الدعوة إلى الحقّ ومکافحة الفساد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 104 ـ 105 1 ـ ما هو «المعروف» وما هو «المنکر»؟

بعد الآیات السابقة التی حثّت على الأخوّة والإتحاد جاءت الإشارة ـ فی الآیة الاُولى من الآیتین الحاضرتین ـ إلى مسألة «الأمر بالمعروف» و«النهی عن المنکر» اللّذین هما ـ فی الحقیقة ـ بمثابة غطاء وقائی اجتماعی لحمایة الجماعة وصیانتها، إذ تقول (ولتکن منکم أُمّة یدعون إلى الخیر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر وأولئک هم المفلحون ).

لأنّ فقدان «الأمر بالمعروف» و«النهی عن المنکر» یفسح المجال للعوامل المعادیة للوحدة الاجتماعیة بأن تنخرها من الداخل، وتأتی على کلّ جذورها کما تفعل الإرضة، وأن تمزق وحدة الاُمة وتفرق جمعها، ولهذا فلابدّ من مراقبة مستمرة ورعایة دائمة لهذه الوحدة، ولا یتم ذلک إلاَّ بالأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر.

وهذه الآیة تتضمن دستوراً أکیداً للأمة الإسلامیة بأن تقوم بهاتین الفریضتین دائماً، وأن تکون أمة آمرة بالمعروف ناهیة عن المنکر أبداً لأنّ فلاحها رهن بذلک: (وأولئک هم المفلحون ).

یبقى أن نعرف أنّ «الاُمة» مأخوذة لغة من «الاُم» وهو کلّ ما انضم إلیه الأشیاء الاُخرى، أو کلّ شیء ضم إلیه سائر ما یلیه، والاُمة کلّ جماعة یجمعهم أمر جامع إمّا دین واحد، أو زمان واحد، أو مکان واحد لهذا لا تطلق لفظة الاُمة على الأفراد المتفرقین، والأشخاص الذین لا یربطهم رباط واحد.

سؤال: وهنا یطرح سؤال وهو أنّ الظاهر من جملة «منکم أمة» هو جماعة من المسلمین لا کافة المسلمین، وبهذا لا یکون الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر واجباً عامّاً، بل وظیفة دینیة تختص بفریق من المسلمین، وإن کان إنتخاب هذا الفریق الخاصّ من مسؤولیة المسلمین جمیعاً.

وبعبارة اُخرى أن جملة «منکم أمة» ظاهرة فی أنّ هذین الأمرین، واجبان کفائیان لا عینیان.

فی حین أنّ آیات اُخرى تفید بأنّهما عامان غیر خاصین بجماعة دون اُخرى، کما فی الآیة 110 من نفس السورة وهی قوله سبحانه: (کنتم خیر أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنکر ).

أو ما جاء فی الآیة 3 من سورة «العصر»:

(إلاَّ الّذین آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر ) فإن الأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر، والتواصی بالحقّ، والتواصی بالصبر فی هذه الآیات وما شابهها عامّة غیر خاصّة.

الجواب: إنّ الإمعان فی مجموعة هذه الآیات یوضح لنا الجواب، فإنه یستفاد منها أنّ «الأمر بالمعروف» و«النهی عن المنکر» مرحلتین: «المرحلة الفردیة» التی یجب على کلّ واحد القیام بها بمفرده، إذ یجب علیه أن یراقب تصرفات الآخرین، و«المرحلة الجماعیة» وهی التی تعتبر من مسؤولیة الاُمة بما هی اُمة، حیث یجب علیها أن تقوم بمعالجة کلّ الإعوجاجات والانحرافات الاجتماعیة، وتضع حدّاً لها، بالتعاون بین أفرادها وأعضائها کافة.

ویعتبر القسم الأول من وظیفة الأفراد، فرداً فرداً، وحیث إنّ إمکانات الفرد وقدراته محدودة، ولذلک فإنّ إطار هذا القسم یتحدد بمقدار هذه الإمکانات.

وأمّا القسم الثانی فإنه یعتبر واجباً کفائیاً، وحیث إنّه من واجب الاُمة بما هی اُمة فإن حدوده تتسع ولهذا یکون من واجبات الحکومة الإسلامیة، وشؤونها بطبیعة الحال.

إنّ وجود هذین النوعین من مکافحة الفساد، والدعوة إلى الحقّ یعتبران ـ بحقّ ـ من أهم التعالیم التی تتوج القوانین الإسلامیة، کما ویکشف عن سیاسة تقسیم الواجبات والوظائف وتوزیع الأدوار فی الدولة الإسلامیة، وعن لزوم تأسیس «فریق المراقبة»

للنظارة على الأوضاع الاجتماعیة والمؤسسات المختلفة فی النظام الإسلامی.

وقد جرت العادة فیما سبق بوجود أجهزة خاصّة تقوم بمهمّة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر فی المستوى الاجتماعی فی البلاد الإسلامیة، وقد کانت تسمى هذه الأجهزة تارة بإسم «دائرة الحسبة» ویسمى موظفوها بالمحتسبین، وتارة باسم الآمرین بالمعروف، وقد کانت هذه الأجهزة بسبب موظفیها تقوم بمکافحة کلّ فساد فی المجتمع، أو کل فساد وظلم فی أجهزة الدولة، إلى جانب ما تقوم به من تشجیع الناس على الخیر والحثّ على المعروف.

ومع وجود مثل هذه الجماعة بما لها من القوة الواسعة لا یوجد أی تناف بین شمول فریضة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر علیها وعلى الفرد بما له من القدرة المحدودة، إذ یکون الأمر والنهی الواسعان من واجب الدولة الإسلامیة لا الفرد.

وحیث إنّ هذا البحث یعتبر من أهم الأبحاث القرآنیة وقد أشارت إلیه آیات کثیرة فی الکتاب العزیز لذلک یلزم أن نذکر اُموراً فی هذا المجال:

 

سورة آل عمران / الآیة 104 ـ 105 1 ـ ما هو «المعروف» وما هو «المنکر»؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma