کیفیّة أداء المهر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 236 ـ 237سورة البقرة / الآیة 238 ـ 239

فی هاتین الآیتین نلاحظ أحکام اُخرى للطّلاق استمراراً للأبحاث السّابقة،تقول الآیة فی البدایة: (لا جناح علیکم إن طلّقتم النساء ما لم تمسّوهنّ (1) أو تفرضوا لهنّ فریضة ) وهذا یعنی جواز طلاق النساء قبل المقاربة الجنسیّة وقبل تعیین المهر، وهذا فی صورة ما إذا علم الرّجل أو کلا الزّوجین بعد العقد وقبل المواقعة أنّهما لا یستطیعان استمرار الحیاة الزّوجیّة هذه، فمن الأفضل أن یتفارقا فی هذا الوقت بالذّات، لأنّ الطّلاق فی المراحل اللاّحقة سیکون أصعب.

وعلى کلّ حال فهذا التعبیر فی الآیة جوابٌ على من یتصوّر أنّ الطّلاق قبل المواقعة أو قبل تعیین المهر لا یقع صحیحاً، فالقرآن یقول أنّ هذا الطّلاق صحیح ولا إثم علیه (وقد یمنع من کثیر من المفاسد).

 

وذهب البعض أنّ (جناح) فی هذه الآیة بمعنى (المهر) الّذی یثقل على الزّوج، یعنی أنّ الرّجل حین الطّلاق وقبل المقاربة الزوجیّة وتعیین المهر لیس مکلّفاً بدفع أی شیء بعنوان المهر إلى المرأة، وبالرّغم من أنّ بعض المفسّرین (2) أورد کلاماً طویلاً حول هذا التفسیر، ولکن استعمال کلمة «جناح» بمعنى المهر یعتبر غریباً وغیر مأنوس.

واحتمل آخرون أنّ معنى الجملة أعلاه هو جواز طلاق المرأة قبل المقاربة الجنسیّة فی جمیع الأحوال (سواء کانت فی العادة الشهریّة أو لم تکن) والحال أنّ الطّلاق بعد المواقعة الجنسیّة یجب أن یکون فی زمان الطّهر الّذی لم یواقعها فیه حتم (3) ، ولکن هذا التفسیر بعید جدّاً لأنّه لا ینسجم مع جملة (أو تفرضوا لهنّ فریضة ).

ثمّ تبیّن الآیة حکماً آخراً فی هذا المجال وتقول: (ومتّعوهنّ ) أی یجب أن تمنح المرأة هدیّة تناسب شؤونها فیما لو جرى الطّلاق قبل المضاجعة وقبل تعیین المهر، ولکن یجب أن یؤخذ بنظر الاعتبار قدرة الزّوج المالیّة فی هذه الهدیّة، ولذلک تعقّب الآیة الشریفة بالقول: (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنین ).

(الموسع) بمعنى المقتدر والثّری و(المقتر) بمعنى الفقیر (من مادّة قتر وکذلک وردت بمعنى البخل أیضاً) کقوله تعالى: (وکان الإنسان قتورا ) (4) .

وجملة (متاعاً بالمعروف ) یمکن أن تشیر إلى جمیع ما ذکرناه، أی أنّ الهدیّة لابدّ أن تکون بشکل لائق وبعیدة عن الإسراف والبخل.

ومناسبة لحال المُهدی والمُهدى إلیه.

ولمّا کان لهذه الهدیّة أثر کبیر للقضاء على روح الإنتقام وفی الحیلولة دون إصابة المرأة بعُقدَ نفسیّة بسبب فسخ عقد الزّواج، فإنّ الآیة تعتبر هذا العمل من باب الإحسان (حقّاً على المحسنین ) (5) أی أن یکون ممزوجاً بروح الإحسان واللّطف، ولا حاجة إلى القول بأنّ تعبیر (المحسنین) لم یأت لیشیر إلى أنّ الحکم المذکور لیس إلزامیّاً، بل جاء لإثارة المشاعر والعواطف الخیّرة فی الناس للقیام بهذا الواجب الإلزامی.

 

الملاحظة الاُخرى فی هذه الآیة هی أنّ القرآن یعبّر عن الهدیة التی یجب أن یعطیها الرجل للمرأة باسم (متاع) فالمتاع فی اللّغة هو کلّ ما یستمتع به المرء وینتفع به، ویطلق غالباً على غیر النقود، لأنّ الأموال لایمکن التمتّع بها مباشرةً، بل لابدّ أوّلاً من تبدیلها إلى متاع، ولهذا کان تعبیر القرآن عن الهدیّة بالمتاع.

ولهذا العمل أثر نفسی خاص، فکثیراً ما یحدث أن تکون الهدیة من المأکل أو الملبس ونظائرهما مهما کانت زهیدة الثمن أثر بالغ فی نفوس المُهدى إلیهم لا یبلغه أبداً أثر الهدیّة النقدیّة، لذلک نجد أنّ الروایات الواصلة إلینا عن أئمّة الأطهار: تذکر هذه الهدایا بصورة مأکل أو ملبس أو أرض زراعیّة. (6)

کذلک یتّضح من هذه الآیة أنّ تعیین المهر قبل إجراء العقد فی النکاح الدائم لیس ضروریّاً إذ یمکن للطرفین أن یتّفقا على ذلک بعد (7) إذ کما تفید الآیة أیضاً أنّه إذا حصل الطّلاق قبل تعیین المهر وقبل المضاجعة فلا یجب المهر، بل یُستعاض عنه بالهدیّة المذکورة.

ویجب الإلتفات إلى أنّ الزّمان والمکان مؤثّران فی مقدار الهدیّة المناسبة.

وتتحدّث الآیة التالیة عن حالة الطّلاق الّذی لم یسبقه المضاجعة ولکن بعد تعیین المهر فتُبیّن أنّ الحکم فی هذا اللّون من الطّلاق الّذی یکون قبل المضاجعة وبعد تعیین المهر یوجب على الزّوج دفع نصف المهر المعیّن (وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنَّ وقد فرضتم لهنّ فریضة فنصف ما فرضتم ).

وهذا هو الحکم القانونی لهذه المسألة، فیجب دفع نصف المهر إلى المرأة بدون أیّة نقیصة، ولکن الآیة تتناول الجوانب الأخلاقیّة والعاطفیّة وتقول: (إلاّ أن یعفون أو یعفوا الّذی بیده عقدة النکاح ).

والمراد من ضمیر (یعفون) هم الأزواج، أمّا فی قوله (أو یعفوا الّذی بیده عقدة النکاح ) هو ولیّ الصغیر أو السفیه، ومن الواضح أنّ الولیّ لیس له الحقّ من أن یعفو أو یتنازل عن حقّ الصغیر إلاّ إذا تضمّن مصلحة الصغیر.

فعلى هذا یکون حکم دفع نصف المهر بغض النظر عن مسألة العفو والتنازل عن الحقّ، وممّا تقدّم یتّضح أنّ من له العفو هو الولی للصّغیر أو السفیه لأنّه هو الّذی بیده أمر زواج المولّى علیه، ولکن بعض المفسّرین تصوّروا أنّ المراد هو الزّوج، بمعنى أنّ الزوج متى ما دفع تمام المهر قبلاً (کما هو المتعارف عند الکثیر من العرب) فله الحقّ فی أن یسترجع نصف المهر إلاّ أن یعفو ویتنازل عنه.

أمّا مع الملاحظة الدقیقة فی مضمون الآیة یتبیّن أنّ التفسیر الأوّل هو الصحیح، وأنّ المخاطب فی هذه الآیة هم الأزواج حیث تقول: (وإن طلّقتموهنّ ) فی حین أنّ الضمیر فی جملة (أو یعفوا الّذی بیده عقدة النکاح ) جاء حکایةً عن الغائب ولا یتناسب ذلک مع عوده إلى الأزواج.

أجل، فإنّ الآیة فی الجملة التالیة تقول (وأن تعفوا أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بینکم إنّ الله بما تعملون بصیر ).

فمن الواضح أنّ المخاطب فی هذه الجملة هم الأزواج، فتکون النتیجة أنّ الحدیث فی الجملة السّابقة کان عن عفو الأولیاء، وفی هذه الجملة تتحدّث الآیة عن عفو الأزواج، وجملة (ولا تنسوا الفضل بینکم ) خطاب لعموم المسلمین أن لا ینسوا المُثُل الإنسانیة فی العفو والصفح والإیثار فی جمیع الموارد.

وهذا ما ورد فی الروایات التی وصلتنا من الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) فی تفسیر هذه الآیة، (8) وکذلک نرى أنّ المفسّرین الشّیعة قد اختاروا هذا الرّأی بالتّوجه إلى مضمون الآیة والرّوایات الشریفة، فذهبوا إلى أنّ المقصود فی هذه العبارة هم أولیاء الزّوجة.

ومن الطبیعی أن تطرأ ظروف تجعل الإضطرار إلى أخذ نصف المهر حتى قبل الدّخول أمراً قد یُثیر مشاعر الرّجل وأقرباءه ویجرح عواطفهم وقد ینزعون إلى الإنتقام، ویُحتمل أن تتعرّض سمعة المرأة وکرامتها إلى الخطر، فهنا قد یرى الأب أنّ من مصلحة ابنته أن یتنازل عن حقّها.

جملة (وأن تعفوا أقرب للتقوى ) تبیّن جانباً آخر من واجبات الزّوج الإنسانیّة، وهو أن یظهر الزّوج التنازل والکرم فلا یسترجع شیئاً من المهر إن کان قد دفعه، وإن لم یکن دفعه بعد فمن الأفضل دفعه کاملاً متنازلاً عن النصف الّذی هو من حقّه، وذلک لأنّ المرأة التی تنفصل عن زوجها بعد العقد تواجه صدمة نفسیّة شدیدة، ولا شکَّ أنّ تنازل الرجل عن حقّه من المهر لها یکون بمثابة البلسم لجرحها.

ونلاحظ تأکیداً فی سیاق الآیة الشریفة على أصل (المعروف) و(الإحسان) فحتّى بالنّسبة إلى الطّلاق والانفصال لا ینبغی أن یکون مقترناً بروح الإنتقام والعداوة، بل ینبغی أن یتم على أساس السماحة والإحسان بین الرّجل والمرأة، لأنّ الزوجین إذا لم یتمکنّا من العیش سویّة وفضّلا الإفتراق بدلائل مختلفة، فلا دلیل حینئذ لوجود العداوة والبغضاء بینهما.


1. «مس» فی اللغة بمعنى الملامسة، وهنا کنایة عن الجماع و «فریضة» بمعنى الواجب، وهنا جاءت بمعنى المهر.
2. التفسیر الکبیر، ج 6، ص 137.
3. المصدر السابق.
4. الاسراء، 100.
5. «حقّاً» یمکن أن تکون صفة لـ «متاعاً» ، أو حال أو مفعول مطلق لفعل محذوف ـ «متاعاً» مفعول مطلق أیضاً عن جملة ( ومتعوهن ).
6. وسائل الشیعة، ج 21، ص 308، ومابعد، (الباب 49، باب مقدار المتعة للمطلقة).
7. لاشکّ أنّ المهر لا یسقط إن لم یذکر فی العقد الدائم بل یعبر «مهر المثل» أی المهر الذی یعادل مهور نساء مماثلات إلاّ إذا حصل الطلاق قبل الدخول عندئذ یتوجب تقدیم هدیّة کما ذکرنا.
8. وسائل الشیعة، ج 19، ص 168; وأصول الکافی، ج 1، ص 106.

 

سورة البقرة / الآیة 236 ـ 237سورة البقرة / الآیة 238 ـ 239
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma