سؤال: هنا یتبادر إلى الذهن سؤال یقول: إذا کان «الحصر» هو العزوف عن الزواج، فهل هذا مَحمَدة یمتاز بها الإنسان، بحیث یوصف بها یحیى؟
والجواب: فی الجواب نقول لیس هناک ما یدلّ على أنّ «الحصر» المذکور فی الآیة یقصد به العزوف عن الزواج، فالحدیث المنقول بهذا الخصوص لیس موثوقاً به من حیث أسانیده، فلا یُستبعد أن یکون المعنى هو العزوف عن الشهوات والأهواء وحبّ الدنیا، وفی صفات الزاهدین، هذا أوّلاً.
وثانیاً: من المحتمل أن یکون یحیى ـ مثل عیسى ـ قد عاش فی ظروف خاصّة اضطرّته إلى الترحال من أجل تبلیغ رسالته، فاضطرّ إلى حیاة العزوبة، وهذا لا یمکن أن یکون قانوناً عامّاً للناس، فإذا مدحه الله لهذه الصفة فذلک لأنّه تحت ضغط ظروفه عزف عن الزواج، ولکنّه استطاع فی الوقت نفسه أن یحصن نفسه من الزلل وأن یحافظ على طهارته من التلوّث، إنّ قانون الزواج قانون فطری، فلا یمکن فی أیّ دین أن یشرع قانون ضدّه، وعلیه فالعزوبة لیست صفة محمودة، لا فی الإسلام ولا فی الأدیان الاُخرى.