التّزوج بالإماء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 25 سورة النساء / الآیة 26 ـ 28

تعقیباً على الأبحاث السابقة المتعلقة بالزواج نزلت هذه الآیة تبیّن شروط التزویج بالإماء، فتقول أولا: (ومن لم یستطع منکم طول(1) أن ینکح المحصنات المؤمنات فمن ما ملکت أیمانکم من فتیاتکم المؤمنات ) أی من لم یجد قدرة مالیة على أن یتزوج بالحرائر من النساء المؤمنات، ولیس لدیه ما یقدر على مهرهنّ ونفقتهنّ، فإنّ له أن یتزوج ممّا ملکت أیمانکم من الإماء، فإنّ مهورهنّ أقل، ومؤنتهنّ أخفّ عادةً.

على أنّ المراد من الأَمة هنا هی أَمة الغیر، إذ لا یجوز لصاحب الأمة أن یتزوج بأمته ویتعامل معها کما یتعامل مع زوجته بشروط مذکورة فی الکتب الفقهیة.

کما أنّ التعبیر بـ «المؤمنات» فی الآیة یستفاد منه أنّه یجب أن تکون «الأمة» التی یراد نکاحها مسلمة حتى یجوز التزوج بها، وعلى هذا لا یصح التزوج بالإماء الکتابیات.

ثمّ إنّ الملفت للنظر فی المقام هو أنّ القرآن عبر عن الإماء بالفتیات جمع فتاة، هو مشعر عادة بالإحترام الخاص الذی یولی للنساء، وهی تستخدم غالباً فی الشّابات من الإناث.

ثمّ إنّ الله سبحانه عقّب على هذا الحکم بقوله: (والله أعلم بإیمانکم ) ویرید بذلک أنّکم لستم مکلّفین ـ فی تشخیص إیمان الإماء ـ إلاّ بالظاهر، وأمّا الباطن فالله هو الذی یعلم ذلک، فهو وحده العالم بالسرائر، والمطلع على الضمائر.

وحیث إنّ البعض کان یکره التزوج بالإماء ویستنکف من نکاحهنّ قال تعالى: (بعضکم من بعض ) أی إنّکم جمیعاً من أب واحد، واُمّ واحدة، فإذن یجب أن لا تستنکفوا من التزوج بالإماء اللاتی لا یختلفن من الناحیة الإنسانیة عنکم، واللائی یشبهنّ غیرهنّ من ناحیة القیمة المعنویة، فقیمتهنّ تدور مدار التقوى والإیمان لا غیر.

وخلاصة القون إنّ الإماء من جنسکم، وکلّکم کأعضاء جسم واحد.

نعم لابدّ أن یکون التزوج بالإماء بعد إذن أهلهنّ وإلاّ کان باطلا، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله: (فانکحوهن بإذن أهلهنّ ) والتعبیر عن المالک بالأهل إنّما هو للإشارة إلى أنّه لا یجوز التعامل مع الإماء على أنهنّ متاع أو بضاعة، بل یجب أن یکون التعامل معهنّ على أنهنّ من أعضاء العائلة، فلابدّ أن یکون تعاملا إنسانیاً کاملا.

ثمّ إنّه سبحانه قال: (وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف ) ومن هذه الجملة یستفاد أنّ الصّداق الذی یعطى لهنّ یجب أن یکون متناسباً مع شأنهن ومکانتهن، وأن یعطى المهر لهنّ، یعنی أن الامة تکون هی المالکة للصداق، وإن ذهب بعض المفسرین إلى أنّ فی الآیة حذفاً، أی إنّ الأصل هو (وآتوا مالکهنّ أجورهنّ)(2) غیر أنّ التّفسیر لا یوافق ظاهر الآیة، وإن کانت تؤیده بعض الروایات والأخبار.

هذا ویستفاد أیضاً من ظاهر الآیة أنّه یمکن للعبید والإماء أن یملکوا ما یحصلون علیه بالطرق المشروعة.

کما یستفاد من التعبیر بـ «المعروف» أنّه لا یجوز أن تظلم الإماء فی تعیین مقدار المهر، بل هو حقهنّ الطبیعی الحقیقی الذی یجب أن یعطى إلیهنّ بالقدر المتعارف.

ثمّ إنّ الله سبحانه ذکر شرطاً آخر من شروط هذا الزواج، وهو أن یختار الرجل للزواج العفائف الطاهرات من الإماء اللائی لم یرتکبن البغاء إذ قال: (محصنات ) سوآءً بصورة علنیة (غیر مسافحات ) أو بصورة خفیة (ولا متخذات أخذان ) (3) أی أصدقاء وأخلاء فی السرّ.

سؤال: ویمکن أن یرد هنا سؤال هو أنّ النهی عن الزنا بلفظة (غیر مسافحات ) تکفی وتغنی عن النهی عن اتّخاذ الأخدان، فلماذا الوصف الثانی أیضاً؟

والجواب: ویجاب على هذا: بأنّ البعض ـ فی عهد الجاهلیة ـ کان یرى أنّ المذموم فقط هو الزنا العلنی والسفاح الظاهر، وأمّا اتّخاذ الأخلاء والرفاق أو الرفیقات فی السرّ فلا بأس به، وبهذا یتّضح سبب ذکر القرآن وتصریحه بکلا النوعین.

ثمّ إن الله سبحانه قال: (فإذا أحصنّ فإن أتین بفاحشة فعلیهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ).

وتتضمن الآیة بحثاً حول عقوبة الإماء إذا خرجن عن جادة العفة والطهر، وذلک بعد أن ذکر قبل هذا بعض أحکام الزواج بالإماء، وبعض الأحکام حول حقوقهنّ.

والحکم المذکور فی هذا المجال هو أنّ الإماء إذا زنین فجزاؤهنّ نصف جزاء الحرائر إذا زنین، أی خمسون جلدة.

ثمّ إنّ هاهنا نقطة جدیرة بالإنتباه هی أنّ القرآن الکریم یقول فی هذا المقام (إذا أحصنّ )فیکون معناه أنّ الجزاء المذکور إنّما یترتب على زنا الأمة إذا أحصنت، فماذا یعنی ذلک؟

لقد احتمل المفسّرون هنا احتمالات عدیدة، فبعضهم ذهب إلى أنّ المراد هو الأمة ذات بعل (وذلک حسب الإصطلاح الفقهی المعروف والآیة السابقة).

وذهب آخرون إلى أنّ المراد هی الأمة المسلمة، بید أن تکرار لفظة المحصنة مرّتین فی الآیة یقضی بأن یکون المعنى واحداً فی المقامین، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى فإن جزاء النساء المحصنات هو الرجم لا الجلد، فیتّضح أنّ التّفسیر الأوّل وهو تفسیر المحصنة بالأَمة ذات بعل غیر مقبول، کما أنّ التّفسیر الثّانی وهو کون المراد من المحصنة هو المسلمة لیس له ما یدل علیه.

 

فالحقّ هو أنّ مجیء لفظة (المحصنات ) فی القرآن الکریم بمعنى المرأة العفیفة الطاهرة ـ على الأغلب ـ یجعل من القریب إلى النظر أن تکون لفظة المحصنة هنا فی الآیة الحاضرة مشیرة إلى هذا المعنى نفسه، فیکون المراد أنّ الإماء اللاتی کن یرتکبن الفاحشة بضغط وإجبار من أولیائهنّ لا یجری علیهنّ الحکم المذکور (أی الجلد)، أمّا الإماء اللاّتی لم یتعرضن للضغط والإجبار، ویمکنهنّ أن یعشن عفیفات نقیات، فإنّهنّ إذا أتین بالفاحشة عوقبن کما تعاقب الحرائر وإن کانت عقوبة هذا النوع من الإماء على النصف من حدّ الحرائر فی الزنا.

ثمّ قال سبحانه معقباً على الحکم السابق: (ذلک لمن خشی العنت منکم ) و«العنت» (على وزن سند) یقال فی الأصل للعظم المجبور ـ بعد الکسر ـ إذا أصابه ألم وکسر آخر فهضّه قد أعنته، لأنّ هذا النوع من الکسر مؤلم جدّاً، ولهذا یستعمل فی المشاکل الباهظة والأعمال المؤلمة.

ویقصد الکتاب العزیز من العبارة الحاضرة أنّ الزواج بالإماء إنّما یجوز لمن یعانی من ضغط شدید بسبب شدّة غلبة الغریزة الجنسیة علیه ولم یکن قادراً على التزوج بالحرائر من النساء، وعلى هذا الأساس لا یجوز الزواج بالإماء لغیر هذه الطائفة.

ویمکن أن تکون فلسفة هذا الحکم فی أنّ الإماء خاصّة فی تلک العهود لم یحظین بتربیة جیدة، ولهذا کنّ یعانین من نواقص خلقیة ونفسیة وعاطفیة، ومن الطبیعی أن یتّخذ الأطفال المتولدون من هذا الزواج صفة الاُمهات ویکتسبوا خصوصیاتهنّ الخلقیة، ولهذا السبب طرح الإسلام طریقة دقیقة لتحریر العبید تدریجاً حتى لا یبتلوا بهذا المصیر السیء، وفی نفس الوقت فسح للأرقاء أنفسهم أن یتزوجوا فیما بینهم.

نعم، هذا الموضوع لا یتنافى مع وضع بعض الإماء اللائی حظین بوضع استثنائی وخاص من الناحیة الخلقیة والتربویة، فالحکم المذکور أعلاه یرتبط بأغلبیة الإماء، وکون بعض اُمهات الأئمّة، من أهل البیت النبوی (علیهم السلام) من الإماء هو من هذه الجهة، ولکن لابدّ من الإنتباه إلى أنّ ما قیل فی مجال الإماء من «المنع فی غیر الضرورة» هو الزواج بهنّ، لا نکاحهنّ بسبب الملک، فإنّه لا مانع منه حتى فی غیر الضرورة.

ثمّ عقّب سبحانه على ذلک بقوله: (وإن تصبروا خیر لکم ) أی إن صبرکم عن التزوج بالإماء ما استطعتم وما لم تقعوا فی الزنا خیر لکم ومن مصلحتکم: (والله غفور رحیم ) أی یغفر الله لکم ما تقدم منکم بجهل أو غفلة فهو رحیم بکم.


1. «الطول» على وزن «نوع» مأخوذ من «الطول» على وزن «النور» بمعنى القدرة والإمکانیة المالیة وما شابه ذلک.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
3.«الأخدان» جمع «خدن» وهی بمعنى الرفیق والخل فی الأصل، ولکنّها تستعمل عادة فی الأشخاص الذین یقیمون علاقات جنسیة غیر مشروعة مع الجنس الآخر، ولابدّ أن نعرف أنّ القرآن أطلق لفظة الخدن على المرأة کما أطلقها على الرجل.

 

سورة النساء / الآیة 25 سورة النساء / الآیة 26 ـ 28
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma