فی الإجابة على هذا السؤال لابدّ من القول بأنّ النمط الجماعی للحیاة وإن کان ـ بلا ریب ـ ینطوی على فوائد کثیرة لأفراد البشر، بل إنّ هذه المزایا هی التی دفعت الإنسان لیختار الحیاة الاجتماعیة، إلاَّ أنه ینطوی فی مقابل ذلک على بعض التقییدات لحریات الأفراد، ولکن بما أن ضرر هذه التقییدات الجزئیة ضئیل تجاه الفوائد الجمة التی تنطوی علیها الحیاة الاجتماعیة إختار الإنسان النمط الاجتماعی منذ الأیّام الاُولى من حیاته على هذا الکوکب متحملاً کلّ التقییدات.
وحیث إنّ مصائر الأفراد ترتبط ببعضها فی الحیاة الاجتماعیة، ویؤثر بعضها فی بعض بمعنى أنّ الجمیع فی الحیاة الاجتماعیة یشترکون فی مصیر واحد، لذلک کان حقّ النظارة على تصرفات الآخرین وسلوکهم حقّاً طبیعیاً تقتضیه الحیاة الجماعیة، کما جاء ذلک فی الحدیث الرائع الذی نقلناه آنفاً عن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی هذا المجال.
وعلى هذا فإنّ الأمر بالمعروف لا ینافی الحریات الفردیة فحسب، بل هو وظیفة کلّ فرد تجاه الفرد الآخر، لأنّ من شأنه الإبقاء على سلامة الآخرین واستقامة اُمورهم، ومن ثمّ سلامة الفرد نفسه واستقامة أمره.