الوجوه المبیضّة والوجوه المسودّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 106 ـ 107 سورة آل عمران / الآیة 108 ـ 109

فی تعقیب التحذیرات القویة التی تضمنتها الآیات السابقة بشأن التفرقة والنفاق والعودة إلى عادات الکفر ونعرات الجاهلیة، جاءت الآیتان الحاضرتان تشیران إلى النتائج النهائیة لهذا الإرتداد المشؤوم إلى خُلُق الجاهلیة وعاداتها، وتصرّحان بأنّ الکفر والنفاق والتنازع والعودة إلى الجاهلیة توجب سواد الوجه، فیما یوجب الثّبات على طریق الإیمان والإتحاد، والمحبّة والتآلف، بیاض الوجوه، فتقول (یوم تبیضّ وجوه وتسودّ وجوه ) ففی یوم القیامة تجد بعض الناس وجوههم مظلمة سوداء، والبعض الآخر وجوههم نقیة بیضاء ونورانیة (فأمّا الّذین أسودّت وجوههم أکفرتم بعد إیمانکم فذوقوا العذاب بما کنتم تکفرون )فلماذا اخترتم طریق النفاق والفرقة والجاهلیة على الإتحاد فی ظلّ الإسلام، فذوقوا جزاءکم العادل، وأمّا المؤمنون فغارقون فی رحمة الله (وأمّا الّذین ابیضّت وجوههم ففی رحمة الله هم فیها خالدون ).

إنّ هاتین الآیتین تصرّحان بأنّ المنافقین والمتفرقین بعد ما جاءتهم البینات هم المسودة وجوههم الذائقون للعذاب الألیم بسبب کفرهم، وأمّا المؤمنون المتآلفون المتحابون المتحدون فهم فی رحمة الله ورضوانه مبیضة وجوههم.

ولقد قلنا مراراً أنّ ما یلاقیه الإنسان من الأوضاع والحالات، ومن الثواب والعقاب فی الحیاة الآخرة لیس فی الحقیقة سوى أفکاره وأعماله وتصرفاته المجسّمة التی قام بها فی هذه

الحیاة الدنیا، فهما وجهان لعملة واحدة، إنّه تجسم صادق ودقیق لما کان ینویه أو یعمله هنا لیس إلاَّ.

وبعبارة اُخرى: أنّ لکل ما یفعله الإنسان فی هذه الحیاة آثاراً واسعة تبقى فی روحه، وقد لا تدرک فی هذه الحیاة، ولکنها تتجلّى ـ بعد سلسلة من التحولات ـ فی الآخرة، فتظهر بحقائقها الواقعیة، وحیث إنّ جانب الروح یکون أقوى فی الآخرة، إذ تشتد حاکمیتها وسیادتها على الجانب الآخر من الکیان البشری من هنا یکون لتلک الآثار إنعکاساتها حتى على الجسد، فتبدو الآثار المعنویة للأعمال محسوسة کما یکون الجسد محسوساً لکلّ أحد.

فکما أنّ الإیمان والإتحاد یوجبان الرفعة وبیاض الوجوه فی هذا العالم، ویوجب العکس العکس، أی إنّ الکفر والاختلاف یوجبان للاُمة الکافرة المتفرقة سواد الوجه والذلة، فإنّ هذا البیاض والسواد (المجازیین) فی الدنیا یظهران فی الآخرة بصورة حقیقیة حیث یحشر المؤمنون المتحدون المتآلفون بیض الوجوه، بینما یحشر الکافرون المتفرقون المتخاصمون سود الوجوه.

وتلک حقیقة أشارت إلیها آیات اُخرى فی القرآن الکریم فی شأن من یتمادى فی المعصیة ویأتی بالذنب تلو الذنب، والإثم بعد الإثم إذ یقول سبحانه: (کأنّما أغشیت وجوههم قطعاً من اللیل مظلماً ) (1) .

ویقول فی شأن الذین یفترون على الله الکذب (ویوم القیامة ترى الذین کذبوا على الله وجوههم مسودّة ) (2) .

وکلّ هذه الاُمور هی المردودات والآثار الطبیعیة لما یأتیه الإنسان فی عالم الدنیا من الأعمال.


1. یونس، 27.
2. الزمر، 60. 

 

سورة آل عمران / الآیة 106 ـ 107 سورة آل عمران / الآیة 108 ـ 109
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma