عندما بلغ جماعة من علماء أهل السنة ومفسریهم إلى هذه الآیة (آیة الشورى) أشاروا إلى شورى عمر السداسیة لاختیار الخلیفة الثالث، وحاولوا عبر بیان مفصل تطبیق مفاد هذه الآیة وروایات المشاورة على تلک العملیة والفکرة.
والکلام المفصل حول هذه المسألة وإن کان من مهمة الکتب الاعتقادیة، إلاّ أنّه لابدّ من الإشارة هنا إلى بعض النقاط بصورة مختصرة وسریعة:
أولاً: إنّ إنتخاب الخلیفة للنّبی (صلى الله علیه وآله) یجب أن یکون فقط من جانب الله، لأنّ الخلیفة یجب أن یتمتع على غرار النّبی ـ بصفات ومؤهلات کالعصمة وما شاکل ذلک وهی اُمور لا یمکن الوقوف والإطلاع علیها إلاّ من قبل الله سبحانه.
وبتعبیر آخر: کما أنّ تعیین النّبی (صلى الله علیه وآله) لا یمکن أن یکون بالمشاورة والشورى فکذلک إنتخاب الإمام لا یمکن أن یکون بالشورى.
ثانیاً: إنّ الشورى السداسیة المذکورة لم تنطبق بالمرة على معاییر الشورى وموازین المشاورة، لأنّ الشورى التی ذهب إلیها عمر إن کان المراد منها مشاورة المسلمین عامّة، فماذا یعنی تخصیصها بستة أنفار؟
وإن کان الهدف منها مشاورة العقلاء والمفکرین وأهل الرأی من الاُمة فهم لا ینحصرون فی هؤلاء الستة، إذ هناک شخصیات ناضجة أمثال سلمان الذی کان مستشاراً شخصیاً للنّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) ومثل أبی ذر والمقداد وابن عباس، وغیرهم ممن قد نحوا عن هذه الشورى.
وعلى هذا الأساس فإنّ حصر هذه الشورى بالأنفار الستة المعینین یجعل هذا الاجتماع والشورى أقرب إلى التحزب السیاسی منه إلى التجمع الشوروی.
وأمّا إذا کان المراد من حصر المشیرین فی هؤلاء الستة هو جعلها فی أصحاب الکلمة والنفوذ حتى تنفذ قراراتهم ولا یخالفها أحد من الاُمة، ولا یتمرد علیها أحد من الناس فإنّه لم یکن موقفاً صائباً أیضاً، لأنّ ثمّة شخصیات من أصحاب الکلمة والنفوذ أمثال سعد بن عبادة الذی کان یرأس فی حینه الأنصار بدون منازع، وأبی ذر الغفاری أکبر شخصیة مسموعة الکلمة فی قبیلة «غفار»، قد اُقصیت من حلبة الشورى؟
ثالثاً: نحن نعلم أنّه قد اشترط فی هذه الشورى شروط صعبة وقاسیة إلى درجة أنّه هدد المخالفون والمعارضون بالموت، فی حین لا یوجد لمثل هذه الشروط فی سنّة الشورى التی سنّها الإسلام أی مکان، ولا أی أثر، فکیف تنطبق على هذه الشورى؟
