تزکیة النفس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة النساء / الآیة 51 ـ 52

تزکیة النفس: (1)

قال تعالى فی الآیة الاُولى من الآیتین الحاضرتین: (ألم تر إلى الذین یزکّون أنفسهم )وفی هذه إشارة إلى إحدى الصفات الذمیمة التی قد یبتلى بها کثیر من الأفراد والشعوب، إنّها صفة مدح الذات وتزکیة النفس، وإدعاء الفضیلة لها.

ثمّ یقول سبحانه: (بل الله یزکی من یشاء ) فهو وحده الذی یمدح الأشخاص ویزکیهم طبقاً لما یتوفر عندهم من مؤهلات وخصال حسنة دون زیادة أو نقصان، وعلى أساس من الحکمة والمشئیة البالغة، ولیس اعتباطاً أو عبثاً. ولذلک فهو لا یظلم أحداً مقدار فتیل: (ولا یظلمون فتیلا ) ( 2).

وفی الحقیقة أنّ الفضیلة هی ما یعتبرها الله سبحانه فضیلة لا ما یدعیه الإشخاص لأنفسهم انطلاقاً من أنانیتهم، فیظلمون بذلک أنفسهم وغیرهم.

إنّ هذا الخطاب وإن کان موجهاً إلى الیهود والنصارى الذین یدعون لأنفسهم بعض الفضائل دونما دلیل، ویعتبرون أنفسهم شعوباً مختارة فیقولون أحیاناً: (لن تمسّنا النّار إلاّ أیّاماً معدودة ) ( 3) ویقولون تارة اُخرى: (نحن أبناء الله وأحباؤه ) ( 4) إلا أنّ مفهومه لا یختص بقوم دون قوم، وجماعة دون جماعة، بل یشمل کل الأشخاص أو الاُمم المصابة بمثل هذا المرض، وهذه الصفة الذمیمة.

إنّ القرآن یخاطب جمیع المسلمین فی سورة النجم الآیة 32 فیقول: (فلا تزکّوا أنفسکم هو أعلم بمن اتقى ).

إنّ مصدر هذا العمل هو الإعجاب بالنفس والغرور، والعجب الذی یتجلى شیئاً فشیئاً فی صورة امتداح الذات وتزکیة النفس، بینما ینتهی فی نهایة المطاف إلى التکبر والاستعلاء على الآخرین.

إنّ هذه العادة الفاسدة ـ مع الأسف ـ من العادات الشائعة بین کثیر من الشعوب والفئات والأشخاص، وهی مصدر الکثیر من المآسی الاجتماعیة والحروب وحالات الإستعلاء والاستعمار.

إنّ التاریخ یرینا کیف أن بعض الأمم فی العالم کانت تزعم تفوقها على الشعوب والاُمم الاُخرى تحت وطأة هذا الشعور والإحساس الکاذب، ولهذا کانت تمنح لنفسها الحق فی أن تستعبد الآخرین، وتتخذهم لأنفسها خولا وعبیداً.

لقد کان العرب الجاهلیون مع کل التخلف والإنحطاط والفقر الشامل الذی کانوا یعانون منه، یرون أنفسهم «العنصر الأعلى» بل وکانت هذه الحالة سائدة حتى بین قبائلهم حیث کان بعض القبائل یرى نفسه الأفضل والأعلى.

ولقد تسبّب الإحساس بالتفوق لدى العنصر الألمانی والإسرائیلی فی وقوع الحروب العالمیة أو الحروب المحلیة.

ولقد کان الیهود والنصارى فی صدر الإسلام یعانون ـ أیضاً ـ من هذا الإحساس والشعور الخاطىء وهذا الوهم، ولهذا کانوا یستثقلون الخضوع أمام حقائق الإسلام، ولهذا السبب شدد القرآن الکریم النکیر ـ فی الآیة اللاحقة الثانیة ـ على هذا التصور وشجب هذا الوهم، وهم التفوق العنصری، ویعتبره نوعاً من الکذب على الله والإفتراء علیه سبحانه، ومعصیة کبرى وذنباً بیّناً إذ یقول سبحانه: (انظر کیف یفترون على الله الکذب وکفى به اثماً مبیناً ) أی أنظر کیف أن هذه الجماعة بافتعالها لهذه الفضائل وإدّعائها لنفسها من ناحیة، ونسبتها إلى الله من ناحیة اُخرى، تکذب على الله، ولو لم یکن لهذه الجماعة أی ذنب إلاّ هذا لکفى فی عقوبتهم.

یقول الإمام علی (علیه السلام) فی حدیثه المعروف لـ «همام» الذی یذکر فیه صفات المتقین: «لایرضون من أعمالهم القلیل، ولا یستکثرون الکثیر، فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشتفقون إذا زکى أحد منهم خاف ممّا یقال له فیقول: أنا أعلم بنفسی من غیری وربّی أعلم بی من نفسی، اللّهم لا تؤاخذنی بما یقولون، واجعلنی أفضل ما یظنون، واغفرلی ما لا یعلمون».


1. «یزکّون» من مادة «تزکیة» بمعنى تطهیر، وتأتی أحیاناً بمعنى التربیة والتنمیة، ففی الحقیقة إذا کانت التزکیة مقترنة بالعمل فإنّها تعتبر امراً محموداً، وإلاّ لو کانت مجرّد إدّعاء وکلام فارغ فهی مذمومة.
2. «الفتیل» فی اللغة بمعنى الخیط الدقیق الموجود بین شقی نواة التمر، ویأتی کنایة عن الأشیاء الصغیرة والدقیقة جداً، وأصله من مادة «فتل» بمعنى البرم.
3. البقره، 80.
4. المائدة، 18.

 

سبب النّزولسورة النساء / الآیة 51 ـ 52
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma