الأمر بالعفو العام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 159 ـ 160 الأمر بالمشاورة

هذه الآیة وإن کانت تتضمن سلسلة من التعالیم الکلیة الموجهة إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)وتشتمل من حیث المحتوى على برامج کلیة وأساسیة، ولکنها من حیث النزول ترتبط بواقعة «اُحد» لأنّه بعد رجوع المسلمین من «اُحد» أحاط الأشخاص الذین فروا من المعرکة برسول الله (صلى الله علیه وآله) وأظهروا له الندامة من فعلتهم وموقفهم، وطلبوا منه العفو.

فأصدر الله سبحانه إلى نبیّه (صلى الله علیه وآله) أمره بأن یعفو عنهم، ویتجاوز عن سیئتهم ویستقبل المخطئین التائبین منهم بصدر رحب.

إذ قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو کنت فظّاً غلیظ القلب لانفضّوا من حولک )ولقد أشیر فی هذه الآیة ـ قبل أی شیء ـ إلى واحدة من المزایا الأخلاقیة لرسول الله (صلى الله علیه وآله)، ألا وهی اللین مع الناس والرحمة بهم، وخلوه من الفظاظة والخشونة.

«الفظَّ» ـ فی اللغة ـ هو الغلیظ الجافی الخشن الکلام، و«غلیظ القلب» هو قاسی الفؤاد الذی لا تلمس منه رحمة، ولا یحس منه لین.

وهاتان الکلمتان وان کانتا بمعنى واحد هو الخشونة، إلاّ أنّ الغالب استعمال الاُولى فی الخشونة الکلامیة، واستعمال الثانیة فی الخشونة العملیة والسلوکیة، وبهذا یشیر سبحانه إلى ما کان یتحلى به الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) من لین ولطف تجاه المذنبین والجاهلین.

 

ثمّ إنّه سبحانه یأمر نبیّه بأن یعفو عنهم إذ یقول: (فاعف عنهم واستغفر لهم ).

وهذا الکلام یعنی أنّه سبحانه یطلب منه (صلى الله علیه وآله) أن یتنازل عن حقه لهم إذ تفرقوا عنه فی أحلک الظروف، وسببوا له تلک المصائب والمتاعب فی تلک المعرکة، وأنّه یشفع لهم لدى نبیه بأن یتجاوز عنهم، وأن یشفع هو بدوره لهم عند الله ویطلب المغفرة لهم منه سبحانه.

وبتعبیر آخر أنه سبحانه یطلب من نبیّه أن یعفو عنهم فیما بینه وبینهم، وأمّا ما بین الله وبینهم فهو سبحانه یغفر لهم ذلک. وقد فعل الرسول الکریم (صلى الله علیه وآله) ما أمره به ربّه وعفى عنهم جمیعاً.

ومن الواضح أنّ هذا المقام کان من الموارد التی تتطلب حتماً العفو والمغفرة، واللطف واللین، ولو أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) فعل غیر ذلک لأفضى إلى انفضاض الناس من حوله، وتفرقهم عنه، إذ أنّ الجماعة رغم أنّها اُصیبت بالهزیمة النکراء، وتحملت ما تحملت من القتلى والجرحى، وکانوا هم السبب فی ذلک، إلاّ أنّهم أحوج ما یکونون إلى العطف واللّطف وإلى اللّین والعفو، وإلى البلاسم التی تبل جراحاتهم، وإلى المراهم التی تهدىء خواطرهم، حتى یتهیأوا بعد شفائها واستعادة معنویاتهم إلى مواجهة أحداث المستقبل، وتحمل المسؤولیات القادمة.

إنّ فی هذه الآیة إشارة صریحة إلى إحدى أهم الصفات التی یجب توفرها فی أیّة قیادة، ألا وهی العفو واللّین تجاه المتخلفین التائبین، والعصاة النادمین، والمتمردین العائدین، ومن البدیهی أنّ من یتصدى للقیادة لو افتقد هذه الخصلة الهامة، وافتقر إلى روح السماحة، وصفة اللین، وعامل من حوله بالخشونة والعنف والفظاظة فسرعان ما یواجه الهزیمة، وسرعان ما تصاب مشاریعه وبرامجه بنکسات ماحقة، تبدّد جهوده، وتذری مساعیه أدراج الریاح، إذ یتفرّق الناس من حوله، فلا یمکنه القیام بمهام القیادة ومسؤولیاتها الجسیمة، ولهذا قال الإمام أمیرالمؤمنین (علیه السلام) مشیراً إلى هذه الخصلة القیادیة الحساسة «آلة الریاسة سعة الصدر». (1)


1. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 176.

 

سورة آل عمران / الآیة 159 ـ 160 الأمر بالمشاورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma