الوجه الحقیقی لأفعال البشر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة النساء / الآیة 10 سورة النساء / الآیة 11 ـ 12

لقد ذکرنا فی مطلع هذه السّورة أن آیات هذه السورة نزلت لبناء مجتمع صالح وسلیم، ولهذا تسعى آیاتها فی تطهیر المجتمع من الرواسب الجاهلیة وما تبقّى فی نفوس بعض المسلمین الحدیثی العهد بالإسلام من العادات السیئة أوّلا، لتتهیأ الأرضیة لإقامة ذلک المجتمع الصالح المنشود.

وأیة عادة ترى أقبح من أکل أموال الیتامى؟ ولهذا ابتدأت هذه السورة بعبارات شدیدة النکیر على من یتصرف فی أموال الیتامى تصرفاً غیر مشروع، وغیر صحیح، والآیة الحاضرة هی أوضح هذه العبارات.

تقول هذه الآیة: (إنّ الذین یأکلون أموال الیتامى ظُلماً إنّما یأکلون فی بطونهم ناراً ).

ولقد ورد نظیر هذه العبارة فی موضع آخر من القرآن الکریم وذلک فی شأن الذین یکتمون الحق، ویحرفون الکلم عن مواضعها لتحقیق بعض المکاسب المادیة الشخصیة إذ یقول سبحانه عنهم: (إنّ الذین یکتمون ما أنزل الله من الکتاب ویشترون به ثمناً قلیلا اُولئک ما یأکلون فی بطونهم إلاّ النّار ) (1).

ثمّ إنّه سبحانه یقول فی بیان نتیجة أکل أموال الیتامى: (وسیصلون سعیراً ).

و«یصلى» من «الصلی» بمعنى الدخول فی النار والإحتراق بلهیبها، وأمّا «السعیر» فبمعنى النار المشتعلة.

ویقصد القرآن من هذه الجملة إنّ الذین یأکلون أموال الیتامى مضافاً إلى أنّهم یأکلون النار ـ فی الحقیقة ـ فی هذه الدنیا سیدخلون عمّا قریب ناراً مشتعلة الأوار وحارقة اللّهب فی الدار الآخرة.

ویستفاد من هذه الآیة أنّ لأعمالنا مضافاً إلى وجهها الظاهری وجهاً واقعیاً أیضاً، وجهاً مستوراً عنّا فی هذه الدنیا، لا نراه بعیوننا هنا، ولکنّه یظهر فی العالم الآخر، وهذا الأمر هو ما یشکل مسألة تجسّم الأعمال المطروحة فی المعتقدات الإسلامیة.

إنّ القرآن یصرح فی هذه الآیة بأنّ الذین یأکلون أموال الیتامى ظُلماً وجوراً، وإن کان الوجه الظاهری لفعلهم هذا هو الأکل من الأطعمة اللذیذة الملونة، ولکن الوجه الواقعی لهذه الأغذیة هو النار المحرقة الملتهبة، وهذا الوجه هو الذی یظهر ویتجلّى على حقیقته فی عالم الآخرة.

إنّ بین الوجه الواقعی للعمل والکیفیة الظاهریة للعمل تناسباً وتشابهاً دائماً، فکما أنّ أکل مال الیتیم وغصب حقوقه یحرق فؤاد الیتیم، ویؤذی روحه، فکذا یکون الوجه الواقعی للعمل ناراً محرقة.

إنّ الإنتباه إلى هذا الأمر (أی الوجه الحقیقی الواقعی لکل عمل) خیر رادع للذین یؤمنون بهذه الحقائق، کیما لا یرتکبوا المعاصی ولا یقترفوا الذنوب، فهل یوجد ثمّة من یحب أن یأخذ بیدیه قبسات من النار، ویضعها فی فمه ویبتلعها؟

إنّه من غیر الممکن ـ والحال هذه ـ أن یقدم المؤمنون على أکل مال الیتیم ظلماً، ولو أنّنا وجدنا ثمّة من لا یقدم على هذا الفعل، بل ولا یفکر فی المعصیة أبداً (کالأولیاء)، فلأنّهم یرون ـ بفضل ما لدیهم من الإیمان والعلم، وما حصلوا علیه من تربیة خلقیة ـ حقائق الأفعال البشریة ووجوهها الواقعیة، فلا یفکرون فی إقتراف هذه الأعمال السیئة، فضلا عن الهمّ باقترافها.

إنّ الطفل الجاهل هو الذی یمکن أن یسحره ویجذبه جمال الجذوات المتقدمة وألسنة اللهب المندفعة منها فیمد یده إلیها، ولکن الإنسان العاقل الذی جرّب حرارة النار وذاق ألمها، کیف یمکن أن یفکر یوماً بذلک؟!

هذا ولقد وردت أحادیث کثیرة تنهى بشدّة عن أکل مال الیتیم والعدوان على حقوقه، وتؤکّد على أنّها کبیرة موبقة، بل وتعتبر أبسط الأعمال من هذا النوع مشمولا لهذا الحکم الصارم وموضوعاً لهذه العقوبة القاسیة.

ففی حدیث عن الإمام الصادق أو الإمام الباقر (علیه السلام) لما سئل فی کم یجب لأکل مال الیتیم من النار؟ قال: فی درهمین (2).

 


1. البقرة، 174.
2. تفسیر البرهان، ج 2، ص 31، ذیل الآیة مورد البحث.

 

سورة النساء / الآیة 10 سورة النساء / الآیة 11 ـ 12
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma