1ـ هل نسخ هذا الحکم؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
الزّواج المؤقت فی الإسلام2ـ الزّواج المؤقت ضرورة إجتماعیة

لقد إتفق عامّة علماء المسلمین، بل قامت ضرورة الدین على أنّ الزواج المؤقت (المتعة) کان أمراً مشروعاً فی صدر الإسلام (والکلام حول دلالة الآیة الحاضرة على مشروعیة المتعة لا ینافی قطعیة وجود أصل الحکم لأنّ المخالفین یرون ثبوت مشروعیة هذا الحکم فی السنة النبویة)، بل کان المسلمون فی صدر الإسلام یعملوا بهذا الحکم، والعبارة المعروفة المرویة عن عمر: «متعتان کانتا على عهد رسول الله وأنا محرمهما ومعاقب علیهما، متعة النساء ومتعة الحج»(1) دلیل واضح على وجود هذا الحکم فی عصر النّبی(صلى الله علیه وآله)، غایة ما فی الأمر أنّ من خالف هذا الحکم إدعى أنّه قد نسخ فی ما بعد، وحرم هذا النوع من الزواج.

ولکن الملفت للنظر هو أنّ الروایات الناسخة لهذا الحکم التی ادعوها مضطربة اضطراباً کبیراً، فبعضها یقول: إنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) نفسه هو الذی نسخ هذا الحکم، وعلى هذا یکون الناسخ لهذا الحکم القرآنی هو السنّة النبویة، وبعضها یقول: إنّ ناسخه هو آیة الطلاق إذ یقول سبحانه: (إذا طلقتم النساء فطلقوهنّ لعدّتهن ) فی حین أنّ هذه الآیة لا ترتبط بالمسألة المطروحة فی هذا البحث لأنّ هذه الآیة تبحث فی الطلاق، فی حین أن الزواج المؤقت (أو المتعة) لا طلاق فیه، والإفتراق بین الطرفین فی هذا الزواج یتمّ بانتهاء المدّة المقررة.

إنّ القدر المتیقن فی المقام هو أن أصل مشروعیة هذا النوع من الزواج فی زمن النّبی(صلى الله علیه وآله)أمر قطعی ومفروغ عنه، ولیس ثمّة أی دلیل یمکن الاطمئنان إلیه ویثبت نسخ هذا الحکم، ولهذا فلابدّ من أن نحکم ببقاء هذا الحکم، بناء على ما هو مقرر وثابت فی علم الأصول.

والعبارة المشهورة المرویة عن «عمر» خیر شاهد على هذه الحقیقة، وهی أنّ هذا الحکم لم ینسخ فی زمن رسول الله(صلى الله علیه وآله)... وإلخ.

ثمّ إن من البدیهی أنّه لا یحق لأحد إلاّ النّبی(صلى الله علیه وآله) أن ینسخ الأحکام، فهو وحده یحق له ـ وبأمر من الله سبحانه وإذنه ـ أن ینسخ بعض الأحکام، وقد سد باب نسخ الأحکام بعد وفاة النّبی تماماً، وإلاّ لاستطاع کل واحد أن ینسخ شیئاً من الأحکام الإلهیّة حسب اجتهاده ومزاجه، وحینئذ لا یبقى شیء من الشریعة الخالدة الأبدیة، وهذا مضافاً إلى أنّ الإجتهاد فی مقابل النص النّبوی لا ینطوی على أیة قیمة أبداً.

والملفت للنظر أننا نقرأ فی صحیح الترمذی الذی هو من صحاح أهل السنّة المعروفة، وکذا عن الدارقطنی أنّ رجلا من أهل الشام سأل «عبد الله بن عمر» عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال ابن عمر: حسن جمیل، قال: فإنّ أباک کان ینهى عنها، فقال: ویلک فإن کان أبی نهى عنها وقد فعله رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأمر به أفبقول أبی آخذ، أم بأمر رسول الله(صلى الله علیه وآله) قم عنّی(2).

وقد ورد نظیر هذا الحدیث وبنفس الصورة التی قرأتها حول زواج المتعة عن «عبد الله بن عمر» فی صحیح الترمذی(3).

وجاء فی کتاب «المحاضرات» للراغب أنّ رجلا من المسلمین کان یفعلها (أی المتعة) فقیل له: عمّن أخذت حلّها؟ فقال: عن عمر، فقالوا: کیف ذلک وعمر هو الذی نهى عنها وعاقب على فعلها؟ فقال: لقوله: متعتان کانتا على عهد رسول الله، وأنا أحرمهما وأعاقب علیهما متعة الحج ومتعة النساء، فأنا أقبل روایته فی شرعیتها على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وما أقبل نهیه من قبل نفسه(4).

ثمّ إن هناک مطلباً آخر لابدّ أن نذکّر به هنا، وهو أن الذین ادّعوا نسخ هذا الحکم (أی انتساخه) قد واجهوا مشکلات عدیدة، منها أنّه صرّح فی روایات عدیدة فی مصادر أهل السنة بأنّ هذا الحکم لم ینسخ فی عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) أبداً، بل نهی عنه فی عهد عمر، وعلى هذا یجب على مدعی النسخ أن یجیبوا على هذه الروایات البالغة ـ عدداً ـ عشرین روایة، جمعها العلاّمة الأمینی(رحمه الله) مفصلة فی الجزء السادس من «الغدیر» وها نحن نشیر إلى نموذجین منها:

روی فی صحیح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاری أنّه کان یقول: کنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقیق الأیّام على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأبی بکر حتى ـ ثمّ ـ نهى عنه عمر فی شأن عمرو بن حریث(5).

وفی حدیث آخر فی کتاب «الموطأ» لمالک و«السنن الکبرى» للبیهقی روی عن «عروة بن زبیر» إنّ خولة بنت حکیم دخلت على عمر بن الخطاب رضی الله عنه فقالت: إنّ ربیعة بن أمیّة استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر رضی الله عنه یجرّ رداءه فزعاً فقال: هذه المتعة لو کنت تقدمت فیه لرجمته، (أی أمنع منها من الآن)(6).

وفی کتاب «بدایة المجتهد» تألیف «ابن رشد الأندلسی» نقرأ أیضاً أنّ جابر بن عبد الله الأنصاری کان یقول: تمتعنا على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) وأبی بکر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى عنها عمر الناس(7).

والمشکلة الاُخرى هی أنّ الروایات التی تتحدث عن نسخ حکم المتعة فی عهد رسول الله مضطربة ومتناقضة جدّاً، فبعضها یقول نسخ فی خیبر وبعضها یقول: نسخ یوم فتح مکّة، وبعض یقول: فی معرکة تبوک وآخر یقول: یوم أوطاس وما شابه ذلک، ومن هنا یتبیّن إنّ هذه الأحادیث المشیرة إلى النسخ موضوعة برمتها لما فیها من التناقض البیّن والتضارب الواضح.

من کل ما قلناه اتّضح أنّ ما کتبه صاحب تفسیر المنار حیث قال: «وقد کنّا قلنا فی (محاورات المصلح والمقلد) التی نشرت فی المجلدین الثالث والرابع من المنار أنّ عمر نهى عن المتعة اجتهاداً منه وافقه علیه الصحابة ثمّ تبیّن لنا أنّ ذلک خطأ فنستغفر الله منه»(8).

إنّه حدیث العصبیة لأنّ هناک فی مقابل الرّوایات المتضاربة المتناقضة التی تتحدث عن انتساخ حکم المتعة فی عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) روایات تصرّح باستمرار المسلمین على ممارسة هذا الأمر (أی المتعة) إلى عهد عمر، وعلى هذا لیس المقام مقام الإعتذار ولا الاستغفار، فالشواهد التی ذکرناها سابقاً تشهد بأنّ کلامه الأوّل مقترن بالحقیقة ولیس کلامه الثّانی کذلک.

ولا یخفى أنّه لا «عمر» ولا أی شخصیة اُخرى حتى أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) وهم خلفاء النّبی(صلى الله علیه وآله) بقادرین على نسخ أحکام ثبتت فی عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) بل لا معنى للنسخ ـ أساساً ـ بعد وفاة النّبی(صلى الله علیه وآله) وانسداد باب الوحی وانقطاعه، وحملهم کلام «عمر» على الاجتهاد مثیر للعجب، لأنّه من «الاجتهاد» فی مقابل «النص».

وأعجب من ذلک أنّ جماعة من فقهاء السنّة اعتبروا الآیات المرتبطة بأحکام الزواج مثل الآیة 6 من سورة المؤمنین ناسخة لآیة المتعة، وکأنّهم تصوّروا أن زواج المتعة لیس زواجاً أصلا، فی حین أنّه أحد أقسام الزواج.


1. تفسیر کنز العرفان، ج 2، ص 158; تفسیر القرطبی، ج 2، ص 365، ذیل الآیة 196 من سورة البقرة.
2. المراد من متعة الحج التی حرّمها عمر هو لو أنّنا صرفنا النظر عن حج التمتع، فإن حج التمتع عبارة عن الأمر التالی: إنّ یحرم الشخص أوّلا، ثمّ بعد الإتیان بمناسک «العمرة» یخرج من احرامه (فیحلّ له کل شیء حتى الجماع) ثمّ یحرم من جدید لیؤدّی مناسک الحج من تاسع ذی الحجّة، وقد کان الناس فی الجاهلیة یبطلون هذا العمل ویستغربون ممن یدخل مکّة أیام الحج ثمّ یأتی بالعمرة ویخرج من إحرامه قبل أن یأتی بالحج، ولکن الإسلام أباح هذا وقد صرّح بهذا الأمر فی الآیة 186 من سورة البقرة.
3. شرح اللمعة الدمشقیة، ج 2، کتاب النکاح.
4. تفسیر کنز العرفان، ج 2، ص 159 الهامش.
5. الغدیر، ج 6، ص 205 و206.
6. الغدیر، ج 1، ص 210; وکنزالعمال، ج 16، ص 520.
7. بدایة المجتهد، ج 2، ص 47، کتاب النکاح.
8. تفسیر المنار، ج 5، ص 16.

 

الزّواج المؤقت فی الإسلام2ـ الزّواج المؤقت ضرورة إجتماعیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma