کان الاستضعاف فکریاً أم ثقافیاً أم کان أخلاقیاً أو اقتصادیاً أم سیاسیاً أم اجتماعیاً، فالعبارة هنا جامعة شاملة تستوعب جمیع أنواع الاستضعاف.

 

سورة النساء / الآیة 75 سورة النساء / الآیة 76
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma