محاجة إبراهیم مع طاغوت زمانه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 258بحوث

تعقیباً على الآیة السابقة التی تناولت هدایة المؤمنین بواسطة نور الولایة والهدایة الإلهیّة، وضلال الکافرین لإتّباعهم الطاغوت، یذکر الله تعالى فی هذه الآیة: عدّة شواهد لذلک، وأحدها ما ورد فی الآیة أعلاه وهی تتحدّث عن الحوار الذی دار بین إبراهیم (علیه السلام)وأحد الجبّارین فی زمانه ویدعى (نمرود) فتقول: (ألم تر إلى الذی حاجّ إبراهیم فی ربّه ).

وتعقِّب الآیة بجمله اُخرى تشیر فیها إلى الدافع الأساس لها وتقول: إنّ ذلک الجبّار تملّکه الغرور والکبر وأسکره الملک (أن آتاه الله الملک ).

وما أکثر الأشخاص الذین نجدهم فی الحالات الطبیعیّة أفراد معتدلین ومؤمنین، ولکن عندما یصلون إلى مقام أو ینالون ثروةً فأنّهم ینسون کلّ شیء ویسحقون کلّ المقدّسات.

وتضیف الآیة أنّ ذلک الجبّار سأل إبراهیم عن ربّه: من هو الإله الذی تدعونی إلیه؟ (إذ قال إبراهیم ربّی الذی یحیی ویمیت ).

الواقع أنّ أعظم قضیّة فی العالم هی قضیّة الخلقة، یعنی قانون الحیاة والموت الذی هو أوضح آیة على علم الله وقدرته.

ولکن نمرود الجبّار إتّخذ طریق المجادلة والسفسطة وتزییّف الحقائق لإغفال الناس والملأ من حوله فقال: إنّ قانون الحیاة والموت بیدی (قال أنا أحیی واُمیت ).

 

ومن أجل إثبات هذه الدعوى الکاذبة استخدم حیلة کما ورد فی الروایة المعروفة حیث أمر بإحضار سجینین أطلق سراح أحدهما وأمر بقتل الآخر، ثمّ قال لإبراهیم والحضّار: أرأیتم کیف أحیی واُمیت. (1)

ولکنّ إبراهیم قدّم دلیلاً آخر لإحباط هذه الحیلة وکشف زیف المدّعی بحیث لا یمکنه بعد ذلک من إغفال النّاس فقال: (قال إبراهیم فإنّ الله یأتی بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب ) وهنا ألقم هذا المعاند حجراً (فبهت الذی کفر والله لا یهدی القوم الظالمین ).

وبهذا اُسقط فی یدی العدوّ المغرور، وعجز عن الکلام أمام منطق إبراهیم (علیه السلام) الحیّ، وهذا أفضل طریق لاسکات کلّ عدوّ عنید، بالرغم من أنّ مسألة الحیاة والموت أهم من قضیّة حرکة الشمس وشروقها وغروبها من حیث کونها برهاناً على علم الله وقدرته، ولهذا السبب أورده إبراهیم دلیلاً أوّل، ولو کان فی ذلک المجلس عقلاء ومتفکِّرون لاکتفوا بهذا الدلیل واقتنعوا به، إذ أنّ کلّ شخص یعرف أنّ مسألة اطلاق سراح سجین وقتل آخر لا علاقة له بقضیّة الاحیاء والإماتة الطبیعیتین أبداً، ولکن قد یکون هذا الدلیل غیر کاف لأمثال هؤلاء السذّج، ویحتمل وقوعهم تحت تأثیر سفسطة ذلک الجبّار المکّار، فلهذا قدّم إبراهیم دلیله الآخر وهو مسألة طلوع وغروب الشمس لکی یتضح الحق للجمیع (2) .

وما أحسن ما صنع إبراهیم (علیه السلام) من تقدیمه مسألة الحیاة والموت کدلیل على المطلوب حتى یدّعی ذلک الجبّار مشارکة الله تعالى فی تدبیر العالم، ثمّ طرح مسألة طلوع وغروب الشمس بعد ذلک لیتّضح زیف دعواه ویحجم عن دعوى المشارکة.

ویتّضح ضمناً من جملة (والله لا یهدی القوم الظالمین ) أنّ الهدایة والضلالة بالرغم من أنّهما من أفعال الله تعالى، إلاّ أنّ مقدّماتهما بید العباد، فارتکاب الآثام من قبیل الظلم والجور والمعاصی المختلفة تشکّل على القلب والبصیرة حجبٌ مظلمة تمنع من أدراک الحقائق على حقیقتها.

 


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وبحارالانوار، ج 12، ص 34.
2. إنّ الاستدلال الثانی یبدأ «بالفاء» وقد یکون إشارة إلى أنّ الاستدلال الثانی لا یعنی صرف النظر عن الاستدلال الأوّل بل تضاف إلیه.

 

سورة البقرة / الآیة 258بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma