الإنفاق ریاءً والإنفاق قربةً

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 37 ـ 39 سورة النساء / الآیة 40

الآیة الاُولى من هذه الآیات الثلاث ـ هی فی الحقیقة ـ تعقیب على الآیات السابقة وإشارة إلى المتکبرین إذ تقول: (الذین یبخلون ویأمرون الناس بالبخل ) هذا مضافاً إلى أنّهم یسعون دائماً أن یخفوا عن الآخرین ما تفضل الله علیهم به من الخیر کیلا یتوقع المجتمع منهم شیئاً (ویکتمون ما أتاهم الله من فضله ).

ثمّ یقول عن نهایة هذا الفرق من الناس وعاقبة أمرهم: (واعتدنا للکافرین عذاباً مهیناً )ولعل السرّ فی استخدام هذا التعبیر فی حق هذه الطائفة هو أنّ «البخل» ینبع فی الغالب من الکفر، لأنّ البخلاء لا یمتلکون الإیمان الکامل بالمواهب الربانیة المطلقة والوعود الإلهیّة العظیمة للمحسنین. إنّهم یتصورون أنّ مساعدة الآخرین وتقدیم العون إلیهم یجرّ إلیهم التعاسة والشقاء.

وأمّا الحدیث عن الخزی فی عذاب هؤلاء، فلأن الجزاء المناسب للتکبر والإستکبار هو العذاب المهین.

ثمّ إنّه لابدّ من الإلتفات إلى أنّ البخل لا یختص بالاُمور المالیة، بل یشمل کل نوع من

أنواع الموهبة الإلهیّة، فثمّة کثیرون لا یعانون من صفة البخل الذمیمة فی المجال المالی، ولکنّهم یبخلون عن بذل العلم أو الجاه أو الاُمور الاُخرى من هذا القبیل.

ثمّ إن الله سبحانه یذکر صفة اُخرى من صفات المتکبرین إذ یقول: (والذین ینفقون أ موالهم رئاء الناس ولا یؤمنون بالله ولا بالیوم الآخر ) إنّهم ینفقون أموالهم لا فی سبیل الله وکسب رضاه، بل مراءاة الناس لکسب السمعة وجلب الشهرة والجاه، وبالتالی لیس هدفهم من الإنفاق هو خدمة الناس وکسب رضا الله سبحانه، ولهذا فإنّهم لا یتقیدون فی من ینفقون علیه بملاک الاستحقاق، بل یفکرون دائماً فی أنّه کیف یمکنهم أن یستفیدوا من إنفاقاتهم ویحققوا ما یطمحون إلیه من أغراض شخصیة، وأهداف خاصّة، کتقویة نفوذهم وتکریس موقعهم فی المجتمع مثلا، لأنّهم لا یؤمنون بالله والیوم الآخر، ولهذا السبب یفتقر إنفاقهم إلى الدافع المعنوی الذی ینبغی توفره فی الإنفاق، بل دافعهم هو الوصول إلى الشّهرة والشّخصیة الکاذبة المزیفة من هذا السبیل، وهذا هو أیضاً من آثار التکبر ونتائج الأنانیة.

إنّ هؤلاء اختاروا الشّیطان رفیقاً وقریناً لهم: (من یکن الشّیطان له قریناً فساء قریناً ) إنّه لن یکون له مصیر أفضل من مصیر الشّیطان، لأنّ منطقهم هو منطق الشیطان، وسلوکهم سلوکه سواء بسواء، إنّه هو الذی یقول لهم: إنّ الإنفاق بإخلاص یوجب الفقر (الشّیطان یعدکم الفقر ) (1) ولهذا فإمّا أن یبخلوا ویمتنعوا عن الإنفاق والبذل (کما اُشیر إلى هذا فی الآیة السابقة) أو أنّهم ینفقون إذا ضمن هذا الإنفاق مصالحهم الشخصیة وعاد علیهم بفوائد شخصیة (کما اُشیر إلى ذلک فی الآیة الحاضرة).

من هذه الآیة یستفاد مدى ما للقرین السیء من الأثر فی مصیر الإنسان، ذلک الأثر الذی ربّما یبلغ فی آخر المطاف إلى السقوط الکامل.

کما یستفاد أنّ علاقة «المتکبرین» بـ«الشیطان والأعمال الشیطانیة» علاقة مستمرة ودائمة لا مؤقتة ولا مرحلیة، ذلک لأنّهم اختاروا الشیطان قریناً ورفیقاً لأنفسهم.

وهنا یقول سبحانه وکأنّه یتأسف على أحوال هذه الطائفة من الناس (وماذا علیهم لو آمنوا بالله والیوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم الله ) أی شیء علیهم لو ترکوا هذا السلوک وعادوا إلى جادة الصواب وأنفقوا ممّا رزقهم الله من الخیر والنعمة فی سبیل الله، بإخلاص لا ریاء، وکسبوا بذلک رضا الله، وتعرضوا للطفه وعنایته، وأحرزوا سعادة الدنیا والآخرة؟

فلماذا لا یفکر هؤلاء ولا یعیدون النظر فی سلوکهم؟ ولماذا ترى یترکون طریق الله الأنفع والأفضل ویختارون طریقاً اُخرى لا تنتج سوى الشقاء، ولا تنتهی بهم إلاّ إلى الضرر والخسران؟

وعلى کل حال فإنّ الله یعلم بأعمالهم ونوایاهم ویجزیهم بما عملوا: (وکان الله بهم علیماً ).

والجدیر بالإنتباه أنّ الإنفاق فی الآیة السابقة التی کان الحدیث فیها حول الإنفاق مراءاة نُسب إلى الأموال «ینفقون أموالهم»، وفی هذه الآیة نسب إلى (ممّا رزقهم الله )، وهذا التفاوت والاختلاف فی التعبیر یمکن أن یکون إشارة إلى ثلاث نقاط:

أوّلا: إنّه فی الإنفاق ریاء لا تلحظ حلّیة المال وحرمته، فی حین تلحظ فی الإنفاق لله حلّیة المال وأن یکون مصداق (ممّا رزقهم الله ).

ثانیاً: إنّه فی الإنفاق ریاء حیث إنّهم یحسبون أنّ المال الذی ینفقونه خاص بهم، لذلک فهم لا یمتنعون عن الکبر والمنّ، فی حین أنّ المنفقین لله حیث یعتقدون بأنّ الله هو الذی رزقهم ما یملکون من المال، وأنّه لا مجال للمنّ إذا هم أنفقوا شیئاً من ذلک، ولذلک یمتنعون من الکبر والمنّ.

ثالثاً: إنّ الإنفاق ریاء ینحصر غالباً فی المال، لأنّ أمثال هؤلاء محرومون من أی رأسمال معنوی لینفقوا منه، ولکن الإنفاق لوجه الله تتسع دائرته فتشمل کل المواهب الإلهیّة من المال، والعلم والجاه، والمکانة الاجتماعیة وما شابه ذلک من الاُمور المادیة والمعنویة.


1. البقرة، 268.

 

سورة النساء / الآیة 37 ـ 39 سورة النساء / الآیة 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma