أحکامالرّضاع السّبعة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 233 سورة البقرة / الآیة 234 ـ 235

هذه الآیة فی الواقع استمرار للأبحاث المتعلّقة بمسائل الزّواج والحیاة الزّوجیّة، وتبحث مسألة مهمّة هی مسألة (الرّضاع)، وتذکر بعبارات مقتضبة، وفی نفس الوقت ذات معنىً عمیق، الجزئیات المتعلّقة بالرّضاع المختلفة، فهناک على العموم سبعة أحکام فی هذا الباب:

تقول الآیة فی أوّلها: (والوالدات یرضعن أولادهنّ حولین کاملین ). (والدات) جمع (والدة) وهی فی اللّغة بمعنى الاُم، ولکنّ کلمة الاُم لها معنىً أوسع وهی قد تُطلق على الوالدة وعلى الجدّة أی والدة الوالدة، وقد تعنی أصل الشیء وأساسه.

وفی هذا المقطع من الآیة نلاحظ أنّ حقّ الإرضاع خلال سنتی الرضاعة یعود للاُم، فهی التی لها أن ترضع مولودها خلال هذه المدّة وأن تعتنی به، وعلى الرغم من أنّ (الولایة) على الأطفال الصغار قد اُعطیت للأب، ولکن لمّا کانت تغذیة الولید الجسمیة والروحیة خلال هذه المدّة ترتبط إرتباطاً لا ینفصم بلبن الاُم وعواطفها، فقد اُعطیت حقّ الاحتفاظ به، کما تجب مراعاة عواطف الاُمومة، لأنّ الاُم لا تستطیع فی هذه اللحظات الحسّاسة أن ترى حضنها خالیاً من ولیدها وأن لا تبالی به، وعلیه فإنّ تخصیصها بحقّ الحضانة والرعایة

والرضاعة یعتبر حقاً ذا جانبین، فهو یرعى حال الطفل کما یرعى حال الاُم، والتعبیر بـ «أولادهن» إشارة لطیفة إلى هذا المعنى. وبالرغم من أنّ الجملة مطلقة ظاهراً وتشمل النساء المطلقات وغیر المطلقات، ولکن الجملة اللاحقة توضح أن الآیة تقصد النساء المطلقات مع وجود هذا الحقّ لسائر الاُمهات، ولکن فی صورة عدم وجود الطلاق فلا أثر عملی لهذا الحکم.

لیس من الضروری أن تکون مدّة رضاعة الطفل سنتین حتماً، إنّما السنتان لمن یرید أن یقضی دورة رضاعة کاملة (لمن أراد أن یتمّ الرضاعة ) ولکن للاُم أن تقلل من هذه الفترة حسب مقتضیات صحّة الطفل وسلامته.

فی الروایات التی وصلتنا من أهل البیت (علیهم السلام) أنّ دورة رضاعة الطفل الکاملة سنتان کاملتان، ودورتها غیر الکاملة 21 شهر (1) ، ولعلّ هذا یأخذ أیضاً بنظر الاعتبار مفاد هذه الآیة مع الآیة 15 من سورة الأحقاف التی تقول (وحملُهُ وفصالُهُ ثلاثون شهراً ). ولمّا کانت فترة الحمل 9 أشهر، فتکون فترة الرضاعة الإعتیادیة 21 شهراً.

ولمّا لم یکن فی آیة سورة الأحقاف ما یفید الإلزام والوجوب، فإنّ للوالدات الحقّ فی تخفیض فترة الـ 21 شهراً بما یتّفق وصحّة الولید وسلامته.

نفقة الاُم فی الطعام واللباس، حتى عند الطلاق أثناء فترة الرضاعة تکون على والد الطفل، لکی تتمکن الاُم من الإنصراف إلى العنایة بطفلها وإرضاعه مرتاحة البال وبدون قلق.

(وعلى المولود له رزقهنّ وکسوتهنّ بالمعروف ). هنا تعبیر «المولود له» بدلاً من «الأب» یستلفت الإنتباه، ولعلّه جاء لاستثارة عواطف الاُبوة فیه فی سبیل حثّه على أداء واجبه. أی أنّه إذا کان قد وضع على عاتقه الإنفاق على الولید واُمه خلال هذه الفترة، فذلک لأنّ الطفل ابنه وثمرة فؤاده، ولیس غریباً عنه.

إنّ الإتیان بقید «المعروف» یشیر إلى أنّ طعام الاُم ولباسها ینبغی أن یکونا من اللائق بها والمتعارف علیه، فلا یجوز التقتیر ولا الإسراف.

 

ولرفع کلّ غموض محتمل تشیر الآیة إلى أنّ على کلّ أب أن یؤدّی واجبه على قدر طاقته (لا تکلّف نفس إلاّ وسعها ). ویرى البعض أنّ هذه الجملة بمثابة العلّة لأصل الحکم. والبعض الآخر بعنوان تفسیر الحکم السابق (والنتیجة واحدة).

لایحقّ لأیّ من الوالدین أن یجعلا من مستقبل ولیدهما ومصیره أمراً مرتبطاً بما قد یکون بینهما من اختلافات، حیث لایؤمن معه أن تتعرض روحیة الولید بضربة لا یمکن تفادی آثارها.

(لا تضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده ).

على الأب أن یحذر انتزاع الولید من أحضان اُمه خلال فترة الرضاعة فیعتدی بذلک على حقّ الاُم فی حضانة ولیدها، کما أنّ على الاُم التی اُعطیت هذا الحقّ أن لا تستغله وأن لا تتذرّع بمختلف الأعذار الموهومة للتنصّل من إرضاع ولیدها، أو أن تحرم الأب من رؤیة طفله.

وذکر احتمال آخر فی تفسیر الآیة وهو أنّ المراد أنّ الأب لیس له أن یسلب الزّوجة حقّها فی المقاربة الجنسیّة بسبب الخوف من الحمل وفی النتیجة الإضرار بالمُرضع، ولا الاُم بإمکانها منع زوجها من هذا الحقّ لهذا السبب، ولکنّ التفسیر الأوّل أکثر انسجاماً مع ظاهر الآیة (2) .

التعبیر بـ (ولدِها) و(ولدُه) من أجل تشویق الآباء والاُمهّات برعایة حال الأطفال الرُّضع، مضافاً إلى أنّه إشارة إلى أنّ الرّضیع متعلّق لکلیهما خلافاً لما هو المرسوم من تقالید الجاهلیّة من أنّ الولد متعلّق بالأب خاصّة ولیس للاُم سهم من الحقّ فیه.

ثمّ تبیّن الآیة حکماً آخر یتعلّق بما بعد وفاة الأب فتقول: (وعلى الوارث مثل ذلک ).

یعنی أنّ الورثة یجب علیهم تأمین احتیاجات الاُم فی مرحلة الرّضاعة للطفل، وهناک احتمالات اُخرى فی تفسیر الآیة الشریفة ولکنّها ضعیفة.

وتتحدّث الآیة أیضاً عن مسألة فطام الطّفل عن الرّضاعة وتجعله بعهدة کلّ من الأبوین على الرّغم ممّا جاء فی الآیات السابقة من تحدید فترة الرّضاعة، إلاّ أنّ للأبوین أن یفطما الطّفل وقت ما یشاءان حسب ما تقتضیه صحّة الطّفل وسلامته الجسمیّة، وتقول الآیة: (فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح علیهما ).

وفی الواقع أنّ الأب والاُم یجب أن یراعیا مصالح الطّفل ویتشاوران فی ذلک للوصول إلى التّوافق والتّراضی، فیضعان برنامج مدروس لفطام الطّفل من الرّضاع دون أن یحدث لهما مشاجرة فی هذه المسألة والتی قد تؤدّی إلى ضیاع حقوق الطّفل.

أحیاناً تمتنع الاُم من حضانة الطّفل وممارسة حقّها فی إرضاعه ورعایته أو أنّه یوجد هناک مانع حقیقی لذلک، ففی هذه الصّورة یجب التفکیر فی حلّ هذه المسألة ولهذا تقول الآیة: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادکم فلا جناح علیکم إذا سلّمتم ما آتیتم بالمعروف ).

وهناک عدّة تفاسیر لجملة (إذا سلّمتم ما آتیتم بالمعروف ) فذهب بعض المفسّرین الى أنّه لا مانع من اختیار مرضعة بدل الاُم بعد توافق الطرفین بشرط أنّ هذا الأمر لا یسبّب إهدار حقوق الاُم بالنسبة إلى المدّة الفائتة من الرّضاعة، بل یجب إعطاءها حقّها فی المدّة الفائتة التی أرضعت فیها الطّفل حسب ما تقتضیه الأعراف والعادات.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ العبارة ناظرة إلى حقّ المرضعة، فیجب أداء حقّها وفقاً لمقتضیات العرف والعادة، وذهب آخرون إلى أنّ المراد من هذه الجملة هو اتّفاق الأب والاُم فی مسألة انتخاب المرضعة، فعلى هذا تکون تأکیداً للجملة السابقة، ولکنّ هذا التفسیر ضعیف ظاهراً، والصحیح هو التفسیر الأوّل والثانی، وقد اختار المرحوم (الطبرسی) التفسیر الأولّ (3) .

وفی الختام تحذّر الآیة الجمیع وتقول (واتّقوا الله واعلموا أنّ الله بما تعملون بصیر ).

فلا ینبغی للاختلافات التی تحصل بین الزّوجین أن تؤدّی إلى إیقاد روح الإنتقام فیهما حیث یعرّض مستقبلهما ومستقبل الطّفل إلى الخطر، فلابدّ أن یعلم الجمیع بأنّ الله تعالى یراقب أعمالهم بدقّة.

هذه الأحکام المدروسة بدقّة والمشفوعة بالتّحذیرات تبیّن بوضوح درجة اهتمام الإسلام بحقوق الأطفال وکذلک الاُمّهات حیث یدعو إلى رعایة الحدّ الأکثر من العدالة فی هذا المجال.

أجل، فإنّ الإسلام ـ وعلى خلاف ما هو السائد فی العالم المادی المعاصر حیث تسحق فیه حقوق الطبقة الضعیفة ـ یهتم غایة الاهتمام بحفظ حقوقهم.


1. وسائل الشیعة، ج 15، ص 177 (باب أقلّ مدّة الرضاع وأکثره، ح 2 و5)، وورد فی بعض هذه الروایات إذا نقص عن 21 شهراً کان ظلماً للرضیع.
2. على التفسیر الأوّل فعل «لاتضار» فعل معلوم، وعلى التفسیر الثانی فعل مجهول وإن کان تلفظ الاثنین واحداً، تأمل جیداً.
3. تفسیر مجمع البیان، ج 1 و2، ص 336.

 

سورة البقرة / الآیة 233 سورة البقرة / الآیة 234 ـ 235
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma