سلامة المجتمع ترتبط بسلامة الإقتصاد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 29 ـ 30 سورة النساء / الآیة 31

الآیة الاُولى من هاتین الآیتین تشکل ـ فی الحقیقة ـ القاعدة الأساسیة للقوانین الإسلامیة فی مجال المسائل المتعلقة «بالمعاملات والمبادلات المالیة» ولهذا یستدلّ بها فقهاء الإسلام فی جمیع أبواب المعاملات والمبادلات المالیة.

إنّ هذه الآیة تخاطب المؤمنین بقولها: (یا أیّها الذین آمنوا لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل ) وهذا یعنی أنّ أی تصرف فی أموال الغیر بدون حق أو بدون أی مبرر منطقی ومعقول، ممنوع ومحرم من وجهة نظر الإسلام، فقد أدرج الإسلام کل هذه الأمور تحت عنوان «الباطل» الذی له مفهوم واسع وکبیر.

والباطل کما نعلم یقابل «الحقّ» وهو شامل لکل ما لیس بحقّ وکلّ ما لا هدف له ولا أساس.

وفی آیات اُخرى من القرآن الکریم أکّد هذا المعنى بعبارات شبیهة بالعبارة المذکورة فی الآیة الحاضرة، فعندما یشنّع على الیهود ویذکر أعمالهم القبیحة یقول: (وأکلهم أموال الناس بالباطل ) (1) ویقول فی الآیة 188 من سورة البقرة ( لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل ) کمقدمة للنهی عن جرّ الناس إلى المحاکم وأکل أموالهم بحجج واهیة غیر منطقیة.

وعلى هذا الأساس یندرج تحت هذا العنوان الکلی کل لون من ألوان العدوان، والغش، وجمیع المعاملات الرّبویة، والمعاملات المجهولة الخصوصیات تماماً، وتعاطی البضائع التی لا فائدة فیها بحکم العقلاء، والتجارة بأدوات اللهو والفساد والمعصیة وما شاکل ذلک.

وتفسیر بعض الروایات کلمة «الباطل» بالقمار (2) والرّب (3) وما شابه ذلک إنّما هو فی الحقیقة من باب ذکر المصادیق الواضحة لهذا المفهوم، ولیس من باب الحصر والقصر.

ولعلّنا لا نحتاج إلى التذکیر بأنّ التعبیر بـ «الأکل» کنایة عن کل تصرف، سواء تمّ بصورة الأکل المتعارف أو اللبس، أو السکنى أو غیر ذلک، تعبیر رائج فی اللغة العربیة وغیر العربیة، غیر غریب على الاستعمال.

ثمّ إنّ الله سبحانه یقول معقباً على العبارات السابقة: (إلاّ أن تکون تجارة عن تراض منکم ).

وهذه العبارة استثناء من القانون الکلی، وهو بحسب الاصطلاح «استثناء منقطع» (4) وهو یعنی إنّ ما جاء فی هذا العبارة لم یکن مشمولا للحکم السابق من الأساس، بل قد ذکر تأکیداً وتذکیراً، فهو فی حدّ ذاته قانون کلی، وضابطة عامّة برأسها، لأنّه یقول: إلاّ أن یکون التصرف فی أموال الآخرین بسبب التجارة الحاصلة فی ما بینکم، والتی تکون عن رضا الطرفین.

فبناء على هذا تکون جمیع أنواع المعاملات المالیة والتبادل التجاری الرائج بین الناس ـ فی ما إذا تمّ برضا الطرفین وکان له وجه معقول ـ أمراً جائزاً من وجهة نظر الإسلام (إلاّ الموارد التی ورد فیها نهی صریح لمصالح خاصّة).

ثمّ إنّه تعالى ینهى فی ذیل هذه الآیة عن قتل الإنسان لنفسه إذ یقول: (ولا تقتلوا أنفسکم ) وظاهر هذه الجملة بقرینة قوله: (إنّ الله کان بکم رحیماً ) النهی عن الانتحار، یعنی أنّ الله الرحیم کما لا یرضى بأن تقتلوا أحداً، کذلک لا یسمح لکم ولا یرضى بأن تقتلوا أنفسکم بأیدیکم، وقد فسّرت الآیة الحاضرة فی روایات أهل البیت (علیهم السلام) بالانتحار أیض (5).

سؤال: وهنا یطرح سؤال وهو: أی ارتباط بین مسألة قتل الإنسان لنفسه، و«التصرف الباطل فی أموال الناس»؟

والجواب: إنّ الجواب على هذا السؤال واضح تماماً، وفی الحقیقة یشیر القرآن بذکر هذین الحکمین بصورة متتالیة إلى نکتة اجتماعیة مهمّة، وهی أنّ العلاقات الاقتصادیة فی المجتمع إذا لم تکن قائمة على أساس صحیح، ولم یتقدم الاقتصاد الاجتماعی فی الطریق السلیم، ووقع الظلم والتصرف العدوانی فی أموال الغیر أصیب المجتمع بنوع من الإنتحار، وآل الأمر إلى تصاعد حالات الانتحار الفردی مضافاً إلى الانتحار الجماعی الذی هو من آثار الانتحار الفردی ضمناً.

إنّ الحوادث والثورات التی تقع فی المجتمعات العالمیة المعاصرة خیر شاهد وأفضل دلیل على هذه الحقیقة، وحیث إنّ الله لطیف بعباده رحیم بخلقه فقد أنذرهم وحذرهم من مغبّة الأمر، وحثّهم على تجنب المبادلات الاقتصادیة المالیة غیر الصحیحة، وحذّرهم من أن الاقتصاد المریض یؤدّی بالمجتمع إلى السقوط والإنهیار، والفناء والإندحار.

کما حذّر قائلا: (ومن یفعل ذلک عدواناً وظلماً فسوف نصلیه (6) ناراً ) أی إنّ من یعصی هذه الأحکام ویتجاهل هذا التحذیر، ویأکل أموال الآخرین بالباطل ودون استحقاق، أو ینتحر بیدیه لم یصبه العذاب الإلیم فی الدنیا فحسب، بل ستصیبه نار الغضب الإلهی، وهذا أمر هیّن على الله: (وکان ذلک على الله یسیراً ).

 

 


1. النساء، 161.
2. وسائل الشیعة، ج 17، ص 166، 167.
3. تفسیر على بن ابراهیم قمی، ج 1، ص 136.
4. الاستثناء المنقطع یأتی ـ غالباً ـ لتأکید عمومیة الحکم العام، وهو أمر صادق فی المقام، هذا مضافاً إلى أنّه یکشف عن هذه الحقیقة، وهی أن تحریم التصرفات الباطلة لا یقفل علیکم أبواب الرزق والحیاة، بل فی إمکانکم أن تحققوا أهدافکم عن طریق التجارة المشروعة والکسب المباح شرعاً.
5. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 472.
6. «الصلی»یعنی فی الأصل الإقتراب إلى النار، ویطلق على التدفؤ والإحتراق والإکتواء بالنار أیضاً، وقد استعملت فی الآیة الحاضرة فی معنى الإحتراق بالنار.

 

سورة النساء / الآیة 29 ـ 30 سورة النساء / الآیة 31
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma