التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سبب النّزولسورة البقرة / الآیة 233

ذکرنا فی البحوث السابقة کیف کانت النسوة یعشن فی أسر العادات الجاهلیة، وکیف کنّ تحت سیطرة الرجال دون أن یعنى أحد برغبتهنّ ورأیهنّ.

 

واختیار الزوج کان واحداً من قیود ذلک الأسر، إذ أنّ رغبة المرأة وإرادتها لم یکن لها أیّ تأثیر فی الأمر، فحتّى من کانت تتزوج زواجاً رسمیاً ثمّ تطلّق لم یکن لها حقّ الرجوع ثانیة بمحض إرادتها، بل کان ذلک منوطاً برغبة ولیّها أو أولیائها، وکانت ثمّة حالات یرغب فیها الزوجان بالعودة إلى الحیاة الزوجیّة بینهما، ولکن أولیاء المرأة کانوا یحولون دون ذلک تبعاً لمصالحهم أو لتخیّلاتهم وأوهامهم.

إلاّ أنّ القرآن أدان هذه العادة، ورفض أن یکون للأولیاء مثل هذا الحقّ، إذ إنّ الزوجین ـ وهما رکنا الزواج الأصلیان، إذا توصّلا إلى إتفاق بالعودة بعد الانفصال ـ یستطیعان ذلک دون أن یکون لأحد حقّ الإعتراض علیهما. تقول الآیة: (وإذا طلّقتم النساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ینکحن أزواجهنّ إذا تراضوا بینهم بالمعروف ) هذا إذا کان المخاطب فی هذه الآیة هم الأولیاء من الرجال الأقارب، ولکن یحتمل أن یکون المخاطب هو الزوج الأوّل، بمعنى أنکم إذا طلقتم زوجاتکم فلا تمنعوهن من الزواج المجدّد مع رجال آخرین، حیث إنّ بعض الأشخاص المعاندین فی السابق وفی الحال الحاضر یشعرون بحساسیة شدیدة تجاه زواج زوجاتهم السابقات من آخرین، وما ذلک سوى نزعة جاهلیة فحسب (1) .

فی الآیة السابقة «بلوغ الأجل» یعنی بلوغ أواخر أیام العدّة، ولکن فی هذه الآیة المقصود هو انقضاء آخر یوم من العدّة، بقرینة الزواج المجدّد. فالغایة فی الآیة السابقة جزء من المغیا وفی الآیة محل البحث خارجة عن المغیا.

ویتبین من هذه الآیة أنّ الثیّبات ـ أی اللّواتی سبق لهنًّ الزواج ثمّ طلّقن أو مات أزواجهنّ ـ إذا شئن الزّواج ثانیة فلا یلزمهنّ موافقة أولیائهنّ أبداً.

ثمّ تضیف الآیة وتحذّر ثانیة وتقول: (ذلک یوعظ به من کان منکم یؤمن بالله والیوم الآخر ) ثمّ من أجل التأکید أکثر تقول: (ذلکم أزکى لکم وأطهر والله یعلم وأنتم لا تعلمون ).

یشیر هذا المقطع من الآیة إلى أنّ هذه الأحکام قد شُرّعت لمصلحتکم غایة الأمر أنّ الأشخاص الّذین ینتفعون بها هم الّذین لهم أساس عقائدی من الإیمان بالله والمعاد ولا یتبّعون أهوائهم.

 

وبعبارة اُخرى أنّ هذه الجملة تقول: أنّ نتیجة العلم بهذه الأحکام یصبُّ فی مصلحتکم، لکنّکم قد لاتدرکون الحکمة والغایة منها لجهلکم وقلّة معارفکم، والله هو العالم بکلّ الأسرار، ولذلک قرّر هذه الأحکام وشرّعها لما فیها من تزکیتکم وحفظ طهارتکم.

والجدیر بالذّکر أنّ الآیة تشیر إلى أنّ العمل بهذه الأحکام یستوجب: (التزکیة) و(الطهارة) فتقول (أزکى لکم وأطهر ) یعنی أنّ العمل بها یطهّر أفراد العائلة من مختلف الأدناس والخبائث، وکذلک یوجب لهم الخیر والبرکة والتکامل المعنوی، لأنّ «التّزکیة» فی الأصل (الزّکاة) بمعنى النمو.

وذکر بعض المفسّرین إنّ جملة (أزکى لکم ) تشیر إلى الثواب المترتّب على الأعمال، وجملة (أطهر) تشیر إلى الطّهارة والنّقاء من الذّنوب. ومن البدیهی أنّ الزّوجین بالرّغم من کلّ تلک العلاقة الوطیدة والحمیمة التی تربط بینهما قد ینفصلا بسبب بعض الحوادث المؤسفة، ولکن بعد الانفصال والفرقة ومشاهدة الآثار الوخیمة المترتّبة على هذه الفرقة یندمان ویصمّمان على العودة إلى الحیاة المشترکة، وهنا لاینبغی التشدّد والتعصّب لمنع عودتهما لأنّ ذلک یخلّد آثاراً سلبیّة وخیمة فی روحیّة کلٌّ منهما، وقد یؤدّی إلى انحرافهما وتلوّثهما بالرّذیلة، وإن کان لهما أبناء کما هو الغالب فإنّ مصیرهم سوف یکون تعیساً جدّاً، ومسؤولیّة هذه العواقب الألیمة والإفرازات المشؤومة تکون بعهدة من یمنع هذین الزّوجین من المصالحة.


1. رجح البعض التفسیر الثانی لأنّ المخاطب فی الآیات السابقة هو الأزواج ولکنه یشکل بأن تعبیر ( أزواجهن ) یکون تعبیراً مجازیاً بالنسبة إلى الأزواج مضافاً إلى أنّه لا ینسجم مع شأن النّزول.

 

سبب النّزولسورة البقرة / الآیة 233
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma