رفقاء الجنّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة النساء / الآیة 71

فی هذه الآیة یبیّن القرآن میزة اُخرى من میزات من یطیع أوامر الله تعالى والنّبی (صلى الله علیه وآله)، وفی الحقیقة مکملة للمیزات التی جاء ذکرها فی الآیات السابقة، وهی صحبة الذین أتمّ الله نعمه علیهم ومرافقتهم: (ومن یطع الله والرّسول فاُولئک مع الذین أنعم الله علیهم ).

وکما أسلفنا فی سورة الحمد فإنّ الذین أنعم الله علیهم هم الذین ساروا فی الطریق المستقیم ولم یرتکبوا أی خطأ، ولم یکن فیهم أی انحراف.

ثمّ یشیر ـ لدى توضیح هذه الجملة، وتحدید من أنعم الله علیهم ـ إلى أربع طوائف یشکلون فی الحقیقة الأرکان الأربعة لهذا الموضوع وهم:

الأنبیاء: أی رسل الله تعالى الذین کانوا طلیعة السائرین فی سبیل هدایة الناس ودعوتهم إلى الصراط المستقیم (من النّبیین ).

الصّادقون: وهم الذین یصدقون فی القول ویصدقون إیمانهم بالعمل الصالح، ویثبتون أنّهم لیسوا مجرّد أدعیاء الإیمان، بل مؤمنون بصدق بأوامر الله وتعالیمه (والصّدیقون ).

ومن هذا التعبیر یتّضح أنّه لیس بعد مقام النبوة أعلى من مقام الصدق، والصدق هذا لا ینحصر فی الصدق فی القول فقط، بل هو الصدق فی الفعل والعمل ... الصدق فی الممارسات والمواقف، وهو لذلک یشمل الأمانة والإخلاص أیضاً، لأن الأمانة هی الصدق فی العمل کما أنّ الصدق أمانة فی القول، وفی المقام لیس هناک صفة بعد الکفر أقبح من الکذب والنفاق والخیانة فی القول والعمل (ویجب الإنتباه ـ هنا ـ إلى أن الصدّیق صیغة مبالغة وهی بمعنى الصادق کله، ظاهراً وباطناً).

وقد فسّر «الصدّیق» فی بعض الروایات والأخبار بعلی (علیه السلام) والأئمّة من أهل البیت النّبوی (علیهم السلام)، (1) وهذا التّفسیر کما قلنا فی ما سبق من باب بیان المصداق الأکمل والأوضح لهذه الآیات، فلا تفید الحصر والقصر.

الشّهداء: الذین قتلوا فی سبیل الله وفی سبیل العقیدة الإلهیّة الطاهرة، أو الذین یشهدون على الناس وأعمالهم فی الأخرة (والشّهداء ) (2).

الصّالحون: وهم الذین بلغوا بأعمالهم الصالحة والمفیدة وبإتّباع الأنبیاء وأوامرهم إلى مراتب عالیة ومقامات رفیعة (والصّالحین وحسن اولئک رفیقا ).

ولهذا فسّر «الصّالحون» فی روایاتنا وأحادیثنا، بالصفوة المختارة من أصحاب الأئمّة (علیهم السلام) وهذا هو أیضاً من باب بیان أظهر المصادیق وأوضحها کما أسلفنا فی تفسیر الصدیقین.

والنقطة الجدیرة بالتذکیر هنا هی أن ذکر هذه المراحل الأربع یمکن أن یکون إشارة إلى أنّه لابدّ لبناء المجتمع الإنسانی الصالح والسلیم من: أن یبدأ الأنبیاء ـ وهم القادة والهداة بحق الهدایة، ثمّ یتبعهم المبلغون الصادقون بالقول والعمل، وهم الصادقون الذین یصدق عملهم قولهم وفعلهم دعواهم فینشروا الحقائق فی کل مکان، ثمّ بعد مرحلة البناء الفکری والاعتقادی هذه، یقوم جماعة فی وجه العناصر الفاسدة ومن یریدون الوقوف فی طریق الحقّ، فیضحون بأنفسهم ویقدمون أجسادهم وحیاتهم قرابین للحقّ والعدل، فیکون حاصل هذه الجهود والمساعی ظهور الصّالحین واستقرار المجتمع الطاهر السلیم.

ومن الواضح البیّن أنّ على الصالحین أیضاً أن یقوموا بهذه الواجبات الثلاث أی علیهم أن یقودوا، ویبلغوا، ویضحوا لکی یبقوا على جذوة الحق متقدة، وعلى مشعل العدل مضیئاً للأجیال اللاحقة.

کما أنّه یستفاد من الآیات الحاضرة ضمناً هذه الحقیقة، وهی أنّ مسألة مرافقة الصالحین وصحبة الرفقاء الطیبین لها من الأهمّیة بحیث تعتبر فی الآخرة الجزء المکمل للنعم الإلهیّة الکبرى التی یمنّ الله بها على المطیعین فی الجنّة، فهم علاوة على کل ما یحصلون علیه من نعم ومیزات سیحظون بمرافقة رفقاء کالأنبیاء والصّدیقین والشّهداء والصّالحین.

ولعلنا فی غنى عن التذکیر بأنّ معاشرة المطیعین لهذه الطوائف الأربع لیس معناه أنّهم فی منزلتهم ورتبتهم، وإنّهم فی درجتهم من جمیع الجهات، بل یعنی أنّ لکل واحد منهم ـ مع معاشرة بعضهم لبعض ـ سهماً خاصاً (یتناسب ومقامه) من المواهب والألطاف الإلهیّة، فهم کأشجار بستان واحد ووروده وأعشابه، فهی مع کونها مجتمعة متجاوزة ومع أنّها تستفید برمتها من ضوء الشمس والمطر، ولکنها لیست متساویة فی حجم الإستفادة من تلک العناصر، کما أنّها لیست متساویة فی القیمة.

ثمّ یبیّن سبحانه فی الآیة اللاحقة أهمّیة هذا الإمتیاز الکبیر (أی مرافقة تلک الصفوة المختارة) إنّ هذه الهبة من جانب الله، وهو علیم بأحوال عباده ونوایاهم ومؤهلاتهم: (ذلک الفضل من الله وکفى بالله علیماً )، فلا یخطىء فی الإثابة والجزاء حیث إنّ «ذلک» إشارة إلى البعید، لهذا یوحی فی هذه الموارد إلى أهمّیة المقام وعلوّه.


1. اصول الکافی، ج 2، ص 78; وبحارالانوار، ج 16، ص 354 و355.
2. الشهید فی أصل اللغة هو من یشهد، غایة ما هناک أنّ الإنسان قد یشهد على حق بکلامه، وقد یشهد بعمله وقتله فی سبیل أهدافه الطاهرة.

 

سبب النّزولسورة النساء / الآیة 71
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma