الخیانة ممنوعة مطلقاً

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 161 سورة آل عمران / الآیة 162 ـ 163

بالنظر إلى الآیة السابقة التی نزلت بعد الآیات المتعلقة بوقعة «اُحد» وبالنظر إلى روایة نقلها جمع من مفسری الصدر الأول، تعتبر هذه الآیة رداً على بعض التعللات الواهیة التی تمسک بها بعض المقاتلین، وتوضیح ذلک هو: إنّ بعض الرماة عندما أرادوا ترک مواقعهم الحساسة فی الجبل لغرض جمع الغنائم، أمرهم قائدهم بالبقاء فیها، لأنّ الرسول لن یحرمهم من الغنائم، ولکن تلک الجماعة الطامعة فی حطام الدنیا إعتذرت لذلک بعذر یخفی حقیقتهم الواقعیة، إذ قالوا: نخشى أن یتجاهلنا النّبی عند تقسیم الغنائم فلا یقسم لنا، قالوا هذا وأقبلوا على جمع الغنائم تارکین مواقعهم التی کلفهم الرسول بحراستها فوقع ما وقع من عظائم الاُمور وجلائل المصائب.

فجاء القرآن یرد على زعمهم وتصورهم هذا فقال: (وما کان لنبىّ أن یغلّ (1) ) أی إنّکم تصورتم وظننتم أن النّبی یخونکم، والحال أنّه لیس لنبی أن یغل ویخون أحداً.

إنّ الله سبحانه ینزه فی هذه الآیة جمیع الأنبیاء والرسل من الخیانة، ویقول: إنّ هذا الأمر لا یصلح ـ أساساً ـ للأنبیاء، ولا یتناسب أساساً مع مقامهم العظیم.

یعنی أنّ الخیانة لا تتناسب مع النبوة، فإذا کان النّبی خائناً، لم یمکن الوثوق به فی أداء الرسالة وتبلیغ الأحکام الإلهیة.

 

وغیر خفی أنّ هذه الآیة تنفی عن الأنبیاء مطلق الخیانة سواء الخیانة فی قسمة الغنائم أو حفظ أمانات الناس وودائعهم، أو أخذ الوحی وتبلیغه للعباد.

ومن العجیب أن یثق أحد بأمانة النّبی فی الحفاظ على وحی الله، وتبلیغه وأدائه، ثمّ یحتمل ـ والعیاذ بالله ـ أن یخون النّبی فی غنائم الحرب، أو یقضی بما لیس بحق، ویحکم بما لیس بعدل، ویحرم أهلها منها من غیر سبب.

إنّ من الوضوح بمکان أنّ الخیانة محظورة على کلّ أحد، نبیاً کان أو غیر نبی، ولکن حیث إنّ الکلام هنا یدور حول إعتذار تلک الجماعة المتمردة وتصوراتهم الخاطئة حول النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) لذلک تتحدث الآیة عن الأنبیاء أولاً، ثمّ تقول: (ومن یغلل یأت بما غلّ یوم القیامة ) أی أنّ کلّ من یخون سیأتی یوم القیامة وهو یحمل على کتفه وثیقة خیانته، أو یصحبه معه إلى المحشر، وهکذا یفتضح أمام الجمیع، وتنکشف أوراقه وتعرف خیانته.

قال بعض المفسّرین إنّ المراد من حمل الخیانة على الظهر أو استصحاب ما غلّ یوم القیامة لیس هو أنّه یحمل کلّ ذلک حملاً أو یستصحبه استصحاباً حقیقیاً معه یوم القیامة، بل المراد هو أنّه یتحمل مسؤولیة ذلک، ولکن بالنظر إلى مسألة «تجسم الأعمال» فی یوم القیامة لا یبقى أی مبرر ولا أی داع لهذا التفسیر، بل ـوکما یدلّ علیه ظاهر الآیة ویشهد به ـ یأتی الخائن وهو یحمل عین ما غل کوثیقة حیة تشهد على خیانته وغلوله، أو یستصحبها معه.

(ثمّ توفّى کلّ نفس ما کسبت وهم لا یظلمون ) یعنی أنّ الناس یجدون عین أعمالهم هناک، ولهذا فهم لا یظلمون لأنّه یصل إلى کلّ أحد نفس ما کسبه خیراً کان أو شراً.

ولقد أثّرت الآیة السابقة، والأحادیث التی صدرت عن النّبی (صلى الله علیه وآله) وهی تذم الخیانة والغلول فی نفوس المسلمین وخلقهم تأثیراً عجیباً حتى أنّهم ـ نتیجة لهذه التربیة ـ لم یصدر عنهم أقل خیانة ولا أدنى غلول فی غنائم الحرب أو الأموال العامة، إلى درجة أنّهم کانوا یأتون بالغنائم الغالیة الثمن الصغیرة الحجم التی کان من السهل إخفاؤها، إلى النّبی، أو القادة من بعده دون أی تصرف فیها، الأمر الذی یدعو إلى الدهشة والإکبار والعجب.

فقد کان هؤلاء نفس اُولئک العرب القساة، الجفاة، المغیرون، السلاّبون قطّاع الطرق فی الجاهلیة، وقد أصبحوا الآن ـ فی ظل التربیة الإسلامیة ـ فی قمّة الصلاح والأمانة، وفی ذروة الاستقامة والطهر والتُقى وکأنّهم یرون مشاهد القیامة بأم أعینهم وکیف یقدم الخائنون فی الأموال والأمانات إلى المحشر وهم یحملون على أکتافهم وظهورهم ما غلوه وخانوه.

 

أجل لقد کان هذا الإیمان یحذرهم من الخیانة، بل یصرفهم حتى عن التفکیر فیها.

کتب الطبری فی تاریخه أنّه لما هبط المسلمون بالمدائن، وجمعوا الأقباض (الغنائم) أقبل رجل بحق معه فدفعه إلى صاحب الأقباض، فقال الذین معه: ما رأینا مثل هذا قط ما یعد له ما عندنا ولا یقاربه فقالوا: هل أخذت منه شیئاً؟ فقال: «أما والله لولا الله ما آتیتکم به فعرفوا أن للرجل شأناً، فقالوا من أنت؟ فقال: والله لا أخبرکم لتحمدونی، ولا غیرکم لیقرظونی ولکنی أحمد الله وأرضى بثوابه» (2) .

 


1. «الغلول» تعنی الخیانة، وأصله تدرع الشیء وتوسطه ومنه «الغلل» للماء الجاری بین الشجر، وهو الماء الذی یتسلل ویتسرب فیما بین الشجر ویدخل فیه، ویطلق «الغلیل» على ما یقاسیه الإنسان فی داخله من العطش ومن شدة الوجد والغیظ، لهذا السبب.
2. تاریخ الطبری، ج 4، ص 16. 

 

سورة آل عمران / الآیة 161 سورة آل عمران / الآیة 162 ـ 163
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma