تحریم الزّواج بالمحارم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 23 سورة النساء / الآیة 24

فی هذه الآیة أشار سبحانه إلى النساء اللاتی یحرم نکاحهنّ والزواج بهنّ، ویمکن أن تنشأ هذه الحرمة من ثلاث طرق أو أسباب وهی:

الولادة التی یعبّر عنها بالإرتباط النّسبی.

الزّواج الذی یعبّر عنه بالإرتباط السّببی.

الرّضاع الذی یعبّر عنه بالإرتباط الرّضاعی.

وقد أشار فی البدایة إلى النساء المحرمات بواسطة النّسب وهنّ سبع طوائف إذ یقول (حرمت علیکم اُ مهاتکم وبناتکم وأخواتکم وعماتکم وخالاتکم وبنات الأخ وبنات الاُخت ).

ویجب التّنبیه إلى أنّ المراد من «الاُمّ» لیس هی التی یتولد منها الإنسان دونما واسطة فقط، بل یشمل الجدّة من ناحیة الأب ومن ناحیة الاُمّ وإن علون، کما أنّ المراد من البنت لیس هو البنت بلا واسطة، بل تشمل بنت البنت وبنت الابن وأولادهما وإن نزلن، وهکذا الحال فی الطوائف الخمس الاُخرى.

ومن الواضح جدّاً أنّ الإنسان یبغض النکاح والزواج بهذه الطوائف من النسوة، ولهذا تحرّمه جمیع الشعوب والجماعات (إلاّ من شذ وهو قلیل)، وحتى المجوس الذین کانوا یجوزون هذا النوع من النکاح فی مصادرهم الأصلیة ینکرونه ویشجبونه الیوم، وإن حاول البعض أن یردّ هذه المبغوضیة إلى العادة والتقلید القدیم، ولکن عمومیة هذا القانون وشیوعه لدى جمیع أفراد البشر وطوائفه وفی جمیع القرون والأعصار تحکی ـ عادة ـ عن فطریة هذا القانون، لأن التقلید والعادة لا یمکن أن یکون أمراً عامّاً ودائمیاً.

هذا مضافاً إلى أنّ هناک حقیقة ثابتة الیوم، وهی أنّ الزواج بین الأشخاص ذوی الفئة المشابهة من الدم ینطوی على أخطار کثیرة، ویؤدّی إلى انبعاث أمراض خفیة وموروثة، وتشددها وتجددها (لأنّ هذا النوع من الزواج یولد هذه الأمراض، بل یساعدها على التشدد والتجدد والإنتقال) إلى درجة أنّ البعض لا یستحسن حتى الزواج بالأقرباء البعیدین (فضلا عن المحارم المذکورة هنا) مثل الزواج الواقع بین أبناء وبنات العمومة(1)ویرون أنّه یؤدّی هو الآخر أیضاً إلى أخطار تصاعد الأمراض الوارثیة.

إلاّ أنّ هذا النوع من الزواج إذا لم یسبب أیة مشکلة لدى الأقرباء البعیدین (کما هو الغالب) فإنّه لا شک یسبب مضاعفات خطیرة لدى الأقرباء القریبین الذین تشتدّ عندهم ظاهرة وحدة الدم وتشابهه.

هذا مضافاً إلى ضعف الرغبة الجنسیة والتجاذب الجنسی لدى المحارم عادة، لأنّ المحارم ـ فی الأغلب ـ یکبرون معاً، ویشبّون معاً، ولهذا لا ینطوی الزواج فیما بینهم على عنصر المفاجأة وصفة العلاقة الجدیدة، لأنّهم تعودوا على التعامل فیما بینهم، فلا یکون أحدهم جدیداً على الآخر، بل العلاقة لدیهم علاقة عادیة ورتیبة، ولا یمکن أن یکون بعض الموارد النادرة مقیاساً لإنتزاع القوانین الکلیة العامّة أو سبباً لنقض مضاداتها، ونحن نعلم أنّ التجاذب الجنسی شرط أساسی لدوام العلاقة الزوجیة واستمرار الرابطة العائلیة، ولهذا إذا تمّ التزواج بین المحارم فإنّ الرابطة الزوجیة الناشئة من هذا الزواج ستکون رابطة ضعیفة مهزوزة وقصیرة العمر.

(واُ مهاتکم اللاتی أرضعنکم وأخواتکم من الرّضاعة )

یشیر الله سبحانه فی هذه الآیة إلى المحارم الرّضاعیة والقرآن وإن اقتصر فی هذا المقام على الإشارة إلى طائفتین من المحارم الرضاعیة، وهی الاُم الرضاعیة والاُخت الرضاعیة فقط، إلاّ أنّ المحارم الرضاعیة ـ کما یستفاد من روایات عدیدة ـ لا تنحصر فی من ذکر فی هذه الآیة، بل تحرم بالرّضاعة کل من یحرمن من النساء بسبب «النسب» کما یصرّح بذلک الحدیث المشهور المروی عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) «یحرم من الرّضاع ما یحرم من النّسب»(2).

على أن بیان مقدار الرّضاع الموجب للحرمة والشروط والکیفیة المعتبرة فیه، وغیر ذلک من التفاصیل والخصوصیات متروک للکتب الفقهیة.

وفلسفة حرمة الزواج بالمحارم الرضاعیة هی، أن نشوء ونبات لحم المرتضع وعظمه من لبن إمرأة معینة تجعله بمثابة إبنها الحقیقی، فالمرأة التی ترضع طفلا مقداراً معیناً من اللبن ینشأ وینبت معه ومنه للطفل لحم وعظم، فإنّ هذا النوع من الرضاع یجعل الطفل شبیهاً بأبنائها وأولادها لصیرورته جزء من بدنها کما هم جزء من بدنها، فإذا هم جمیعاً (أی الأخوة الرضاعیون والأخوة النسبیون کأنّهم اُخوة بالنسب.

ثمّ إنّ اللّه سبحانه یشیر ـ فی المرحلة الأخیرة ـ إلى الطائفة الثالثة من النسوة اللاتی یحرم الزواج بهنّ ویذکرهنّ ضمن عدّة عناوین:

(واُ مهات نسائکم ) یعنی أنّ المرأة بمجرّد أن تتزوج برجل ویجری عقد النکاح بینهما تحرم اُمها واُم اُمها وإن علون على ذلک الرجل.

(وربائبکم اللاّتی فی حجورکم من نسائکم اللاّتی دخلتم بهنّ ) یعنی أنّ مجرّد العقد على إمرأة لا یوجب حرمة نکاح بناتها من زوج آخر على زوجها الثّانی، بل یشترط أن یدخل بها أیضاً مضافاً على العقد علیها.

إنّ وجود هذا القید فی هذا المورد (دخلتم بهنّ ) یؤید کون حکم اُمّ الزوجة الذی مرّ فی الجملة السابقة (وأ مهات نسائکم ) غیر مشروط بهذا الشرط، وبعبارة اُخرى إن هذا القید هنا یؤید ویؤکّد إطلاق الحکم هناک، فتکون النتیجة أنّه بمجرّد العقد على إمرأة تحرم اُمّ تلک المرأة على الرجل وإن لم یدخل بتلک المرأة، لخلو ذلک الحکم من القید المشروط هنا فی مورد الرّبیبة.

ثمّ إنّ قید (فی حجورکم ) وإن کان ظاهره یفهم منه أنّ بنت الزوجة من زوج آخر إذا لم ترب فی حجر الزوج الثّانی لا تحرم علیه، ولکن هذا القید بدلالة الروایات، وقطعیة هذا الحکم ـ لیس قیداً احترازیاً ـ بل هو فی الحقیقة إشارة إلى نکتة التحریم ـ لأن أمثال هذه الفتیات اللاتی تقدم اُمّهاتها على زواج آخر، هنّ فی الأغلب فی سنین متدنیة من العمر، ولذلک غالباً ما یتلقین نشأتهنّ وتربیتهنّ فی حجر الزوج الجدید مثل بناته، فالآیة تقول إن بنات نسائکم من غیرکم کبناتکم أنفسکم، فهل یتزوج أحد بابنة نفسه؟ واختیار وصف الربائب التی هی جمع الرّبیبة (لتربیة الزوج الثانی إیّاها فهی مربوبته) إنّما هو لأجل هذا.

ثمّ یضیف سبحانه لتأکید هذا المطلب عقیب هذا القسم قائلا: (فإن لم تکونوا دخلتم بهنّ فلا جناح علیکم ) أی إذا لم تدخلوا باُمّ الرّبیبة جاز لکم نکاح بناتهنّ.

(وحلائل(3) أبنائکم الذین من أصلابکم ) والمراد من حلائل الأبناء زوجاتهم، وأمّا التعبیر بـ «من أصلابکم» فهو فی الحقیقة لأجل أنّ هذه الآیة تبطل عادة من العادات الخاطئة فی الجاهلیة، حیث کان المتعارف فی ذلک العهد أن یتبنى الرجل شخصاً ثمّ یعطی للشخص المتبنی کل أحکام الولد الحقیقی، ولهذا کانوا لا یتزوجون بزوجات هذا النوع من الأبناء کما لا یتزوجون بزوجة الولد الحقیقی تماماً، والتبنی والأحکام المرتبة علیها لا أساس لها فی نظر الإسلام.

(وأن تجمعوا بین الاُختین ) یعنی أنّه یحرم الجمع بین الاُختین فی العقد، وعلى هذا یجوز الزواج بالاُختین فی وقتین مختلفین وبعد الإنفصال عن الاُخت السابقة.

وبما إنّ الزواج باُختین فی وقت واحد کان عادة جاریة فی الجاهلیة، وکان ثمّة من إرتکبوا هذا العمل فإن القرآن عقب على النهی المذکور بقوله: (إلاّ ما قد سلف ) یعنی أنّ هذا الحکم کالأحکام الاُخرى لا یشمل الحالات السابقة، فلا یؤاخذهم الله على هذا الفعل وإن کان یجب علیهم أن یختاروا إحدى الاُختین، ویفارقوا الاُخرى، بعد نزول هذا الحکم.

یبقى أن نعرف أنّ سرّ تحریم هذا النمط من الزواج (أی التزوج باُختین فی وقت واحد) فی الإسلام لعلّه أن بین الاُختین بحکم ما بینهما من نسب ورابطة طبیعیة ـ علاقة حبّ ومودّة، فإذا أصبحتا متنافستین فی ظل الإنتماء إلى زوج واحد لم یمکنهما الحفاظ على تلک المودّة والمحبّة والعلاقة الودیة بطبیعة الحال، وبهذه الصورة یحدث هناک تضاد عاطفی فی وجود کل من الاُختین یضرّ بحیاتهما، لأن کلّ واحدة منهما ستعانی حینئذ وبصورة دائمیة من صراع حالتین نفسیتین متضادتین هما دافع الحب، وغریزة التنافس، وهو صراع نفسی مقیت ینطوی على مضاعفات خطیرة لا تحمد عقباها.

ثمّ إنّ بعض المفسّرین احتمل أن تعود جملة (إلاّ ما قد سلف ) إلى کل المحارم من النسوة اللاّتی مرّ ذکرهنّ فی مطلع الآیة فیکون المعنى: إذا کان قد أقدم أحد فی الجاهلیة على التزوج بإحدى النساء المحرم علیه نکاحهنّ لم یشمله حکم تحریم الزواج بهنّ هذا، وکان ما نتج من ذلک الزواج الذی حرم فی ما بعد من الأولاد شرعیین، وإن وجب علیهم بعد نزول هذه الآیة أن یتخلوا عن تلکم النساء، ویفارقوهنّ.

وتناسب خاتمة هذه الآیة أعنی قوله سبحانه وتعالى: (إنّ الله کان غفوراً رحیماً ) هذا المعنى الأخیر.


1. طبعاً إنّ الإسلام لم یحرّم التزاوج بین أبناء وبنات العمومة، لأنّ هذا النوع من التزاوج لیس مثل الزواج بالمحارم فی الخطورة، واحتمال ظهور مثل هذه الحوادث الخطیرة فی هذا النوع من الزواج أقل، وقد لاحظنا بأنفسنا موارد ونماذج عدیدة من نتائج هذا النوع من الزواج حیث یکون الأولاد ـ فی هذه الحالة ـ أکثر سلامة وأفضل فکراً وموهبة من غیرهم.
2. اصول الکافی، ج 5، ص 437، 442.
3. «الحلائل» جمع «الحلیلة»، وهی من مادة «حل»، وهی بمعنى المحللة، أی المرأة التی تحل للإنسان، أو من مادة حلول معنى المرأة التی تسکن مع الرجل فی مکان واحد وتکون بینهما علاقة جنسیة، لأنّ کل واحد منهما یحل مع الآخر فی الفراش.

 

سورة النساء / الآیة 23 سورة النساء / الآیة 24
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma