التفاوت الطبیعی بین النّاس لماذا؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
التّفسیرسورة النساء / الآیة 33

إنّ ثمّة کثیرین یطرحون على أنفسهم السّؤال التالی:

السؤال: لماذا خلق البعض بمواهب وقابلیات أکثر، وآخرون بمواهب وقابلیات أقل، والبعض متحلّین بالجمال، وآخرون خُلوٌ منه، أو بجمال قلیل، والبعض بامتیازات جسمیة عالیة وقویة متفوقة، وآخرون عادیین، هل یتلاءم هذا التفاوت مع العدل الإلهی؟؟

والجواب: فی الإجابة على هذه التساؤلات لابدّ من الإلتفات إلى النقاط التالیة:

إنّ بعض الفروق الجسمیة والروحیة بین الناس ناشئة عن الاختلافات الطبقیة والمظالم الاجتماعیة، أو التفریط الفردی الذی لا علاقة له بنظام الخلق وجهاز الإیجاد أبداً، فمثلا کثیر من أبناء الأغنیاء أقوى من أبناء الفقراء وأکثر جمالا وتقدماً من ناحیة المواهب والقابلیات بسبب أن الفریق الأوّل (أولاد الأغنیاء) یحظى بإمکانیات أکبر من حیث الغذاء والجوانب الصحیة، فی حین یعانی الفریق الثانی من حرمان ونقصان من هذه الجهة. أو أنّ هناک من یخسر الکثیر من طاقاته الجسمیة والروحیة بسبب التوانی، والبطالة، والتفریط والتقصیر.

إنّنا یجب أن نعتبر هذه الفروق وهذا التفاوت تفاوتاً مصطنعاً ومزیفاً، وغیر مبرر، ویتحقق القضاء علیها من خلال القضاء على النظام الطبقی، وتعمیم العدالة الاجتماعیة فی الحیاة البشریة، والقرآن الکریم والإسلام لا یقرّ أی شیء من هذه الفروق، وأىّ لون من ألوان هذا التفاوت والتمییز أبداً.

إنّ القسم الآخر من الفروق وألوان التفاوت أمر طبیعی، وشیء لازم من لوازم الجبلّة البشریة، بل وضرورة من ضرورات الحیاة الإنسانیة، یعنی أنّ مجتمعاً من المجتمعات حتى إذا کان یحظى بالعدالة الاجتماعیة الکاملة لا یمکن أن یکون جمیع أفراده متساوین وعلى نمط واحد وصورة واحدة مثل منتجات معمل، بل لابدّ أن یکون هناک بعض التفاوت، ولکن یجب أن نعلم أنّ المواهب الإلهیة والقابلیات الجسمیة والروحیة قد قسمت ـ فی الأغلب ـ تقسیماً یصیب فیه کل واحد قسطاً من تلک المواهب والقابلیات، لا أن یحظى بعض بجمیع المواهب، ویحرم آخرون من أی شیء منها، وبمعنى أنّه قل أن یوجد هناک من تجتمع فیه کل المواهب جملة واحدة، بل هناک من یحظى بالمقدرة البدنیة الکافیة، وآخر یحظى بموهبة ریاضیة جیدة، ومن یحظى بذوق شعری رفیع، وآخر یحظى برغبة کبیرة فی التجارة، ومن یتمتع بذکاء وافر فی مجال الزراعة، وآخر بمواهب وقابلیات خاصّة اُخرى.

المهم أن یکتشف المجتمع أو الأفراد أنفسهم تلک المواهب والقابلیات، وأن یقوموا بتربیتها وتنمیتها فی بیئة سلیمة، حتى یتمکّن کل إنسان إظهار ما ینطوی علیه من نقطة ضعف ویستفید منها.

یجب أن نذکّر القارىء أیضاً بأنّ المجتمع مثل الجسد الإنسانی بحاجة إلى الأنسجة والعضلات والخلایا المختلفة، یعنی کما أنّ البدن لو تألف جمیعه من خلایا دقیقة ورقیقة مثل خلایا العین والمخ لم یدم طویلا، ولو تألف جمیعه من خلایا غلیظة وخشنة لا تعرف انعطافاً مثل خلایا العظام، فقدت القدرة الکافیة على القیام بوظائفها، بل لابدّ أن تکون الخلایا المکونة للجسم متنوعة، لیصلح بعضها للقیام بوظیفة التفکیر، وبعضها للمشاهدة والنظر، وآخر على الإستماع ورابع على التحدّث، هکذا لابدّ لوجود «المجتمع الکامل» من وجود عناصر ذات مواهب وقابلیات وأذواق، وتراکیب مختلفة متنوعة، بدنیة وفکریة، لکن لا یعنی هذا أن یعانی بعض أعضاء الجسد الاجتماعی من حرمان، أو تستصغر خدماته أو یستحقر دوره، تماماً کما تستفید کل خلایا البدن الواحد رغم ما بینها من تفاوت وفروق من الغذاء والهواء وغیرها من الحاجات بالمقدار اللازم لکل واحد.

وبعبارة اُخرى: إنّ الفروق وأشکال التفاوت فی البنیة الروحیة والجسمیة فی الجوانب الطبیعة (التی لا هی ظالمة ولا هی مفروضة) إنّما هی فی الحقیقة مقتضى «الحکمة الرّبانیة»، والعدل لا یمکنه بحال أن ینفصل عن الحکمة.

فعلى سبیل المثال إذا کانت خلایا الجسم البشری مخلوقة فی شکل واحد کان ذلک بعیداً عن الحکمة کما أنّه خال عن العدل الذی یعنی وضع کل شیء فی محله وموضعه المناسب، وکذلک إذا تشابه الناس فی یوم من الأیّام فی التفکیر أو تشابهوا فی القابلیة والموهبة لتهافت بنیان المجتمع برمّته فی ذلک الیوم.

إذن فما ورد فی هذه الآیة فی مجال التفضیل والتفاوت فی جبلّة الرجل والمرأة وخلقتهما إنّما هو فی الواقع إشارة إلى هذا الموضوع، لأنّه من البدیهی إذا کان البشر جمیعاً رجالا، أو کانوا جمیعاً نساء لإنقرض النوع البشری عاجلا، هذا مضافاً إلى إنتفاء قسم من ملاذ البشر المشروعة.

فإذا اعترض جماعة قائلین لماذا خلق البشر صنفین رجالا ونساء؟ وزعموا بأنّ هذا الأمر لا یتلاءم مع العدالة الإلهیّة، لم یکن هذا الإعتراض منطقیاً، لأنّهم لم یلتفتوا إلى حکمة هذا التفاوت، ولم یتدبّروا فیها.

 

التّفسیرسورة النساء / الآیة 33
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma