الدعوة إلى الإتّحاد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة آل عمران / الآیة 64 رسائل النّبی (صلى الله علیه وآله) إلى رؤساء العالم

بدأ القرآن فی الآیات السابقة بدعوة المسیحیّین إلى الاستدلال المنطقی، وإذ رفضوا، دعاهم إلى المباهلة، فکان لهذا أثره فی نفوسهم، فرفضوها ولکنّهم رضخوا لشروط إعتبارهم ذمّیّین، فانتهز القرآن هذه الفرصة من استعدادهم النفسی، وعاد إلى طریقة الاستدلال.

غیر أنّ الاستدلال هذه المرّة یختلف عن الاستدلال السابق إختلافاً کبیراً.

فی الآیات السابقة کانت الدعوة إلى الإسلام (بکلّ تفاصیله)، ولکنّ الدعوة هذه المرّة تتّجه إلى النقاط المشترکة بین الإسلام وأهل الکتاب، وبهذا یعلّمنا القرآن درساً، مفاده: أنّکم إذا لم توفّقوا فی حمل الآخرین على التعاون معکم فی جمیع أهدافکم، فلا ینبغی أن یقعد بکم الیأس عن العمل، بل إسعوا لإقناعهم بالتعاون معکم فی تحقیق الأهداف المشترکة بینکم، کقاعدة للإنطلاق إلى تحقیق سائر أهدافکم المقدّسة (قل یا أهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بیننا وبینکم ألاَّ نعبد إلاَّ الله ولا نشرک به شیئاً ).

هذه الآیة تعتبر نداء «الوحدة والإتّحاد» إلى أهل الکتاب، فهی تقول لهم: إنّکم تزعمون ـ بل تعتقدون ـ أنّ التثلیث (أی الإعتقاد بالآلهة الثلاثة) لا ینافی التوحید، لذلک تقولون بالوحدة فی التثلیث، وهکذا الیهود یدعون التوحید وهم یتکلّمون بکلام فیه شرک ویعتبرون «العزیر» ابن الله.

 

یقول لهم القرآن: إنّکم جمیعاً ترون التوحید مشترکاً، فتعالوا نضع یداً بید لنحیی هذا المبدأ المشترک بدون لفّ أو دوران، ونتجنّب کلّ تفسیر یؤدّی إلى الشرک والإبتعاد عن التوحید.

والملفت للنظر أن الآیة الشریفة تؤکّد موضوع التوحید فی ثلاث تعابیر مختلفة، فأوّلاً ذکرت (ألاَّ نعبد إلاَّ الله ) وفی الجملة الثانیة (ولا نشرک به شیئاً ) وفی المرّة الثالثة قالت (ولا یتّخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ).

ولعلّ فی هذه الجملة الأخیرة إشارة إلى أحد موضوعین:

«الأوّل»: أنّه لا یجوز تألیه المسیح، وهو بشر مثلنا ومن أبناء نوعنا.

«والثانی»: أنّه لا یجوز الإعتراف بالعلماء المنحرفین الذین یستغلّون مکانتهم ویغیّرون حلال الله وحرامه کیفما یحلو لهم، ولا یجوز اتّباع هؤلاء.

ویتّضح ممّا سبق من الآیات القرآنیة أنّه کان هناک بین علماء أهل الکتاب جماعات یحرّفون أحکام الله بحسب «مصالحهم» أو «تعصّبهم»، إنّ الإسلام یرى أنّ من یتّبع أمثال هؤلاء دون قید أو شرط وهو یعلم بهم، إنّما هو یعبدهم بالمعنى الواسع لکلمة العبادة.

إنّ سبب هذا الحکم واضح، فإن حقّ وضع القوانین والتشریعات یعود إلى الله، فإذا قرّر أحد هذا الحقّ لغیر الله فقد أشرک.

یقول المفسّرون فی ذیل تفسیر هذه الآیة إنّ «عدی بن حاتم» الذی کان نصرانیاً ثمّ أسلم، عندما سمع هذه الآیة، فهِم من کلمة «أرباب» أنّ القرآن یقول إنّ أهل الکتاب یعبدون بعض علمائهم، فقال للنّبی (صلى الله علیه وآله): ما کنّا نعبدهم یا رسول الله.

فقال (صلى الله علیه وآله): أما کانوا یحلّون لکم ویحرّمون فتأخذون بقولهم؟

فقال: نعم.

فقال النّبی (صلى الله علیه وآله): هو ذاک (1) .

فی الواقع یعتبر الإسلام الرقّ والاستعمار الفکری نوعاً من العبودیة والعبادة لغیر الله، وهو کما یحارب الشرک وعبادة الأصنام، یحارب کذلک الاستعمار الفکری الذی هو أشبه بعبادة الأصنام.

 

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ «أرباب» جمع، لذلک لا یمکن أن نقول إنّ المقصود هو النهی عن عبادة عیسى وحده، ولعلّ النهی یشمل عبادة عیسى وعبادة العلماء المنحرفین.

(فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون ).

لو أنّهم ـ بعد دعوتهم دعوة منطقیة إلى نقطة التوحید المشترکة ـ أصرّوا على الإعراض، فلابدّ أن یقال لهم: اشهدوا أنّنا قد أسلمنا للحق، ولم تسلموا، وبعبارة اُخرى: فاعلموا من یطلب الحق، ومن یتعصّب ویعاند. ثمّ قولوا لهم (اشهدوا بأنّا مسلمون ) فلا تأثیر لعنادکم وعصیانکم وابتعادکم عن الحقّ فی أنفسنا، وإنّا ما زلنا على طریقنا ـ طریق الإسلام ـ سائرون، لا نعبد إلاَّ الله، ولا نلتزم إلاَّ شریعة الإسلام، ولا وجود لعبادة البشر بیننا.


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 352.

 

سورة آل عمران / الآیة 64 رسائل النّبی (صلى الله علیه وآله) إلى رؤساء العالم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma