هل نسخت هذه الآیة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
قسم آخر من أحکام الطّلاقسورة البقرة / الآیة 243

یعتقد الکثیر من المفسّرین أنّ هذه الآیة قد نسخت بالآیة 236 من هذه السورة التی سبق بیانها وفیها ورد أنّ عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أیّام، وعلى الرغم من أنّ تلک الآیة تأتی قبل هذه الآیة من حیث الترتیب ولکننا نعلم أنّ الآیات فی السورة لم ترتّب بحسب نزولها، بل قد نجد آیات متأخّرة فی النّزول وضعت متقدّمة فی الترتیب، وقد جرى ذلک للتّناسب بین الآیات ولأمر من رسول الله (صلى الله علیه وآله).

ویرى هؤلاء المفسّرین أیضاً أنّ حقّ النفقة لمدّة سنة کاملة کان قبل نزول آیات الإرث، ولکن بعد أن قرّرت آیات الإرث للزّوجین مقداراً من الإرث زال هذا الحقّ عنها، فعلى هذا فإنّ الآیة محل البحث منسوخة من جهتین (من جهة مقدار زمان العدّة ومن جهة النفقة).

وذکر المرحوم (الطبرسی) فی «مجمع البیان» أنّ جمیع العلماء اتّفقوا أنّ هذه الآیة منسوخة. ثمّ یذکر حدیثاً عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّ الرجل فی العصر الجاهلی إذا مات کانت زوجته تتمتّع بالنفقة لمدّة سنة کاملة ثمّ إنّها تخرج من بیت زوجها بدون میراث، وبعد ذلک نزلت الآیات المتعلّقة بإرث الزّوجة ونسخت هذه الآیة بتعیین الرُبع أو الُثمن من المیراث لها. (1)

 

وعلى هذا یجب أن تحسب نفقة المرأة فی مدّة العدّة من حصّتها من الإرث، وکذلک ورد عن الإمام الصادق أیضاً أنّ الآیة التی تقرّر العدّة أربعة أشهر وعشرة أیّام وکذلک آیة الإرث قد نسختا هذه الآیة (2) .

وعلى کلّ حال، یُستفاد من کلمات العلماء أنّ عدّة الوفاة کانت فی زمان الجاهلیّة سنة کاملة تمرّ خلالها الأرملة بکثیر من التقالید والعادات الخرافیّة الشّاقة، فجاء الإسلام وألغى تلک العادات وأبقى مدّة العدّة سنة فی بدایة الأمر، ثمّ جعلها أربعة أشهر وعشرة أیّام، کما منع المرأة فقط من الزّینة خلال هذه المدّة.

ویستفاد من کلام «الفخر الرازی» هو أنّ الآیة أعلاه نُسخت بآیات الإرث وعدّة أربعة أشهر وعشرة أیّام (3) .

ولکن لولا إجماع العلماء والروایات المتعدّدة فی هذا المجال لأمکن القول بعدم وجود التعارض بین هذه الآیات، فإنّ الحکم بأربعة أشهر وعشرة أیّام للعدّة هو حکم إلهی، وأمّا المحافظة على العدّة لمدّة سنة کاملة والبقاء فی بیت الزوج والاستفادة من النفقة فإنّه حقٌّ لها، أی أنّه قد اُعطی الحقّ للمرأة أن تبقى فی بیت زوجها المتوفّى سنة کاملة إن أرادت ذلک وتستفید من النفقة طبقاً لوصیّة زوجها فی جمیع هذه المدّة، وإن رفضت ذلک ولم ترغب فی البقاء، فیجوز لها الخروج من البیت بعد أربعة أشهر وعشرة أیّام، ویمکنها کذلک اختیار زوج آخر، وحینئذ سوف تُقطع عنها بطبیعة الحال النفقة من مال زوجها السابق.

ولکن مع ملاحظة الروایات المتعدّدة عن أهل البیت (علیهم السلام) (4) وشهرة حکم النسخ أو اتفاق العلماء على ذلک، فلا یمکن قبول مثل هذا التفسیر رغم أنّه موافق لظواهر الآیات الشریفة.

فی الآیة الثانیة یبیّن القرآن الکریم حکماً آخر من أحکام الطّلاق ویقول: (وللمطلّقات متاع بالمعروف حقّاً على المتّقین ) أی أنّ المتقین یجب علیهم تقدیم هدیّة لائقة للنساء المطلّقات.

وبالرّغم من أنّ ظاهر الآیة یشمل جمیع النساء المطلّقات، ولکن بقرینة الآیة 236 السابقة نفهم أنّ هذا الحکم یختص بمورد النسوة التی لم یقرّر لهنّ مهر بعد وقوع الطّلاق قبل الوطىء، وفی الحقیقة فإنّ هذه الجملة تأکید للحکم المذکور کیلا یتعرّض للاهمال، ویحتمل أیضاً أنّ الحکم المذکور یشمل جمیع النسّاء المطلّقات، غایة الأمر أنّ المورد أعلاه من الموارد الوجوبیّة والموارد الاُخرى لها جنبة استحبابیّة.

وعلى کلّ حال فإنّ هذا الحکم هو أحد الأحکام الإنسانیّة والأخلاقیّة فی الإسلام والتی لها أثر إیجابی على إزالة الرسوبات المتخلّفة من عملیة الطّلاق ومنع حالة العداوة والإنتقام والکراهیّة الناشئة منه.

وذکر البعض أن دفع هدیة لائقة للنساء المطلّقات أمر واجب وهو غیر المهر، ولکنّ الظاهر بین علماء الشیعة کما یُستفاد من عبارة المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان أنّه لا قائل بهذا القول (ویصرّح المرحوم صاحب الجواهر أیضاً أنّ الهدیّة المذکورة لا تجب إلاَّ فی ذلک المورد الخاص وأنّ هذه المسألة إجماعیّة) (5) .

وقد احتمل البعض أنّ المراد من المتاع هنا النفقة وهو احتمال بعیدٌ جدّاً.

وعلى کلّ حال أنّ هذه الهدیّة وطبق الرّوایات الواردة من الأئمّة المعصومین تُعطى إلى المرأة بعد تمام العدّة والإفتراق الکامل لا فی عدّة الطّلاق الرّجعی، وبعبارة اُخرى أنّ هذه الهدیّة لیست وسیلة للعودة، بل للوداع النهائی (6) .

وفی آخر آیة من الآیات مورد البحث والتی هی آخر آیة من الآیات المتعلّقة بالطّلاق تقول: (کذلک یبیّن الله لکم آیاته لعلّکم تعقلون ).

ومن البدیهی أنّ المراد من التفکّر والتعقّل هو ما یتعقّبه التحرّک نحو العمل، وإلاَّ فإنّ التفکّر والتعقّل لوحده فی الأحکام والآیات لا یُثمر نتیجة، ویتبیّن من دراسة الآیات والأحادیث الإسلامیّة أن لفظة «العقل» تستعمل غالباً عند ایراد التعبیر عن امتزاج الإدراک والفهم مع العواطف والأحاسیس ثمّ یستتبع ذلک العمل. فعندما یتحدّث القرآن فی مواضع کثیرة عن معرفة الله مثلاً یشیر إلى نماذج من نظام هذا الکون العجیب، ثمّ یقول إننا نبیّن هذه الآیات (لعلّکم تعقلون ).

وهذا لا یعنی أنّ القصد هو ملء الأدمغة ببعض المعلومات عن نظام الطبیعة، إذ أنّ العلوم الطبیعیة إذا لم تبعث فی القلب والعواطف حرکة نحو معرفة الله وحبّه والإنشداد به فلا إرتباط لها بقضایا التوحید. وهکذا المعارف العلمیة لا تکون تعقّلاً إلاَّ إذا اقترنت بالعمل.

 صاحب تفسیر المیزان (7) یؤیّد هذا الإتجاه فی فهم معنى التعقّل، ویرى أنّه الذی یدفع الإنسان بعد الفهم والإدراک إلى مرحلة العمل، والدلیل على ذلک قوله تعالى: (لو کنّا نَسمعُ أو نَعقِلُ ما کنّا فی أصحاب السعیر ) (8) .

وقوله سبحانه: (أفلم یَسیروا فی الأرضِ فتکونَ لهم قلوبٌ یعقلون بها ) (9) فالتعقّل الذی یتحدّث عنه المجرمون یوم القیامة هو ذلک الذی یرافقه العمل، وهکذا التعقّل الناتج عن السیر فی الأرض والتفکیر فی خلق الله إنّما هو المعرفة التی تحمل الإنسان على تغیّر مسیر حیاته والإتجاه إلى الصراط المستقیم.

وبعبارة اُخرى أنّ التفکّر والتعقّل والتدبّر إذا کان متعمّقاً ومتجذّراً فی روح الإنسان فلا یمکن أن یکون عدیم الآثار فی دائرة الواقع العملی، فکیف یمکن أن یقطع الإنسان ویعتقد جازماً بمسمومیّة الغذاء ثمّ یتناوله؟! أو یعتقد جزماً بتأثیر الدّواء الفلانی على معالجة أحد الأمراض الخطرة التی یعانی منها ثمّ لا یتناوله!!


1.وسائل الشیعة، ج 22، ص 239; وتفسیر العیاشی، ج 1، ص 129.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 1 و 2، ص 345 ذیل الآیة مورد البحث; ووسائل الشیعة، ج 22، ص 238.
3. التفسیر الکبیر، ج 6، ص 158.
4. وسائل الشیعة، ج 22، ص 235 ومابعد، (باب أنّ عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أیّام).
5. جواهر الکلام، ج 31، ص 58.
6. تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 240، ح 956 و957.
7.تفسیر المیزان، ج 2، ص 249 ـ 250.
8. الملک، 10.
9.الحج، 46.

 

قسم آخر من أحکام الطّلاقسورة البقرة / الآیة 243
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma