التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولالتفاوت الطبیعی بین النّاس لماذا؟

لقد أوجب التفاوت فی سهم الرجال والنساء من الإرث ـ کما قرأت فی سبب النزول ـ تساؤلا لدى البعض، ویبدو أنّهم لم یلتفتوا إلى أنّ هذا التفاوت إنّما هو لأجل أنّ النفقة بکاملها على الرجل، ولیس على النساء شیء من نفقات العائلة، بل نفقة المرأة هی الاُخرى مفروضة على الرجل، ولهذا یکون ما تصیبه المرأة ضعف ما یصیبه الرجل من الثروة، ولهذا قال الله تعالى فی هذه الآیة: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضکم على بعض )، لأنّ لکل نوع من أنواع هذا التفضیل والتفاوت أسرار خفیّة عنکم غیر ظاهرة لکم، سواء کان التفاوت من جهة الخلقة والجنسیة وبقیة الصفات الجسمیة والروحیة التی تشکل أساس النظام الاجتماعی فیکم، أو التفاوت من الناحیة الحقوقیة بسبب اختلاف الموقع والمکانة کالتفاوت فی سهم الإرث، إنّ جمیع أنواع هذا التفاوت قائم على أساس العدل والقانون الإلهی الحکیم، ولو کانت مصلحتکم فی غیر ذلک لسنّه وبیّنه لکم.

وعلى هذا فإن تمنّى تغییر هذا الوضع نوع من المخالفة للمشیئة الرّبانیة التی هی عین الحق والعدالة.

على أنّه یجب أن لا نتصور خطأً أنّ الآیة الحاضرة تشیر إلى التفاوت المصطنع الذی برز نتیجة الاستعمار والاستغلال الطبقی، بل تشیر إلى الفروق الطبیعیة الواقعیة، لأنّ الفروق المصطنعة لا هی من المشیئة الإلهیة فی شیء، ولا أن تمنی تغییرها مرفوض وغیر صحیح، بل هی فروق ظالمة وغیر منطقیة یجب السعی فی رفعها وإزالتها وتفنیدها، فللمثال: لا یمکن للنساء أن یتمنین أن یکُنّ رجالا، کما لا یمکن للرجال أن یتمنوا أن یکونوا نساء، لأنّ وجود هذین الجنسین أمر ضروری للنظام الاجتماعی الإنسانی، ولکن هذا التفاوت الجنسی یجب أن لا یتّخذ ذریعة، لأن یسحق أحد الجنسین حقوق الجنس الآخر، ومن هنا فإنّ الذین اتّخذوا هذة الآیة ذریعة لإثبات التمییز الاجتماعی الظالم أو یتصوروها حجّة على هذا التمییز قد أخطاوا خطأً کبیراً.

ولذا عقّب الله سبحانه على الجملة السابقة فوراً بقوله: (للرّجال نصیب ممّا اکتسبوا وللنساء نصیب ممّا اکتسبن ) أی لکلّ من الرجال والنساء نصیب من سعیه وجهده ومکانته سواء کانت مکانة طبیعیة (کالتفاوت والفرق بین جنسی الرجل والمرأة) أو غیر طبیعیة ناشئة عن التفاوت بسبب الجهود الإختیاریة.

إنّ الجدیر بالإلتفات هنا هو: إنّ لکلمة «الإکتساب» التی هی بمعنى التحصیل مفهوماً واسعاً یشمل الجهود الاختیاریة، کما یشمل ما یحصل علیه الإنسان بواسطة بنیانه الطبیعی.

ثمّ یقول: (واسألوا الله من فضله ) أی بدل أن تتمنوا هذا التفضیل والتفاوت اطلبوا من فضل الله واسألوا من لطفه وکرمه أن یتفضل علیکم من نعمه المتنوعة وتوفیقاته ومثوباته الطیبة، لتکونوا ـ بنتیجة ذلک ـ سعداء رجالا ونساء، ومن أی عنصر کنتم، وعلى کل حال

اطلبوا واسألوا ما هو خیرکم وسعادتکم واقعاً، ولا تتمنّوا ما هو خیال أو ما تتخیلونه (ولعلّ التعبیر بلفظة «من فضله» إشارة إلى المعنى الأخیر).

على أنّه من الواضح جدّاً أنّ طلب الفضل والعنایة الرّبانیة لیس بمعنى أن لا یسعى الإنسان فی الأخذ بأسباب کلّ شیء وعوامله، بل لابدّ من البحث عن فضل اللّه ورحمته من خلال الأسباب التی قرّرها وأرساها فی الکون.

(إنّ الله کان بکل شیء علیماً ) أی یعلم ما یحتاج إلیه نظام المجتمع وما یلزمه من الفروق سواء من الناحیة الطبیعیة أو الحقوقیة، ولهذا لا وجود للظلم والحیف ولا لأی شیء من التفاوت الظالم والتمییز غیر العادل فی أفعاله، کما أنّه تعالى خبیر بما فی بواطن الناس من الأسرار والخفایا والنوایا ویعلم من الذی یتمنّى الأمانی الخاطئة فی قلبه، ومن یتمنّى الأمانی الإیجابیة الصحیحة البنّاءة.

 

سبب النّزولالتفاوت الطبیعی بین النّاس لماذا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma