لقد مررنا فی الآیات السابقة فی هذا المقطع من الحدیث على عبارات تکشف کلّ واحدة منها القناع عن واحدة من أسرار الهزیمة التی وقعت فی معرکة اُحد، وها نحن نشیر إلى أهم وأبرز هذه العوامل التی تعاضدت فأدت إلى هذه النکسة المرة، والحاویة لکثیر من العبر فی نفس الوقت، وهذه العوامل هی:
1ـ الخطأ فی المحاسبة عند بعض المسلمین الحدیثی العهد بالإسلام فی فهم مفاهیمه وتعالیمه، حیث إنّهم تصوروا أن إظهار الإیمان وحده یکفی لتحقیق الانتصار، وإنّ الله ـ لذلک سینزل علیهم نصره، ویمدهم بالقوى الغیبیة فی جمیع المیادین، ولهذا تناسوا وتجاهلوا السنن الإلهیّة فی مجال الأسباب الطبیعیة للإنتصار من اختیار الخطة الصحیحة، وإعداد القوى اللازمة، والیقظة القتالیة.
2ـ عدم الانضباط العسکری ومخالفة أوامر النّبی (صلى الله علیه وآله) القائد المشددة للرماة بالبقاء فی الثغر من الجبل، والذب عن ظهور المسلمین وقد کان هذا هو العامل الحقیقی المؤثر للهزیمة.
3ـ حبّ الدنیا والحرص على الحطام الذی دفع بعض المسلمین الحدیثی العهد بالإسلام إلى الانصراف إلى جمع الغنائم، وترک ملاحقة العدو، ووضع الأسلحة حتى لا یتأخروا عن الآخرین فی حیازة الغنائم، وکان هذا هو العامل الثالث لتلک النکسة الدامیة التی علمتهم أنّ الجهاد فی سبیل الله یستدعی نسیان جمیع هذه الاُمور والتوجه بالکامل إلى الهدف.
4ـ الغرور الناشىء عن الإنتصار الساحق واللاّمع فی معرکة بدر إلى درجة أنّه أنسى بعض المسلمین قوّة العدو، وجعلهم یحتقرون تجهیزاته وطاقاته، ویستصغرون شأنه.
هذه هی بعض نقاط الضعف التی ینبغی أن تزول فی میاه هذه النکسة المؤلمة الساخنة، وتتبخر فی أتونها.