رغم کلّ ما قیل عن أهمیّة الإتحاد وآثاره العظیمة فی التقدّم الاجتماعی عند الشعوب والاُمم فإن من الممکن القول والادّعاء بأن الآثار الواقعیة لهذه المسألة لا تزال مجهولة، وغیر معروفة کما ینبغی.
إنّ العالم یشهد الیوم سدوداً کثیرة وکبیرة أقیمت فی مختلف المناطق، وقد أصبحت منشأ لإنتاج أضخم القوى الصناعیة، فقد استطاعت هذه السدود بفضل ما أنتجت من طاقات وحفظت من میاه کانت تذهب قبل ذلک هدراً، أن تغطی مساحات کبیرة شاسعة بالری والإضاءة.
فلو أنّنا فکرنا قلیلاً لوجدنا أنّ هذه القوّة العظیمة لم تنشأ إلاَّ من تجمع القوى الصغیرة، الجزئیة ـ أی تجمع قطرات المطر، وحبات الغیث الحقیرة ـ ومن هنا ندرک أهمیّة اجتماع القوى البشریة وتلاحم الطاقات الإنسانیة، وتجمعها، وما یرافقها من جهود جماعیة.
ولقد عبرت النصوص والأحادیث المأثورة عن النّبی الکریم وأهل بیته الطاهرین ـ علیهم صلوات الله أجمعین ـ عن أهمّیة الإتحاد والاجتماع بعبارات متنوعة مختلفة.
فتارة یقول النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله): «المؤمن للمؤمن کالبنیان یشد بعضه بعضاً» وشبک بین أصابعه (1) .
واُخرى یقول (صلى الله علیه وآله) «المؤمنون کالنفس الواحدة» (2) .
وثالثة یقول (صلى الله علیه وآله) «مثل المؤمنین فی توادهم وتراحمهم کمثل الجسد الواحد إذا اشتکى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى» (3) .