3 ـ مزایا الکعبة وفضائلها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
2 ـ توسیع المسجد الحرام4 ـ أهمیّة الحجّ

لقد ذکرت فی هاتین الآیتین ـ مضافاً إلى المیزتین اللّتین مرّ شرحهما ـ أربع مزایا اُخرى هی:

(مبارکاً )

«المبارک» یعنی کثیر الخیر والبرکة، وإنّما کانت الکعبة المعظمة مبارکة لأنّها تعتبر بحق واحدة من أکثر نقاط الأرض برکة وخیراً، سواء الخیر المادی، أو المعنوی.

وأمّا البرکات المعنویة التی تتحلى بها هذه الأرض وهذه المنطقة من اجتماع الحجیج فیها، وما ینجم عن ذلک من حرکة وتفاعل ووحدة، وما یصحبه من جاذبیة ربانیة تحیی الأنفس والقلوب وخاصة فی موسم الحج فمما لا یخفى على أحد.

ولو أنّ المسلمین لم یقصروا اهتمامهم ـ فی موسم الحج ـ على الجانب الصوری لهذه الفریضة بل أحیوا روحها، والتفتوا إلى فلسفتها، لإتضحت ـ حینذاک البرکات المعنویة، وتجلت للعیان أکثر فأکثر.

هذا من الناحیة المعنویة.

وأما من الناحیة المادیة فإن هذه المدینة رغم أنّها اُقیمت فی أرض قاحلة لا ماء فیها ولا عشب، ولا صلاحیة فیها للزراعة والرعی بقیت على طول التاریخ واحدة من أکثر المدن عمراناً وحرکة، وکانت دائماً من المناطق المؤهلة ـ خیر تأهیل ـ للحیاة، بل وللتجارة أیضاً.

(هدى للعالمین )

أجل، إنّ الکعبة هدى للعالمین فهی تجتذب الملایین من الناس الذین یقطعون إلیها البحار والوهاد، ویقصدونها من کلّ فج عمیق لیجتمعوا فی هذا الملتقى العبادی العظیم وهم بذلک یقیمون هذه الفریضة فریضة الحجّ التی لم تزل تؤدّی بجلال عظیم منذ عهد الخلیل (علیه السلام).

ولقد کانت هذه البنیة معظمة أبداً حتى من قبل العرب الجاهلیین، فهم کانوا یحجون إلیها وإن مزجوا مناسک الحجّ ببعض خرافاتهم وعقائدهم الباطلة، إلاَّ أنّهم ظلوا أوفیاء لهذه المناسک على أنّها دین إبراهیم، وقد کان لهذه المناسک والمراسم الناقصة، والخلیطة أحیاناً بالخرافات الجاهلیة، أثرها فی سلوکهم، حیث کانوا یرتدعون بسببها عن بعض المفاسد بعض الوقت، وهکذا کانت الکعبة سبباً للهدایة حتى للوثنیین...

إنّ لهذا البیت من الجواذب المعنویة ما لا یستطیع أی أحد أن یقاومها ویصمد أمام تأثیرها الأخّاذ.

(فیه آیات بیّنات مقام إبراهیم )

إنّ فی هذا البیت معالم واضحة وعلائم ساطعة لعبادة الله وتوحیده، وفی تلک النقطة المبارکة من الآثار المعنویة ما یبهر العیون ویأخذ بمجامع القلوب. وإن بقاء هذه الآثار والمعالم رغم کید الکائدین وإفساد المفسدین الذین کانوا یسعون إلى إزالتها ومحوها لَمن تلک الآیات التی یتحدث عنها القرآن فی هذا الکلام العلوی.

فها هی آثار جلیلة من إبراهیم (علیه السلام) لا تزال باقیة عند هذا البیت مثل: زمزم والصفا والمروة، والرکن (1) ، والحطیم (2) ، والحجر الأسود، وحجر إسماعیل (3) الذی یعتبر کلّ واحد منها تجسیداً حیّاً لتاریخ طویل، وذکریات عظیمة خالدة.

ولقد خصّ «مقام إبراهیم» بالذکر من بین کلّ هذه الآثار والآیات لأنّه المحل الذی کان قد وقف فیه الخلیل (علیه السلام) لبناء الکعبة، أو لإتیان مناسک الحجّ، أو لإطلاق الدعوة العامّة التی وجهها إلى البشریة کافة، والأذان بهم لیحجوا هذا البیت، ویلتقوا فی هذا الملتقى العبادی التوحیدی العظیم.

وعلى کلّ حال فإنّ هذا المقام لَمن أهم الآیات التی مر ذکرها، وأنّها لَمن أوضح الدلائل وأقوى البراهین على ما شهدته هذه النقطة من العالم من التضحیات والذکریات، والاجتماعات والحوادث، البالغة الأهمیّة.

یبقى أن نعرف أنّ ثمّة خلافاً بین المفسّرین فی أنّ المراد بمقام إبراهیم هل هو خصوص النقطة التی توجد فیها الصخرة التی لا تزال تحمل أثر قدمه الشریف، أو أنّه الحرم المکی، أو جمیع المواقف التی ترتبط بمناسک الحجّ، ولکن فی الروایة المنقولة عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی کتاب الکافی (4) إشارة إلى الاحتمال الأول.

(ومن دخله کان آمناً )

لقد طلب إبراهیم (علیه السلام) من ربّه بعد الانتهاء من بناء الکعبة، أن یجعل بلد مکّة آمناً إذ قال (رب اجعل هذا البلد آمناً ) (5) ، فاستجاب الله له، وجعل مکّة بلداً آمناً، ففیه أمن للنفوس والأرواح، وفیه أمن للجموع البشریة التی تفد إلیه وتستلهم المعنویات السامیة منه، وفیه أمن من جهة القوانین الدینیة، فإنّ الأمن فی هذا البلد قد بلغ من الاهتمام به وإحترامه أن منع فیه القتال منعاً باتاً، وأکیداً.

وقد جعلت الکعبة بالذات مأمناً وملجأ فی الإسلام لا یجوز التعرض لمن لجأ إلیها أبداً، وهو أمر یشمل الحیوانات أیضاً إذ یجب أن تکون فی أمان من الأذى والمزاحمة إذا هی التجأت إلى هذه النقطة من الأرض.

فإذا التجأ إنسان إلى الکعبة لم یجز التعرض له حتى لو کان قاتلاً جانیاً، بید أنّه حتى لا تستغل حرمة هذا البیت وقدسیتها الخاصّة، وحتى لا تضیع حقوق المظلومین سمح الإسلام بالتضییق فی المطعم والمشرب على الجناة أو القتلة اللاّجئین إلیه لیضطروا إلى مغادرته ثمّ ینالوا جزاءهم العادل.

وبعد أن استعرض القرآن الکریم فضائل هذا البیت وعدد مزایاه، أمر الناس بأن یحجّوا إلیه ـ دون استثناء ـ وعبر عن ذلک بلفظ مشعر بأنّ مثل هذا الحجّ هو فی الحقیقة دین لله على الناس، فیتوجب علیهم أن یؤدّوه ویفرغوا ذممهم منه إذ قال (ولله على الناس حجّ البیت ).

وتعنی لفظة «الحجّ» أصلاً القصد، ولهذا سمّیت الجادة بالمحجة (على وزن مودة) لأنّها توصل سالکها إلى المقصد، کما أن لهذا السبب نفسه سمی الدلیل بـ«الحجة» لأنّه یوضح المقصود.

أمّا وجه تسمیة هذه الزیارة وهذه المناسک الخاصة بالحجّ فلأن قاصد الحجّ إنّما یخرج وهو «یقصد زیارة بیت الله» ولهذا أضیفت لفظة الحجّ إلى البیت فقال تعالى (حجّ البیت ).

ثم إننا قد أشرنا سابقاً إلى أن مراسم الحج هذه قد سنت واُسست منذ عهد إبراهیم (علیه السلام) ثمّ استمرت حتى العهد الجاهلی حیث کان العرب الجاهلیون یمارسونها ویؤدّونها، ولکنها شرعت فی الإسلام فی صورة أَکمل، وکیفیة خالیة عن الخرافات التی لصقت بها من العهد الجاهلی (6) ولکن المستفاد من الخطبة القاصعة فی نهج البلاغة وبعض الأحادیث والروایات أنّ فریضة الحج شرعت أول مرّة فی زمن آدم (علیه السلام) إلاَّ أنّ اتخاذها الصفة الرسمیة یرتبط ـ فی الأغلب ـ بزمن الخلیل (علیه السلام).

إنّ الحجّ یجب على کلّ إنسان مستطیع، فی العمر مرّة واحدة، ولا یستفاد من الآیة المبحوثة هنا أکثر من ذلک، لأنّ الحکم فیها مطلق، وهو یحصل بالإمتثال مرّة واحدة.

إنّ الشرط الوحید الذی ذکرته الآیة الحاضرة لوجوب الحجّ واستقراره هو «الاستطاعة» المعبر عنها بقوله سبحانه (من استطاع إلیه سبیلاً ).

نعم، قد فسرت الاستطاعة فی الأحادیث الإسلامیة والکتب الفقهیة بـ «الزاد والراحلة (أی الإمکانیة المالیة لنفقات سفر الحجّ ذهاباً وإیاباً) والقدرة الجسدیة والتمکن من الإنفاق على نفسه وعائلته بعد العودة من الحجّ» (7) والحقّ أنّ جمیع هذه الاُمور موجودة فی الآیة، إذ لفظة «استطاع» التی تعنی القدرة والإمکانیة تشمل کلّ هذه المعانی والجهات.

ثمّ إنّه یستفاد من هذه الآیة أنّ هذا القانون ـ مثل بقیة القوانین الإسلامیة ـ لایختصّ بالمسلمین، فعلى الجمیع أن یقوموا بفریضة الحجّ مسلمین وغیر مسلمین، وتؤَید ذلک القاعدة المعروفة: «الکفّار مکلفون بالفروع کما أنهم مکلفون بالاُصول». (8) وإن کانت صحّة هذه المناسک وأمثالها من العبادات مشروطة بقبولهم للإسلام واعتناقهم إیّاه، ثمّ أدائها بعد ذلک، ولکن لابدّ أن یعلم بأنّ عدم قبولهم للإسلام لا یسقط عنهم التکلیف، ولا یحررهم من هذه المسؤولیة.

وما قلناه فی هذه الآیة فی هذا المجال جار فی أمثالها أیضاً.

هذا وقد بحثنا بإسهاب حول أهمیّة الحجّ وفلسفته وآثاره الفردیة والاجتماعیة عند الحدیث عن الآیات 196 إلى 203 من سورة البقرة.


1. کل زاویة من زوایا الکعبة ـ الأربعة یسمى «رکناً».
2. یقع «الحطیم» بین الحجر الأسود وباب الکعبة المعظمة، وإنما سمی بـ «الحطیم» إما لکثرة ازدحام الناس والطائفین فیها، وهو موضع توبة آدم، وإمّا لکونه موضع غفران الذنوب، وغفرانها بمنزلة تحطیمها.
3. «حجر إسماعیل» هو محل بنى فیه جدار هلالی الشکل عند الضلع الشمالی الغربی من الکعبة.
4. أصول الکافی، ج 4، ص 223; ووسائل الشیعة، ج 13، ص 239.
5. إبراهیم، 35; والبقرة، 126.
6. یستفاد من بعض الروایات أن تشریع هذه الفریضة فی الإسلام کان فی السنة العاشرة من الهجرة وأنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) أمر جماعة ـ فی تلک السنة ـ أن یوَذنوا فی الناس بالحجّ، ویهیئوا الناس لأداء هذه الفریضة، وإن کان النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)وجماعة من صحبه قد سبق لهم أن أتوا بالعمرة قبل ذلک أیضاً، (وسائل الشیعة، ج 11، ص 235، ح 14675).
7. وسائل الشیعة، ج 11، ص 7 و23.
8. مختلف الشیعة، للعلامة الحلّی، ج 3، ص 251.

 

2 ـ توسیع المسجد الحرام4 ـ أهمیّة الحجّ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma