تعقیباً على الآیات السابقة شرحت هاتان الآیتان مصیر المؤمنین والکافرین.
فالآیة الاُولى تقول: (إنّ الذین کفروا بآیاتنا سوف نُصلیهم (1) ناراً کلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غیرها لیذوقوا العذاب إنّ الله کان عزیزاً حکیماً ).
وعلّة تبدیل الجلود ـ على الظاهر ـ هی أنّه عندما تنضج الجلود یخف الإحساس بالألم لدى الإنسان، ولکی لا تتخفف عقوبتها وعذابها ولیحس الإنسان بالألم إحساساً کاملا، تبدل الجلود، وتأتی مکان الجلود الناضجة جلود جدیدة، وما هذا إلاّ نتیجة الإصرار على تجاهل الأوامر الإلهیّة، ومخالفة الحق والعدل، والإعراض عن طاعة الله.
ثمّ یقول سبحانه فی ختام الآیة: (إنّ الله کان عزیزاً حکیماً ) أی إنّه قادر بعزّته أن یوقع هذه العقوبات بالعصاة، وأنّه لا یفعل ذلک اعتباطاً، بل عن حکمة وعلى أساس الجزاء على المعصیة.
ثمّ یقول سبحانه فی الآیة الثانیة: (والذین آمنوا وعملوا الصّالحات سندخلهم جنات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها أبداً لهم فیها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظلیلا ) ( 2).
أی إنّنا نعد المؤمنین الذین یعملون الصالحات بأنّ ندخلهم جنّات تجری من تحت أشجارها الأنهار والسواقی یعیشون فیها حیاة خالدة، هذا مضافاً إلى ما یعطون من أزواج مطهّرات یستریحون إلیهن، ویجدون فی کنفهنّ لذة الروح والجسد، وینعمون تحت ظلال خالدة بدل الظلال الزائلة، لا تؤذیهم الریاح اللافحة کما لا یؤذیهم الزمهریر أبداً.