مفرقو الصفوف ومثیرو الخلاف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سبب النّزولسورة آل عمران / الآیة 102 ـ 103

بعد أن فعل بعض العناصر الیهودیة الحاقدة فعلتها وکادت أن تشعل نیران العداوة بین المسلمین نزل ـ کما عرفت فی سبب النزول ـ قوله تعالى: (قل یا أهل الکتاب لم تکفرون بآیات الله والله شهید على ما تعملون ) والمخاطب فی هذه الآیة هم أهل الکتاب ویقصد منهم هنا الیهود، فالله سبحانه یأمر نبیّه فی هذه الآیة أن یسألهم معاتباً عن علّة کفرهم بآیات الله فی حین أنّ الله یعلم بأعمالهم.

والمراد من آیات الله المذکورة فی هذا المقام إمّا الآیات الواردة فی التوراة حول الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) وعلائم نبوّته، أو مجموعة الآیات والمعجزات التی نزلت على نبىّ الإسلام، وتحققت على یدیه، وکشفت عن حقانیته، وصدق دعوته، وصحّة نبوته.

ثمّ جاءت الآیة الثانیة تلومهم قائلة: (قل یا أهل الکتاب لم تصدّون عن سبیل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء ) أی قل یا رسول الله لهم لائماً ومندداً: إذا کنتم غیر مستعدین للقبول بالحقّ، فلماذا تصرون على صرف الآخرین عنه، وصدهم عن سبیل الله، وإظهار هذا الطریق المستقیم فی صورة السبیل الأعوج بما تدخلون من الشبه على الناس؟ فی حین ینبغی ـ بل یتعین ـ أن تکونوا أول جماعة تبادر إلى تلبیة هذا النداء الإلهی، لما وجدتموه من البشائر بظهور هذا النّبی فی کتبکم وتشهدون علیه.

فإذا کان الأمر کذلک فلِمَ هذه الوساوس والمحاولات لإلقاء الفرقة وإضلال الناس، وإزاحتهم عن سمت الحقّ، وصدهم عن السبیل الإلهی القویم؟ ولم تحملون أثقالاً إلى أثقالکم، وتتحملون إلى إثم الضلال جریمة الإضلال؟، لماذا؟

هل تتصورون أنّ کلّ ما تفعلونه سیخفى علینا؟ کلاّ... (وما الله بغافل عمّا تعملون ) إنّه تهدید بعد تندید، وإنّه إنذار بعد لوم شدید.

ولعلّ وصفه سبحانه بعدم الغفلة فی هذا المقام لأجل أنّ الیهود کانوا ـ لإنجاح محاولاتهم ـ یتکتمون ویتسترون، ویعمدون إلى حبک المؤامرات فی الخفاء، لینجحوا فی التأثیر على المغفلین والبسطاء بنحو أفضل، ولیجنوا المزید من الثمار، ولهذا قال لهم سبحانه إذا کان بعض الناس ینخدعون بوساوسکم ومؤامراتکم لغفلتهم فإنّ الله یعلم بأسرارکم، وخفایا أعمالکم، وما هو بغافل عمّا تعملون، فعلمه محیط بکم، وعقابه الألیم ینتظرکم.

وبعد أن ینتهی هذا التقریع والتندید، والإنذار والتهدید لمشعلی الفتن، الصادّین عن سبیل الله القویم، المستفیدین من غفلة بعض المسلمین یتّوجه سبحانه بالخطاب إلى هؤلاء المخدوعین من المسلمین، یحذرهم من مغبة الإنخداع بوساوس الأعداء، والوقوع تحت تأثیرهم، والسماح لعناصرهم بالتسلل إلى جماعتهم، وترتیب الأثر على تحریکاتهم وتسویلاتهم، وأنّ نتیجة کلّ ذلک هو الإبتعاد عن الإیمان، والوقوع فی أحضان الکفر، إذ یقول: (یا أیها الذین آمنوا إن تطیعوا فریقاً من الذین أوتوا الکتاب یردّوکم بعد إیمانکم کافرین ).

أجل إنّ نتیجة الإنصیاع لمقاصد هؤلاء الأعداء هو الرجوع إلى الکفر لأنّ العدو یسعى فی المرحلة الاُولى إلى أن یشعل بینکم نیران العداوة والإقتتال، ولکنه لن یکتفی بهذا القدر منکم، بل سیستمر فی وساوسه الخبیثة حتى یخرجکم عن الإسلام مرّة واحدة، ویعیدکم إلى الکفر تارة اُخرى.

من هذا البیان اتضح أنّ المراد من الرجوع إلى الکفر ـ فی الآیة ـ هو «الکفر الحقیقی، والإنفصال الکامل عن الإسلام» کما ویمکن أن یکون المراد من ذلک هی تلک العداوات

الجاهلیة التی تعتبر ـ فی حدّ ذاتها ـ شعبة من شعب الکفر، وعلامة من علائمه، وأثراً من آثاره، لأنّ الإیمان لا یصدر منه إلاَّ المحبّة والمودة والتآلف، وأمّا الکفر فلا یصدر منه إلاَّ التقاتل والعداوة والتنافر.

ثمّ یتساءل ـ فی عجب واستغراب ـ (وکیف تکفرون وأنتم تتلى علیکم آیات الله وفیکم رسوله ) أی کیف یمکن أن تسلکوا سبیل الکفر، وترجعوا کفّاراً والنّبی (صلى الله علیه وآله) بین ظهرانیکم، وآیات الله البینات تقرأ على أسماعکم، وتشع أنوار الوحی على قلوبکم وتهطل علیکم أمطاره المثیرة للحیاة؟

إنّ هذه العبارة ما هی ـ فی الحقیقة ـ إلاَّ الإشارة إلى أنّه لا عجب إذا ضل الآخرون وانحرفوا، ولکن العجب ممّن یلازمون الرسول ویرونه فیما بینهم، ولهم مع عالم الوحی إتصال دائم... ومع آیاته صحبة دائمة، إنّ العجب إنّما هو ـ فی الحقیقة ـ من هؤلاء کیف یضلون وکیف ینحرفون؟

إنّه حقّاً یدعو إلى الدهشة والاستغراب ویبعث على العجب أن یضل مثل هؤلاء الذین یعیشون فی بحبوحة النور، ولاشک أنّهم أنفسهم یتحملون إثم هذا الضلال ـإن ضلوا ـ لأنّهم لم یضلوا إلاَّ عن بیّنة، ولم ینحرفوا إلاَّ بعد بصیرة... ولا شکّ أنّ عذابهم سیکون شدیداً جدّاً لذلک.

ثمّ فی ختام هذه الآیات یوصی القرآن الکریم المسلمین ـ إن أرادوا الخلاص من وساوس الأعداء، وأرادوا الإهتداء إلى الصراط المستقیم ـ أن یعتصموا بالله ویلوذوا بلطفه ویتمسکوا بهدایاته وآیاته، ویقول لهم بصراحة تامة (ومن یعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقیم ).

هذا ومن النقاط المهمّة التی تلفت النظر فی هذه الآیات هو أنّ الخطاب الإلهی فی الآیتین الأولیین من هذه الآیات موجهة إلى الیهود بالواسطة، لأنّ الله سبحانه یأمر نبیّه الکریم أن یبلغ هذه المواضیع للیهود عن لسانه فیقول تعالى له (قل ) ولکنه عندما یوجه الخطاب إلى المسلمین فی الآیتین الآخریین یخاطبهم بصورة مباشرة ودون واسطة فلا یشرع خطابه لهم بلفظه (قل ) وهذا یکشف عن منتهى عنایة الله ولطفه بالمؤمنین، وأنّهم ـ دون غیرهم ـ لائقون بأن یخاطبهم الله مباشرة، وأن یوجه إلیهم الکلام دون أن یوسط بینه وبینهم أحداً.

سبب النّزولسورة آل عمران / الآیة 102 ـ 103
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma