النعمة الإلهیّة الکبرى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 164 متى تعرف قیمة البعثة النبویة؟

فی هذه الآیة یدور الحدیث حول أکبر النعم الإلهیّة، ألا وهی نعمة «بعثة الرسول الأکرم والنّبی الخاتم» (صلى الله علیه وآله)، وهو فی الحقیقة إجابة قویة على التساؤل الذی خالج بعض الأذهان من الحدیثی العهد بالإسلام بعد «معرکة اُحد» وهو: لماذا لحق بنا ما لحق، ولماذا أصبنا بما أصبنا به؟ فیجیبهم القرآن الکریم بقوله: (لقد منَّ الله على المؤمنین إذ بعث فیهم رسولاً من أنفسهم )أی إذا کنتم قد تحملتم کلّ هذه الخسائر، وأصبتم بکلّ هذه المصائب، فإنّ علیکم أنّ لا تنسوا أن الله قد أنعم علیکم بأکبر نعمة، ألا وهی بعثه نبی یقوم بهدایتکم وتربیتکم، وینقذکم من الضلالات وینجیکم من المتاهات، فمهما تحملتم فی سبیل الحفاظ على هذه النعمة العظمى والموهبة الکبرى، ومهما کلفکم ذلک من ثمن، فهو ضئیل إلى جانبها، وحقیر بالنسبة إلیها.

والجدیر بالاهتمام ـ فی المقام ـ هو أن هذه النعمة قد شرع ذکرها بکلمة «منّ» التی قد لا تبدو جمیلة ولا مستحسنة فی بادىء الأمر، ولکننا عندما نراجع مادة هذه اللفظة وأصلها اللغوی یتضح لنا الأمر غایة الوضوح، وتوضیحه هو: أنّ المن ـ کما قال الراغب فی مفرداته: هو ما یوزن به، ولذلک أطلق على النعمة الثقیلة: المنة، ویقال ذلک إذا کان ذلک بالفعل، فیقال: منَّ فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة الجمیلة الثمینة وهو حسن لا بأس فیه، أما إذا عظّم أحد ـ فی القول والإدعاء ـ ما قام به من حقیر الخدمات والأفعال والصنائع فهو فی غایة القبح.

وعلى هذا فإنّ المن المستقبح هو الذی یکون استعظاماً للصنائع والنعم فی القول، أمّا المنة

المستحسنة فهی بذل النعم الکبرى والصنائع العظیمة.

أمّا تخصیص المؤمنین بالذکر فی هذه الآیة فی حین أنّ الهدف من بعثة النّبی (صلى الله علیه وآله) هو هدایة عموم البشر، فلأنّ المؤمنین هم الذین سیستفیدون ـ بالنتیجة والمآل ـ من هذه النعمة العظمى فهم الذین یستأثرون بآثارها عملاً دون غیرهم.

ثمّ إنّ الله سبحانه یقول: (من أنفسهم ) أنّ إحدى ممیزات هذا النّبی (صلى الله علیه وآله) هو أنّه من نفس الجنس والنوع البشری، لا من جنس الملائکة وما شابهها، وذلک لکی یدرک کلّ احتیاجات البشر بصورة دقیقة، ولا یکون غریباً عنها، غیر عارف بها، وحتى یلمس آلام إلانسان وآماله، ومشکلاته ومصائبه، ومتطلبات الحیاة ومسائلها، ثمّ یقوم بما یجب أن یقوم به من التربیة والتوجیه على ضوء هذه المعرفة.

هذا مضافاً إلى أنّ القسط الأکبر من برامج الأنبیاء التربویة یتکون من تبلیغهم العملی بمعنى أن أعمالهم تعتبر أفضل مثل، وخیر وسیلة تربویة للآخرین، لأنّ التبلیغ بلسان العمل أشد تأثیراً، وأقوى أثراً من التبلیغ بأیة وسیلة اُخرى، وهذا إنّما یمکن إذا کان المبلّغ من نوع البشر وجنسه بخصائصه، ومواصفاته الجسمیة، وبذات غرائزه وبنائه الروحی.

فإذا کان الأنبیاء من جنس الملائکة ـ مثلاً ـ کان للبشر الذین أرسل الأنبیاء إلیهم أن یقولوا: إذا کان الأنبیاء لا یعصون أبداً، فلأجل أنّهم من الملائکة لیست فی طبائعهم الشهوات والغرائز، ولا الغضب ولا الحاجة.

وهکذا کانت رسالة الأنبیاء ومهمتهم تتعطل وتفقد تأثیرها، ولا تحقق أغراضها.

ولهذا أختیر الأنبیاء من جنس البشر ومن فصیلة الإنسان بغرائزه، واحتیاجاته، لیمکنهم أن یکونوا أسوة لغیرهم من البشر، وقدوة لسواهم من بنی الإنسان.

ثمّ إنّ الله سبحانه یقول واصفاً مهمات هذا النّبی العظیم: (یتلوا علیهم آیاته ویزکّیهم ویعلّمهم الکتاب والحکمة ) أی أنّه (صلى الله علیه وآله) یقوم بثلاثة اُمور فی حقّهم:

تلاوة آیات الله على مسامعهم، وإیقافهم على هذه الآیات والکلمات الإلهیة.

تعلیمهم بمعنى إدخال هذه الحقائق فی أعماق ضمائرهم وقلوبهم.

تزکیة نفوسهم، وتنمیة قابلیاتهم الخلقیة، ومواهبهم الإنسانیة.

ولکن حیث إنّ الهدف الأصلی هو «التربیة» لذلک قدمت على «التعلیم» مع أنّ الحال ـ من حیث الترتیب الطبیعی ـ تقتضی تقدیم التعلیم على التربیة.

 

إنّ الذین یبتعدون عن الحقائق الإنسانیة بالمرة، لیس من السهل إخضاعهم للتربیة، فلابدّ أولاً من إسماعهم آیات الله مدة من الزمن حتى تذهب عنهم الوحشة التی وقعوا فریسة لها من قبل، لیتسنى حینئذ إدخالهم فی مرحلة التعلیم، ثمّ یمکن اقتطاف ثمار التربیة بعد ذلک.

ثم إنّ هناک إحتمالاً آخر فی تفسیر الآیة وهو أنّ المقصود من التزکیة هو التنقیة من رواسب الجاهلیة والشرک، ومن بقایا العقائد الباطلة والأفکار الخرافیة، والأخلاق الحیوانیة القبیحة لأنّ الضمیر الإنسانی ما دام لم یطهر من الأدران والرواسب لم یمکن إعداده وتهیئته لتعلیم الکتاب الإلهی، والحکمة والعلم الواقعیین، تماماً مثل اللوحة التی لا تقبل الألوان والنقوش الجمیلة ما لم تنظف من النقوش القبیحة أولاً.

ولهذا السبب قدمت التزکیة فی الآیة الحاضرة على تعلیم الکتاب والحکمة التی یراد بها معارف الإسلام العالمیة، ومفاهیمه السامیة.

 

سورة آل عمران / الآیة 164 متى تعرف قیمة البعثة النبویة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma