2ـ تعدد الزّوجات ضرورة إجتماعیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
1ـ ما هو المقصود من العدل بین الزوجات؟ سورة النساء / الآیة 4

لقد أجازت الآیة الحاضرة تعدد الزوجات (ولکن بشرائط ثقیلة وفی حدود معینة) وقد أثارت هذه الإباحة جماعة، فانطلقوا یوجّهون إلیها الاعتراضات والإشکالات، وتعرض هذا القانون الإسلامی لهجمة کبیرة من المعارضین الذین تسرعوا فی إصدار الحکم عن هذا القانون الإسلامی متأثرین بالأحاسیس، ودون أن یتناولوه بالدرس والتمحیص، والتأمل والتحقیق. وکان الغربیون أکثر هذه الجماعة معارضة لهذا القانون وهجوماً علیه، متسائلین: کیف یجوز للإسلام أن یسمح للرجال أن یقیموا لأنفسهم حریماً ویتخذوا زوجات متعددة على نحو ما کان شائعاً فی الجاهلیة؟

کلاّ، إنّ الإسلام لم یسمح لأحد بأن یقیم حریماً بالمعنى الذی تصورتم، ولا أنّه أباح تعدد الزوجات دون قید أو شرط، ودون حدّ أو قانون.

ولتوضیح هذه الحقائق نقول: إنّ دراسة البیئات المختلفة قبل الإسلام تکشف لنا أنّ تعدد الزوجات دونما تحدید بعدد معین کان أمراً عادیاً وشائعاً، لدرجة أنّ بعض الوثنیین أسلموا وتحت الرجل منهم عشر زوجات أو أقل، من هنا لم تکن مسألة تعدد الزّوجات ممّا أبدعه الإسلام، نعم إنّ ما فعله الإسلام هو وضع هذا الأمر فی إطار الحاجة والضرورة الحیویة

الإنسانیة، وتقییده بطائفة من القیود والشروط الثقیلة.

إنّ قوانین الإسلام وتشریعاته تدور على محور الحاجات الإنسانیة، وتقوم على أساس مراعاة الضرورات الحیویة فی دنیا البشر، لا الدعایة الظاهرة ولا المشاعر الموجهة توجیهاً غیر صحیح، ومسألة تعدد الزوجات من هذا القبیل أیضاً، فقد لوحظت هی الاُخرى من هذه الزاویة، لأنّه لا أحد یمکنه أن ینکر أنّ الرجال أکثر تعرضاً من النساء لخطر الفناء والموت بسبب کثرة ما یحیط بهم من الحوادث المختلفة.

فالرجال یشکّلون القسم الأکبر من ضحایا الحروب والمعارک.

کما أنّه لا یمکن إنکار أنّ أعمار الرجال من الناحیة الجنسیة أطول من أعمار النساء فی هذا المجال، فالنساء یفقدون القدرة الجنسیة (والقدرة على الإنجاب) فی سنّ مبکّرة فی حین یبقى الرجال متحفظین بهذه الطاقة والقدرة مدّة أطول بکثیر.

کما أنّ النساء ـ فی فترة العادة الشهریة وشیء من فترة الحمل ـ یعانین من موانع جنسیة بصورة عملیة فی حین لا یعانی الرجل من أی مانع جنسی من هذا النوع.

هذا کلّه مضافاً إلى أنّ هناک نساء یفقدون أزواجهنّ لبعض الأسباب، فلا یتیسر لهن أن یجلبن اهتمام نظر الرجال إلى أنفسهن کزوجة اُولى، فإذا لم یسمح بتعدد الزوجات، وجب أن تبقى تلک النسوة بلا أزواج، کما نقرأ ذلک فی الصحف المختلفة حیث یشکو هذا النوع من النساء الأرامل من صعوبات الحیاة ومشکلات العیش بسبب تحدید مسألة تعدد الأزواج أو إلغائها بالمرّة، وحیث یعتبرن المنع من التعدد نوعاً من القوانین الظالمة الجائرة والمعادیة لهنّ.

بالنظر إلى هذه الحقائق، وعندما یضطرب التوازن بین عدد النساء والرجال نجد أنفسنا مضطرین لأن نختار أحد طرق ثلاث هی:

1ـ أن یقنع کل رجل بزوجة واحدة فقط فی جمیع الحالات والموارد، ویبقى العدد الإضافی من النساء بلا أزواج إلى أخر أعمارهن، ویکبتن حاجاتهنّ الفطریة ویقمعن غرائزهنّ الباطنیة الملتهبة.

2ـ أن یتزوج الرجل بامرأة واحدة بصورة مشروعة ثمّ یترک حرّاً لإقامة علاقات جنسیة مع من شاء وأراد من النساء اللائی فقدن ازواجهن لسبب وآخر على غرار اتّخاذ الأخدان والعشیقات.

3ـ أنْ یسمح لمن یقدر أن یتزوج بأکثر من واحدة ولا یقع فی أیة مشکلة من الناحیة «الجسمیة» و«المالیة» و«الخلقیة» من جراء هذا الأمر، کما ویمکنه أن یقیم علاقات عادلة بین الزوجات المتعددة وأولادهن، أن یسمح لهم بأن یتزوجوا بأکثر من واحدة (على أن لا یتجاوز عدد الأزواج أربعاً)، وهذه هی ثلاث خیارات وطرق لا رابع لها.

وإذا أردنا اختیار الطریق الأوّل یلزم أن نعادی الفطرة والغریزة البشریة، ونحارب جمیع الحاجات الروحیة والجسمیة لدى البشر، ونتجاهل مشاعر هذه الطّائفة من هذه النّسوة، هذه الحرب والمعرکة التی لن یکون فیها أی انتصار، وحتى لو نجح هذا الطرح وکتب له التوفیق، فإن ما فیها من الجوانب اللاإنسانیة أظهر من أن تخفى على أحد.

وبعبارة اُخرى أنّ تعدد الزوجات فی الموارد الضروریة یجب أن لا ینظر إلیه أو یدرس من منظار الزوجة الاُولى، بل یجب أن یدرس من منظار الزوجة الثانیة أیضاً.

إنّ الذین یعالجون هذه المسألة وینظرون إلى خصوص مشاکل الزوجة الاُولى فی صورة تعدد الزوجات هم أشبه بمن یطالع مسألة ذات زوایا ثلاث من زاویة واحدة، لأنّ مسألة تعدد الزوجات ذات ثلاث زوایا، فهی یجب أن تطالع من ناحیة الرجل، ومن ناحیة الزوجة الاُولى، ومن ناحیة الزوجة الثانیة أیضاً، ویجب أن یکون الحکم بعد ملاحظة کل هذه الزوایا فی المسألة، ویتمّ على أساس مراعاة مصلحة المجموع فی هذا الصعید.

وإذا اخترنا الطریق الثانی وجب أن نعترف بالفحشاء والبغاء بصورة قانونیة، هذا مضافاً إلى أنّ النساء العشیقات اللائی یجعلن أنفسهنّ فی متناول هؤلاء الرجال لإرواء حاجتهم الجنسیة یفتقدن کل ضمانة وکل مستقبل، ویعنی ذلک سحق شخصیتهنّ سحقاً کاملا ـ فی الحقیقة ـ إذ یصبحن حینئذ مجرد متاع یقتنى عند الحاجة ویترک عند ارتفاعها دون التزام ومسؤولیة، ولا شک أنّ هذه الاُمور ممّا لا یسمح بها أی عاقل مطلقاً.

وعلى هذا الأساس لا یبقى إلاّ الطریق الثالث، وهو الطریق الذی یلبّی الحاجات الفطریة والغریزیة للنساء، کما أنّه یجنّب هذه الطائفة من النساء ویحفظهنّ من عواقب الفحشاء والإنزلاق إلى الفساد، وبالتالی ینقذ المجتمع من مستنقع الآثام والذنوب.

على أن من الواجب أن نلتفت إلى أنّ السماح بتعدد الزوجات مع أنّه ضرورة اجتماعیة فی بعض الموارد ومع أنّه من أحکام الإسلام القطعیة، إلاّ أن توفیر شرائطه یختلف اختلافاً کبیراً عن الأزمنة الماضیة، لأنّ الحیاة کانت فی العصور السابقة ذات نمط بسیط ومواصفات

سهلة، ولهذا کانت رعایة المساواة والعدالة بین الزوجات المتعددات أمراً ممکناً ومیسراً لأکثر الناس، فی حین یجب على الذین یریدون الأخذ بهذا القانون الإسلامی فی هذا العصر أن یراعوا مسألة العدالة من جمیع الجوانب، وأن یقدموا على هذا الأمر إذا کانوا قادرین على الوفاء بجمیع شروطه.

وبالجملة یجب أن لا یقدم أحد على هذا العمل بدافع الغریزة الحیوانیة فقط.

هذا والملفت للنظر هنا هو أنّ الذین یعارضون مبدأ تعدد الزوجات (کالغربیین) قد واجهوا طوال تأریخهم ظروفاً ألجأتهم إلى هذا المبدأ بصورة واضحة.

ففی الحرب العالمیة الثانیة برزت حاجة شدیدة فی البلاد التی تعرضت لویلات الحرب هذه وبالأخص ألمانیا، إلى هذا الموضوع مما دفع بطائفة من المفکرین فی سیاق البحث عن حلّ لهذه المشکلة إلى إعادة النظر فی مسألة المنع عن تعدد الزوجات، إلى درجة أنّهم طلبوا من الجامع «الأزهر» بالقاهرة البرنامج الإسلامی حول تعدد الزوجات للدراسة، ولکنهم اضطروا ـ وتحت ضغوط شدیدة من جانب الکنائس ـ إلى التوقف عن المضی فی دراسة هذا البرنامج، وکانت النّتیجة هو تفشی الفحشاء والفساد الجنسی الشدیدین فی جمیع البلاد التی تعرضت للحرب وویلاتها.

هذا بغضّ النظر عن أنّه لا یمکن إنکار ما یحسّ به طائفة من الرجال من المیل إلى اتّخاذ زوجات متعددة، فإن کان هذا المیل والرغبة ناشئین من الهوى والهوس لم یکن جدیراً بالنظر، أمّا إذا کانا ناشئین عن عقم الزوجة عن إنجاب الأولاد من جانب، ورغبة الرجل الشدیدة فی الحصول على أبناء له ـ کما هو الحال فی کثیر من الموارد ـ من جانب آخر، فهو میل معقول ورغبة منطقیة وجدیران بالإهتمام والرعایة.

کما أنّه لو کانت الرغبة فی تعدد الزوجات ناشئة من المیل الجنسی الشدید لدى الرجل وعدم قدرة الزوجة الاُولى على تلبیة هذا المیل کما ینبغی، ولهذا یرى الرجل نفسه مضطراً إلى اتخاذ زوجة ثانیة حتى لا یقدم على إشباع هذه الحاجة من طریق غیر مشروع لإمکان إشباعه من طریق مشروع، وفی هذه الصورة أیضاً لا یمکن إنکار منطقیة هذا المیل لدى الرجل، ولهذا تکون إقامة العلاقات مع النساء المتعددات أمراً رائجاً عملیاً حتى فی البلاد التی تحظر تعدد الزوجات، فیعقد الرجل الواحد علاقات غیر مشروعة مع نساء عدیدات.

إنّ المؤرخ الفرنسی المعروف «غوستاف لوبون» یعتبر قانون تعدد الزوجات الذی یقرّه

الإسلام ضمن حدود وشروط خاصّة ـ من مزایا هذا الدین، ویکتب عند المقارنة بینه وبین طریقة العلاقات الجنسیة الحرّة غیر المشروعة الرائجة فی الغرب قائلا: «وفی الغرب حیث الجو والطبیعة لا یساعدان على تعدد الزوجات، وبرغم أنّ القوانین الغربیة تمنع التعدد، ولکن الغربیین قلّما تقیدوا بهذه القوانین وخرقوها بعلاقاتهم السرّیة الآثمة.

ولا أرى سبباً لجعل مبدأ تعدد الزوجات الشرعی عند الشرقیین أدنى مرتبة من مبدأ تعدد الزوجات السری عند الأوروبیین، بل أرى ما یجعله أسمى منه» (1).

طبعاً لا یمکننا إنکار أنّ هناک بعض أدعیاء الإسلام ممن یستخدمون هذا القانون الإسلامی من دون مراعاة الروح الإسلامیة فیه فیتخذون حریماً کلّه فساد وفجور ویتعدون على حقوق أزواجهم، بید أنّ هذا لیس هو عیب فی هذا القانون الإسلامی ولا یجوز اعتبار أعمالهم القبیحة وأفعالهم الرخیصة هذه من الإسلام، فهی لیست من أحکام الإسلام فی شیء، ترى أی حکم أو قانون جید من الأحکام والقوانین لم یستغله النفعیون والمصلحیون استغلالا سیئاً؟

سؤال: ثمّ إنّ هاهنا من یسأل أنّه قد تتوفر الشرائط والکیفیات المذکورة أعلاه بالنسبة إلى إمرأة أو نساء، فهل یجوز أن نسمح لها أن تختار لنفسها زوجین کما نسمح للرجال ذلک؟

الجواب: إنّ الجواب على هذا السؤال لیس صعباً کما یمکن أن یتصور، وذلک:

أوّلا: إنّ الرغبة الجنسیة لدى الرجال (على خلاف ما هو شائع بین السواد من الناس) أقوى وأشدّ بأضعاف من النساء، وأن المرض النفسی الذی تصرّح به أکثر الکتب النفسیة والطبیة هو «البرود الجنسی» لدى المرأة فی حین أنّ الأمر فی الرجال هو العکس، ولا یقتصر هذا الأمر على البشر، ففی عالم الحیوانات کذلک نجد ذکورها أسبق إلى إظهار المیول الجنسیة من إناثها.

ثانیاً: إنّ تعدد الزوجات للرجال لا ینطوی على أیة مشاکل إجتماعیة وحقوقیة، فی حین أنّ السماح بتعدد الأزواج للنساء (أی لو أنّنا سمحنا لإمرأة أن تتزوج برجلین) یسبب مشاکل کثیرة أبسطها هو ضیاع النسب، إذ لا یعرف فی هذه الصورة إلى من ینتسب الولد، ولا شک أنّ مثل هذا الولد المجهول الأب لن یحظى باهتمام أی واحد من الرجال، بل ویعتقد

بعض العلماء أنّ الولد المجهول الأب قلّما یحظى حتى بحبّ الاُمّ واهتمامها به، وبهذه الصورة یصاب الولد الناشىء من مثل المرأة ذات الزوجین بحرمان مطلق من الناحیة العاطفیة، کما أنّه یکون ـ بطبیعة الحال ـ مجهول الحال من الناحیة الحقوقیة أیضاً.

ولعلّه لا یحتاج إلى التذکیر بأنّ التوسل بوسائل منع الحمل للحیلولة دون إنعقاد النطفة، وحصول ولد لا یورث الاطمئنان مطلقاً، ولا یکون دلیلا قاطعاً على عدم حمل الزوجة بولد، لأنّ ثمّة کثیراً من النساء یستخدمن هذه الوسائل، أو یخطئن فی استخدامها فیلدن وینجبن أولاداً، ولهذا لا یمکن لأیّة امرأة أن تسمح لنفسها بأن تتزوج بأکثر من رجل اعتماداً على هذه الوسائل.

لهذه الأسباب لا یمکن أن یکون السماح للمرأة بتعدد الأزواج أمراً منطقیاً، فی حین أنّه بالنسبة للرجال ـ ضمن الشروط المذکورة سابقاً ـ أمر منطقی، وعملی أیضاً.


1. حضارة العرب، ص 398.

 

1ـ ما هو المقصود من العدل بین الزوجات؟ سورة النساء / الآیة 4
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma