الربا فی القرآن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 275 ـ 277 منطق المرابین

فی الآیات التی مضت کان الکلام على الإنفاق وبذل المال لمساعدة المحتاجین وفی سبیل رفاه المجتمع، وفی هذه الآیات یدور الکلام على الربا الذی یقف فی الجهة المضادّة للإنفاق، والواقع هو أنّ هذه الآیات تکمل هدف الآیات السابقة، لأنّ تعاطی الربا یزید من الفواصل الطبقیة ویرکّز الثروة فی أیدی فئة قلیلة، ویسبّب فقر الأکثریة، والإنفاق سبب طهارة القلوب والنفوس واستقرار المجتمع، والربا سبب البخل والحقد والکراهیة والدنس.

هذه الآیات شدیدة وصریحة فی منع الربا، ولکن یبدو منها أنّ موضوع الربا قد سبق التطرّق إلیه، فإذا لاحظنا تاریخ نزول هذه الآیات تتّضح لنا صحّة ذلک، فبحسب ترتیب نزول القرآن، السورة التی ورد فیها ذکر الربا لأول مرّة هی سورة الروم، وهی السورة الثلاثون التی نزلت فی مکّة، ولا نجد فی غیرها من السور المکّیة إشارة إلى الربا.

 

لکن الحدیث عن الربا فی السورة المکّیة جاء على شکل نصیحة أخلاقیة (وما آتیتم من رباً لیربوا فی أموال الناس فلا یربوا عند الله ) (1) .

أی أنّ قصیری النظر قد یرون أنّ الثروة تزداد بالربا، ولکنّه لا یزداد عند الله.

ثمّ بعد الهجرة، تناول القرآن الربا فی ثلاث سور اُخرى من السور التی نزلت فی المدینة وهی بالترتیب: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء. وعلى الرغم من أنّ سورة البقرة قد نزلت قبل سورة آل عمران، فلا یُستبعد أن تکون الآیة 130 من سورة آل عمران ـ وهی التی تحرّم الربا تحریماً صریحاً ـ قد نزلت قبل سورة البقرة والآیات المذکورة أعلاه.

على کلّ حال، هذه الآیة وسائر الآیات التی تخصّ الربا نزلت فی وقت کان فیه تعاطی الربا قد راج بشدّة فی مکّة والمدینة والجزیرة العربیة حتى غدا عاملاً مهمّاً من عوامل الحیاة الطبقیة، وسبباً من أهمّ أسباب ضعف الطبقة الکادحة وطغیان الأرستقراطیة، لذلک فإنّ الحرب التی أعلنها القرآن على الربا تعتبر من أهمّ الحروب الاجتماعیة التی خاضها الإسلام.

یقول تعالى: (الّذین یأکلون الربا لا یقومون إلاَّ کما یقوم الذی یتخبّطه (2) الشیطان من المسّ ).

فالآیة تشبّه المرابی بالمصروع أو المجنون الذی لا یستطیع الإحتفاظ بتوازنه عند السیر، فیتخبّط فی خطواته.

ولعلّ المقصود هو وصف طریقة سلوک المرابین الاجتماعی فی الدنیا على اعتبار إنّهم أشبه بالمجانین فی أعمالهم، فهم یفتقرون إلى التفکیر الاجتماعی السلیم، بل إنّهم لا یشخّصون حتى منافعهم الخاصّة، وأنّ مشاعر المواساة والعواطف الإنسانیة وأمثالها لا مفهوم لها فی عقولهم إذ إنّ عبادة المال تسیطر على عقولهم إلى درجة أنّها تعمیهم عن إدراک ما ستؤدّی إلیه أعمالهم الجشعة الاستغلالیة من غرس روح الحقد فی قلوب الطبقات المحرومة الکادحة وما سیعقب ذلک من ثورات وانفجارات اجتماعیة تعرض أساس الملکیة للخطر، وفی مثل هذا المجتمع سینعدم الأمن والاستقرار، وستصادر الراحة من جمیع الناس بمن فیهم هذا المرابی، ولذلک فإنّه یجنی على نفسه أیضاً بعمله الجنونی هذا.

 

ولکن بما أنّ وضع الإنسان فی العالم الآخر تجسید لأعماله فی هذا العالم فیحتمل أن تکون الآیة إشارة إلى المعنیین، أی أنّ الذین یقومون فی الدنیا قیاماً غیر معتقّل وغیر متوازن یخالطه اکتناز جنونی للثروة سسیحشرون یوم القیامة کالمجانین.

و الطریف أنّ الروایات والأحادیث تشیر إلى کلا المفهومین، ففی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی تفسیر هذه الآیة أنّه قال: «آکل الربا لا یخرج من الدنیا حتى یتخبّطه الشیطان» (3) .

وفی روایة اُخرى عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) بشأن تجسید حال المرابین الذین لا یهمّهم غیر مصالحهم الخاصّة، وما ستجرّه علیهم أموالهم المحرّمة قال: «لمّا اُسری بی إلى السماء رأیت قوماً یرید أحدهم أن یقوم فلا یقدر أن یقوم من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء یا جبرائیل! قال: هؤلاء الذین یأکلون الربا لا یقومون إلاَّ کما یقوم الذی یتخبّطه الشیطان من المس» (4) .

الحدیث الأوّل یبیّن اضطراب الإنسان فی هذه الدنیا، ویعکس الحدیث الثانی حال المرابین فی مشهد یوم القیامة، وکلاهما یرتبطان بحقیقة واحدة، فکما أنّ الإنسان المبطان الأکول یسمن بإفراط وبغیر حساب، کذلک المرابون الذین یسمنون بالمال الحرام لهم حیاة اقتصادیة مریضة تکون وبالاً علیهم.

سؤال: هل الجنون والصرع اللذین أشارت إلیهما الآیة المذکورة من عمل الشیطان، مع أننا نعلم أنّ الصرع والجنون من الأمراض النفسیة التی لها أسباب معروفة فی الغالب؟

الجواب: یرى بعضهم أنّ تعبیر «مسّ الشیطان» کنایة عن الأمراض النفسیة والجنون، وهو تعبیر کان شائعاً عند العرب، ولا یعنی أنّ للشیطان تأثیراً فعلیاً فی روح الإنسان.

ولکن مع ذلک لا یُستبعد أن یکون لبعض الأعمال الشیطانیة التی یرتکبها الإنسان دون تروٍّ أثر یؤدّی إلى نوع من الجنون الشیطانی، أی یکون للشیطان على إثر هذه الأعمال فاعلیة فی الشخص یسبّب اختلال تعادله النفسی، ثمّ إنّ الأعمال الشیطانیة الخاطئة إذا تکرّرت وتراکمت یکون أثرها الطبیعی هو أن یفقد الإنسان قدرته على تمییز السقیم من السلیم والصالح من الطالح والتفکیر المنطقی من المعوّج.

 


1. الروم، 39.
2. «یتخبَّطُه» من مادة «الخبط» هو فقدان توازن الجسم عند المشی أو القیام.
3. تفسیر العیاشی، ج 1، ص 152، ح 503.
4. تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 291، ح 1157.

 

سورة البقرة / الآیة 275 ـ 277 منطق المرابین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma