تدوین الأوراق التجاریة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 282بحثان

بعد أن شنّ القرآن على الربا والاحتکار والبخل حرباً شعواء، وضع تعلیمات دقیقة لتنظیم الروابط التجاریة والاقتصادیة، لکی تنمو رؤوس الأموال نموّاً طبیعیاً دون أن تعتریها عوائق أو تنتابها خلافات ومنازعات.

تضع هذه الآیة التی هی أطول آیات القرآن تسعة عشر بنداً من التعلیمات التی تنظّم

الشؤون المالیة، نذکرها على التوالی: (1)

إذا أقرض شخص شخصاً أو عقد صفقة، بحیث کان أحدهما مدیناً، فلکی لا یقع أیّ سوء تفاهم واختلاف فی المستقبل، یجب أن یکتب بینهما العقد بتفاصیله (یا أیّها الّذین آ منوا إذا تداینتم بدَین إلى أجل مسمّىً فاکتبوه ).

من الجدیر بالذکر أنّه یستعمل کلمة «دَین» هنا ولا یستعمل کلمة «قرض»، وذلک لأنّ القرض هو تبادل شیئین متشابهین کالنقود أو البضاعة التی یقترضها المقترض ویستفید منها،ثمّ یعید نقوداً أو بضاعةً إلى المقرض مثلاً بمثل، أمّا «الدَین» فأوسع معنى، فهو یشمل کلّ تعامل، مثل المصالحة والإیجار والشراء والبیع وأمثالها، بحیث إنّ أحد الطرفین یصبح مدیناً للطرف الآخر، وعلیه فهذه الآیة تشمل جمیع المعاملات التی فیها دَین یبقى فی ذمّة المدین، بما فی ذلک القرض.

لکی یطمئن الطرفان على صحّة العقد ویأمنا احتمال تدخّل أحدهما فیه، فیجب أن یکون الکاتب شخصاً ثالثاً (ولیکتب بینکم کاتب ).

على الرغم من أنّ ظاهر الآیة یدلّ على وجوب کتابة العقد، یتبیّن من الآیة التالیة (فإن أمن بعضکم بعضاً فلیؤدّ الذی اؤتمن أمانته ) أنّ لزوم الکتابة یتحقّق إذا لم یطمئن الطرفان أحدهما إلى الآخر واحتمل حصول خلافات فیما بعد.

على کاتب العقد أن یقف إلى جانب الحقّ، وأن یکتب الحقیقة الواقعة (بالعدل ).

یجب على کاتب العقد، الذی وهبه الله علماً بأحکام کتابة العقود وشروط التعامل، أن لا یمتنع عن کتابة العقد، بل علیه أن یساعد طرفی المعاملة فی هذا الأمر الاجتماعی (ولا یأبَ کاتب أن یکتب کما علّمه الله فلیکتب ).

إنّ تعبیر (کما علّمه الله ) حسب التفسیر المذکور للتوکید ولزیادة الترغیب، ویمکن القول إنّه یشیر إلى أمر آخر، وهو ضرورة التزامه الأمانة، وأن یکتب العقد، کما علّمه الله، کتابة متقنة.

بدیهیّ أنّ قبول الدعوة إلى تنظیم العقود لیست واجباً عینیاً، کما یتّضح من قوله سبحانه (ولا تسأموا أن تکتبوه صغیراً أو کبیراً ).

 

على أحد الطرفین أن یملی تفاصیل العقد على الکاتب، ولکن أیّ الطرفین؟ تقول الآیة: المدین الذی علیه الحق: (ولیملل الذی علیه الحقّ ).

من المتّفق علیه أنّ التوقیع المهمّ فی العقد هو توقیع المدین، ولذلک فإنّ العقد الذی یکتب بإملائه یعتبر مستمسکاً لا یمکنه إنکاره (2) .

على المدین عند الإملاء أن یضع الله نصب عینیه، فلا یترک شیئاً إلاَّ قاله لیکتبه الکاتب (ولیتّق الله ربّه ولا یبخس منه شیئاً ).

إذا کان المدین واحداً ممّن تنطبق علیه صفة «السفیه»، وهو الخفیف العقل الذی یعجز عن إدارة أمواله ولا یمیّز بین ضرره ومنفعته، أو «الضعیف» القاصر فی فکره والضعیف فی عقله المجنون، أو «الأبکم والأصم» الذی لا یقدر على النطق، فإنّ لولیّه أن یملی العقد فیکتب الکاتب بموجب إملائه (فإن کان الذی علیه الحقّ سفیهاً أو ضعیفاً أو لا یستطیع أن یملّ هو فلیملل ولیّه ).

على «الولی» فی الإملاء والاعتراف بالدَین، أن یلتزم العدل وأن یحافظ على مصلحة موکّله، وأن یتجنّب الإبتعاد عن الحقّ (فلیملل ولیّه بالعدل ).

بالإضافة إلى کتابة العقد، على الطرفین أن یستشهدا بشاهدین (واستشهدوا شهیدین ) (3) .

10 و11ـ یجب أن یکون الشاهدان بالغین ومسلمین وهذا یستفاد من عبارة (من رجالکم ) أی ممّن هم على دینکم.

12ـ یجوز اختیار شاهدتین من النساء وشاهد من الرجال (فإن لم یکونا رجلین فرجل وامرأتان ).

13ـ لابدّ أن یکون الشاهدان موضع ثقة (ممّن ترضَون من الشهداء )، یتبیّن من هذه الآیة أنّ الشهود یجب أن یکونوا ممّن یُطمأنّ إلیهم من جمیع الوجوه، وهذه هی «العدالة» التی وردت فی الأخبار أیضاً.

 

14ـ وإذا کان الشاهدان من الرجال، فلکلّ منهما أن یشهد منفرداً، أمّا إذا کانوا رجلاً واحداً وامرأتین، فعلى المرأتین أن تدلیا بشهادتهما معاً لکی تذکّر إحداهما الاُخرى إذا نسیت شیئاً أو أخطأت فیه.

أمّا سبب اعتبار شهادة امرأتین تعدل شهادة رجل واحد، فهو لأنّ المرأة کائن عاطفی وقد تقع تحت مؤثّرات خارجیة، لذلک فوجود امرأة اُخرى معها یحول بینها وبین التأثیر العاطفی وغیره: (أن تَضِلّ إحداهما فتُذکّر إحداهما الاُخرى ).

15ـ ویجب على الشهود إذا دُعوا إلى الشهادة أن یحضروا من غیر تأخیر ولا تهاون کما قال: (ولا یأب الشهداء إذا ما دُعوا ).

وهذا من أهم الأحکام الإسلامیة ولا یقوم القسط والعدل إلاَّ به.

16ـ تجب کتابة الدین سواء أکان الدَین صغیراً أو کبیراً، لأنّ الإسلام یرید أن لا یقع أیّ نزاع فی الشؤون التجاریة، حتى فی العقود الصغیرة التی قد تجرّ إلى مشاکل کبیرة (ولا تسأموا أن تَکْتُبُوه صغیراً أو کبیراً إلى أجله ) (4) والسأم هو الملل من أمر لکثرة لبثه.

وتشیر الآیة هنا إلى فلسفة هذه الأحکام، فتقول إنّ الدقّة فی تنظیم العقود والمستندات تضمن من جهة تحقیق العدالة، کما أنّها تطمئن الشهود من جهة اُخرى عند أداء الشهادة، وتحول من جهة ثالثة دون ظهور سوء الظنّ بین أفراد المجتمع (ذلکم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألاَّ ترتابوا ).

17ـ إذا کان التعاقد نقداً فلا ضرورة للکتابة (إلاَّ أن تکون تجارةً حاضرةً تدیرونها بینکم فلیس علیکم جناح ألاَّ تکتبوها ).

«التجارة الحاضرة» تعنی التعامل النقدی، و«تدیرونها» تعنی الجاریة فی التداول لتوضیح معنى التجارة الحاضرة، وتعبیر (فلیس علیکم جناح ) یعنی: لیس هناک ما یمنع من کتابة العقود النقدیة أیضاً، وهو خیر، لأنّه یزیل کلّ خطأ أو اعتراض محتملین فیما بعد.

18ـ فی المعاملات النقدیة وإن لم تحتج إلى کتابة عقد، لابدّ من شهود: (وأشهِدوا إذا تبایعتم ).

 

19ـ وآخر حکم تذکره الآیة هو أنّه ینبغی ألاَّ یصیب کاتب العقد ولا الشهود أیّ ضرر بسبب تأییدهم الحقّ والعدالة: (ولا یضارّ کاتب ولا شهید ).

والفعل «یضارّ» یعنی ـ کما فسّرناه ـ أن لا یصیب الکتاب والشهود ضرر، أی أنّه مجهول، ولا حاجة إلى تفسیره بأنّه یعنی أن لا یصدر من الکاتب والشهود ضرر فی الکتابة والشهادة، بعبارة اُخرى لا حاجة إلى اعتباره فعلاً معلوماً، لأنّ هذا التأکید ورد فی فقرة سابقة من الآیة.

ثمّ تقول الآیة إنّه إذا آذى أحد شاهداً أو کاتباً لقوله الحق فهو إثم وفسوق یخرج المرء من مسیرة العبادة لله: (وإن تفعلوا فإنّه فُسُوق بکم ).

وفی الختام، وبعد کلّ تلک الأحکام، تدعو الآیة الناس إلى التقوى وإمتثال أمر الله: (واتقوا الله ) ثمّ تقول إنّ الله یعلّمکم کلّ ما تحتاجونه فی حیاتکم المادّیة والمعنویة: (ویعلّمکم الله ) وهو یعلم کلّ مصالح الناس ومفاسدهم ویقرّر ما هو الصالح لهم: (والله بکلّ شیء علیم ).


1. وطبعاً یستفاد من بعض الأحکام ضمناً «ولیس بالدلالة المطابقیة» أنّه لو اضیفت تلک الأحکام إلى الأحکام التسعة عشر المذکورة لبلغت أکثر من واحد وعشرین حکماً.
2. «ولیملل» من مادة «ملة» بمعنى الدین والأحکام الإلهیة وقال بعض أنّها من مادة «ملال» وبما أنّ فی الملاء هناک تکرار مملل اُطلقت هذه الکلمة علیه (تارة بصورة املاء واُخرى بصورة املال).
3. قال بعض ان التفاوت بین «شاهد» و «شهید» هو أنّ الشاهد یقال لمن حضر الواقعة حتى یمکنه أن یشهد علیها، والشهید هو الذی یؤدّی الشهادة.
4. تقدیم «الصغیر» على «الکبیر» من أجل أنّ الناس عادة یهملون المعاملات الصغیرة أو لا یلتزمون بکتابتها وهذا یؤدّی إلى التنازع أو أنّه یحتمل أنّ الناس یظنون أنّ کتابة المعاملات الصغیرة دلیل على البخل، ولذلک تعرض القرآن لنفیه.

 

سورة البقرة / الآیة 282بحثان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma