بالنظر لاحتمال أن تکون الآیات المتشابهات وأسرارها موضع زلل الناس، فإنّ الراسخین فی العلم المؤمنین یلجأون إلى ربّهم إضافة إلى استعمال رأسمالهم العلمی فی إدراک حقیقة الآیات. وهذا ما تبیّنه هاتان الآیتان على لسان الراسخین فی العلم، وتقولان إنّ الراسخین فی العلم والمفکّرین من ذوی البصیرة لا یفتأون یراقبون أرواحهم وقلوبهم لئلاّ ینحرفوا نحو الطرق الملتویة، فیطلبون لذلک العون من الله، فالغرور العلمی یخرج بعض العلماء عن مسیرهم إلى متاهات الضلال، لأنّهم لایلتفتون إلى عظمة الخلق والخالق وتفاهة ما عندهم من علم، فیحرمون من هدایة الله، أمّا العلماء المؤمنون فیقولون: (ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هدیتنا وهب لنا من لدنک رحمة إنّک أنت الوهّاب ).
ولیس أشدّ تأثیراً فی السیطرة على المیول والأفکار من الاعتقاد بیوم القیامة والمعاد، إنّ الراسخین فی العلم یصحّحون أفکارهم عن طریق الإعتقاد بالمبدأ والمعاد، ویحولون دون التأثّر بالمیول والأحاسیس المتطرّفة التی تؤدّی إلى الزلل، ونتیجة لذلک یستقیمون على الصراط المستقیم بأفکار سلیمة ودون عائق، نعم هؤلاء هم القادرون على الاستفادة من آیات الله کلّ الاستفادة. (ربّنا إنّک جامع النّاس لیوم لاریب فیه إنّ اللّه لایخلف المیعاد ).
فی الحقیقة تشیر الآیة الاُولى إلى إیمان هؤلاء الکامل «بالمبدأ» ، وتشیر الآیة الثانیة إلى إیمانهم الراسخ «بالمعاد».