الإسلام وخصیصة البحث عن الحقّ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سبب النّزولسورة آل عمران / الآیة 116 ـ 117

بعد کلّ ذلک الذم للیهود، الذی تضمنته الآیات السابقة بسبب مواقفهم المشینة وأفعالهم الذمیمة نجد القرآن ـ کما هو شأنه دائماً ـ یراعی جانب العدل والإنصاف، فیحترم کلّ من تنزه عن ذلک السلوک الذمیم الذی سار علیه الیهود، ویعلن بصراحة أنّه لا یعمم ذلک الحکم، وأنّه لا یمکن النظر إلى الجمیع بنظرة واحدة دون التفریق بین من أقام على تلک الفعال، وبین من غادرها وطلب الحقّ، ولهذا یقول: (لیسوا سواء من أهل الکتاب أ مة قائمة یتلون آیات الله آناء اللیل وهم یسجدون)(1) .

أجل لیس أهل الکتاب سواء، فهناک جماعة تطیع الله وتخافه، وتؤمن به وتهابه، وتؤمن بالآخرة وتعمل لها، وتقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.

وبهذا یتورع القرآن الکریم عن إدانة العنصر الیهودی کافة، بل یرکز على أفعالهم وأعمالهم وممارساتهم، ویحترم ویمدح کلّ من انفصل عن أکثریتهم الفاسدة، وخضع للحقّ والإیمان، وهذا هو اُسلوب الإسلام الذی لا یعادی أحداً على أساس اللّون والعنصر، بل إنّما یعادیه على أساس اعتقادی محض، ویکافحه إذا کانت أعماله لا تنطبق مع الحقّ والعدل والخیر، لا غیر. (یؤمنون باللّه والیوم الآخر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر ویسارعون فى الخیرات وأولئک من الصالحین ).

ثمّ إنّه یستفاد من بعض الأحادیث أنّ الممدوحین فی هذه الآیة لم ینحصروا فی «عبدالله بن سلام» وجماعته الذین أسلموا معه، بل شمل هذا المدح 40 من نصارى نجران و32 من نصارى الحبشة و8 أشخاص من أهل الروم کانوا قد أسلموا قبل ذلک، (2) ویدل على ذلک أنّ الآیة استخدمت لفظة «أهل الکتاب» وهو کما نعرف تعبیر یعم الیهود وغیرهم.

ثمّ إنّه سبحانه قال: (وما یفعلوا من خیر فلن یکفروه ) معقباً بذلک على العبارات السابقة ومکملاً للآیة، ویعنی بقوله أنّ هؤلاء الذین أسلموا واتخذوا مواقعهم فی صفوف المتقین لن یضیع الله لهم عملاً، وإن کانوا قد إرتکبوا فی سابق حالهم ما ارتکبوه من الآثام، وما إقترفوه من المعاصی، ذلک لأنّهم قد أعادوا النظر فی سلوکهم وأصلحوا مسارهم، وغیروا موقفهم.

والمراد من کلمة «الکفر» هنا هو ما یقابل الشکر، لأنّ الشکر یعنی أصلاً الإعتراف بالنعمة والجمیل، والکفر یعنی إنکار ذلک، فیکون المراد فی هذه الآیة هو أنّ الله لن ینکر أعمالهم الصالحة، ولن یتنکر لها.

کیف (والله علیم بالمتقین ) وکأن هذه العبارة التی یختم بها سبحانه الآیة الحاضرة تشیر إلى حقیقة من الحقائق الهامة وهی: أنّ المتقین وإن کانوا قلة قلیلة فی الأغلب، وخاصة فی جماعة الیهود الذین عاصروا النّبی (صلى الله علیه وآله) حیث کان المسلمون المهتدون منهم قلة ضعیفة، ومن شأن ذلک أن لا تلفت کمیتهم النظر، ولکنهم مع ذلک یعلمهم الله بعلمه الذی لا یعزب عنه شیء، فلا موجب للقلق، ولا داعی للاضطراب ما دام سبحانه یعلم بالمتقین على قلتهم، ویعلم بأعمالهم، فلا یضیعها أبداً قلیلة کانت أو کثیرة.


1.«الآناء» جمع «أَنا»، «على وزن وفا» و «أنا»، «على وزن غنا» بمعنى الأَوقات.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وبحارالانوار، ج 9، ص 73.

 

سبب النّزولسورة آل عمران / الآیة 116 ـ 117
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma