التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 64 سورة النساء / الآیة 65

فی الآیات السابقة شجب القرآن الکریم التحاکم إلى حکّام الجور، وفی هذه الآیة یقول سبحانه مؤکداً:

(وما أرسلنا من رسول إلاّ لیطاع بإذن الله ) أی أنّنا بعثنا الأنبیاء لیطاعوا بإذن الله وأمره ولا یخالفهم أحد، لأنّهم کانوا رسل الله وسفراءه کما کانوا رؤساء الحکومة الإلهیّة أیضاً، وعلى هذا یجب على الناس أن یطیعوهم من جهة بیان أحکام الله ومن جهة طریقة تطبیقها، ولا یکتفوا بمجرّد ادعاء الإیمان.

ومن هذه العبارة یستفاد أنّ الهدف من إرسال الرسل وبعث الأنبیاء هو إطاعة جمیع الناس لهم، فإذا أساء بعض الناس استخدام حریتهم ولم یطیعوا الأنبیاء کان اللوم متوجهاً إلى أنفسهم لا إلى أحد. وبهذا تنفی الآیة الحاضرة عقیدة الجبریین الذین یقولون: الناس صنفان: صنف کلّف بالطاعة من البدء، وصنف کلّف بالمعصیة من البدء.

کما أنّه یستفاد من عبارة (بإذن الله ) أن کل ما عند الأنبیاء من الله، أو بعبارة اُخرى: إن وجوب طاعتهم لیس بالذات، بل هی ـ أیضاً ـ بأمر الله ومن ناحیته.

ثمّ إنّه سبحانه یترک باب التوبة والإنابة ـ عقیب تلک الآیة ـ مفتوحاً على العصاة والمذنبین، وعلى الذین یراجعون الطواغیت ویتحاکمون إلیهم أو یرتکبون معصیة بنحو من الأنحاء، ویقول: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرّسول لوجدوا الله تواباً رحیماً ).

والجدیر بالتأمل والإنتباه إنّ القرآن یقول بدل: عصوا أمر الله وتحاکموا إلى الطاغوت: (إذ ظلموا أنفسهم ) وهو إشارة إلى أنّ فائدة الطاعة لأمر اللّه وأمر الرّسول تعود إلیکم أنفسکم، وإن مخالفة ذلک نوع من الظلم توقعونه على أنفسکم، لأنّها تحطّم حیاتکم المادیة، وتوجب تخلفکم وانحطاطکم من الناحیة المعنویة.

إنّ هذه الآیة تجیب ضمناً على کل الذین یعتبرون التوسّل برسول الله أو بالإمام نوعاً من الشرک، لأنّ الآیة تصرح بأن التوسل بالنّبی والاستشفاع به إلى الله، وطلب الاستغفار منه لمغفرة المعاصی، مؤثر وموجب لقبول التوبة وشمول الرحمة الإلهیّة.

فلو کانت وساطة النّبی (صلى الله علیه وآله) ودعاؤه للعصاة المتوسلین به، والإستشفاع به وطلب الإستغفار منه شرکاً، فکیف یمکن أن یأمر القرآن العصاة والمذنبین بمثل هذا الأمر؟

نعم، غایة ما فی الباب أنّ على العصاة والمذنبین أنفسهم أن یتوبوا هم ویرجعوا عن طریق الخطأ، ثمّ یستفیدوا ـ لقبول توبتهم ـ من استغفار النّبی (صلى الله علیه وآله).

ومن البدیهی أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) لیس من شأنه أن یغفر الذنوب، بل شأنه فی المقام أن یطلب من الله المغفرة خاصّة، وهذه الآیة إجابة مفحمة للذین ینکرون مشروعیة أو فائدة هذه الوساطات.

هذا والمفلت للنظر أنّ القرآن الکریم لم یقل: استغفر لهم یا رسول الله، بل قال: (وا ستغفر لهم الرّسول ) وهذا التعبیر ـ لعلّه ـ إشارة إلى أن یستفید النّبی من مقامه ومکانته ویستغفر للعصاة التائبین.

إنّ هذا الموضوع (أی تأثیر استغفار النّبی (صلى الله علیه وآله) للمؤمنین) ورد فی آیات اُخرى من القرآن الکریم أیضاً مثل الآیة 19 من سورة محمّد والآیة 5 من سورة المنافقون والآیة 114 من سورة التوبة التی تشیر إلى استغفار إبراهیم لأبیه (عمّه)، والآیات الاُخرى التی تنهی عن الاستغفار للمشرکین، ومفهومها جواز الاستغفار للمؤمنین، کما یستفاد من بعض الروایات إن الملائکة تستغفر لجماعة من المؤمنین المذنبین عند الله (سورة غافر الآیة 77، وسورة الشورى الآیة 5).

وخلاصة القول، إنّ هناک آیات کثیرة تکشف عن هذه الحقیقة وهی إنّ الأنبیاء، أو الملائکة، أو المؤمنین الصادقین الطیبین بإمکانهم أن یستغفروا لبعض العصاة، وإن استغفارهم مؤثر عند الله، وهذا هو أحد معانی شفاعة النّبی أو الملائکة أو المؤمنین الطیبین

للعصاة والخاطئین، ولکن الشّفاعة کما قلنا تحتاج إلى أرضیة وصلاحیة وأهلیة فی العصاة أنفسهم.

والعجیب أنّه یستفاد من بعض ما قاله جماعة من المفسّرین أنّهم أرادوا اعتبار استغفار النّبی (صلى الله علیه وآله) ـ فی الآیة الحاضرة ـ مرتبطاً بالتجاوزات الواقعة فی شؤون النّبی خاصّة لا مطلق المعاصی والذنوب، وکأنّهم أرادوا أن یقولوا: لو أنّ أحداً ظلم النّبی أو أساء إلیه وجب استحلاله واسترضاؤه لیغفر الله تلک الإساءة ویتوب على ذلک التجاوز.

ولکن من الواضح البیّن أن إرجاع التحاکم إلى غیر النّبی لیس ظلماً شخصیاً یهدف به شخص النّبی، بل هی مخالفة لمنصبه الإلهی الخاص (أو بعبارة اُخرى) إنّها مخالفة للأمر الإلهی، وحتى إذا کان ذلک ظلماً شخصیاً موجهاً إلى شخص النّبی ـ افتراضاً ـ فإن القرآن لم یقصده ولم یرکز علیه، بل رکز القرآن على هذا الموضوع وهو أن ذلک التحاکم مخالفة لأمر الله وتجاهل لإرادته.

هذا مضافاً إلى أنّنا لو ظلمنا أحداً کفانا رضاه، فما الحاجة إلى طلب استغفاره، ودعائه للمسیء؟ بل وفوق ذلک کلّه، لو أننا فسّرنا الآیة بمثل هذا التّفسیر ـ فرضاً ـ فما الذی نقوله فی تلک المجموعة الکبیرة من الآیات التی تشیر إلى استغفار الأنبیاء، والملائکة والمؤمنین للعصاة والخاطئین؟

فهل المقام فیها مقام الحقوق الشخصیة أیضاً؟

 

سورة النساء / الآیة 64 سورة النساء / الآیة 65
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma