التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
سورة البقرة / الآیة 231سورة البقرة / الآیة 232

تستمرّ هذه الآیة فی تبیان الأحکام التی أقرّها الإسلام للطلاق، لکی لا تهمل حقوق المرأة وحرمتها.

تقول الآیة: ما دامت العدّة لم تنته، وحتى فی آخر یوم من أیامها، فإنّ للرجل أن یصالح زوجته ویعیدها إلیه فی حیاة زوجیة حمیمة: (وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسکوهنّ بمعروف ).

وإذا لم تتحسّن الظروف بینهما فیطلق سراحها (أو سرّحوهنّ بمعروف).

ولکن کلّ رجوع أو تسریح یجب أن یکون فی جوّ من الإحسان والمعروف وأن لا یخالطه شیء من روح الإنتقام. ثمّ تشیر الآیة إلى المفهوم المقابل لذلک وتقول:

(ولا تمسکوهنّ ضراراً لتعتدوا ومن یفعل ذلک فقد ظلم نفسه ).

هذه الجملة فی الحقیقة تفسیر لکلمة «معروف» أی أنّ الرجوع یجب أن یکون على أساس من الصفاء والوئام، وذلک لأنّ الجاهلیّین کانوا یتّخذون من الطّلاق والرجوع وسیلة للإنتقام، ولهذا یقول القرآن بلهجة قاطعة: إنّ استرجاع الزوجة یجب أن لا یکون رغبة فی الإیذاء والإعتداء، إذ أنّ ذلک ـ فضلاً عن کونه ظلماً للزوجة ـ ظلم للزوج أیضاً.

 

والآن علینا أن نعرف لماذا یکون ظلم الزوج لزوجته ظلماً لنفسه أیضاً؟

أولاً: إنّ الرجوع المبنی على غمط الحقوق لایمکن أن یمنح الهدوء والاستقرار.

ثانیاً: الرجل والمرأة ـ بالنظرة القرآنیة ـ جزءان من جسد واحد فی نظام الخلقة، فکلّ غمط لحقوق المرأة هو ظلم وعدوان على الرجل نفسه.

ثالثاً: إنّ من یستسیغ ظلم الآخرین یکون غرضاً لنیل العقاب الإلهی، فیکون بذلک قد ظلم نفسه.

ثمّ یحذّر القرآن الجمیع: (ولا تتّخذوا آیات الله هزواً )

هذا التعبیر یمکن أن یکون إشارة إلى بعض التقالید الجاهلیة المترسّخة فی أفکار الناس، ففی الروایة أنّ بعض الرجال فی العصر الجاهلی یقولون حین الطّلاق: أنّ هدفنا من الطّلاق هو اللّعب والمزاح، وکذلک الحال عندما یعتقون عبداً أو یتزّوجون من امرأة.

فنزلت الآیة أعلاه لتحذّرهم بأنّ کلّ من یطلّق زوجته أو یعتق عبده أو یتزوّج من إمرأة أو یزوّجها من شخص آخر، ثمّ یدّعی أنّه کان یمزح ویلعب فإنّه لا یُقبل منه، ویتحقّق ما أقدم علیه فی الواقع العملی بشکل جاد (1) .

ویُحتمل أیضاً أنّ الآیة ناظرة إلى حال الأشخاص الّذین یستغلّون الأحکام الشرعیّة لتبریر مخالفاتهم ویتمسّکون بالظّواهر من أجل بعض الحیل الشرعیّة، فالقرآن یعتبر هذا العمل نوع من الاستهزاء بآیات الله، ومن ذلک نفس مسألة الزّواج والطّلاق والرّجوع فی زمان العدّة بنیّة الإنتقام وإلحاق الضرّر بالمرأة والتّظاهر بأنَّه یستفید من حقّه القانونی.

فعلى هذا لاینبغی الإغماض عن روح الأحکام الإلهیّة والتمسّک فقط بالظّواهر الجامدة لها، فلا ینبغی إتّخاذ آیات الله ملعبة بید هؤلاء، فإنّه یُعتبر ذنب عظیم ویترتّب علیه عقوبة ألیمة.

ثمّ تضیف الآیة (واذکروا نعمت الله علیکم وما اُنزل علیکم من الکتاب والحکمة یعظکم به واتّقوا الله واعلموا أنّ الله بکلّ شیء علیم ).

هذه تحذیرات من أجل أن تعلموا: أوّلاً: أنّ الله تعالى عدّ تلک التصرّفات من خرافات وتقالید الجاهلیّة الشنیعة بالنّسبة إلى الزّواج والطّلاق وغیر ذلک، فأنقذکم منها وأرشدکم إلى أحکام الإسلام الحیاتیة، فینبغی أن تعرفوا قدر هذه النّعمة العظیمة وتؤدّوا حقّها، وثانیاً: بالنسبة إلى حقوق المرأة ینبغی أن لا تسیئوا إلیها بالاستفاده من موقعیّتکم، ویجب أن تعلموا أنّ الله تعالى مُطّلعٌ حتى على نیّاتکم (2) .

 


1. تفسیر القرطبی، ج 2، ص 964، ومثله فی تفسیر المراغی، ج 2، ص 179.
2. فعلى هذا تکون جملة ( وما نزل علیکم من الکتاب والحکمة ) عطف ( نعمة الله ) أو من قبیل عطف الخاصّ على العامّ وفی هذه الصورة یکون مفهوم ( نعمة الله ) واسعاً حیث یشمل جمیع النعم الإلهیّة التی منها نعمة المحبّة والاُلفة التی جعلها الله بین الزوجین.

 

سورة البقرة / الآیة 231سورة البقرة / الآیة 232
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma