حریم الزّواج أو العدّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 2
1 ـ العدّة وسیلة للعودة والصّلح

کان الکلام فی الآیه السّابقة عن الطّلاق، وهنا تذکر الآیة بعض أحکام الطّلاق وما یتعلّق به حیث ذکرت خمسة أحکام له فی هذه الآیة.

فی البدایة ذکرت الآیة عدّة الطّلاق (والمطّلقات یتربّصن فی أنفسهنّ ثلاثة قروء ).

(قروء) جمع (قُرء) تُطلق على الحیض وعلى النقاء منه، ویُمکن الاستفادة من کلا هذین المعنیین مفهوماً کلیّاً یجمع بینهما، وهو الإنتقال من حالة إلى حالة اُخرى، ویرى «الرّاغب» فی المفردات أنّ «القرء» فی الحقیقة هی کلمة یُراد منها الإنتقال من حالة الحیض إلى الطّهر، وبما أنّ کلا هذین العنوانین مأخوذان فی معنى الکلمة، فتُستعمل أحیاناً بمعنى الحیض واُخرى بمعنى الطّهر، ویُستفاد من بعض الرّوایات وکثیر من کتب اللّغة أنّ القُرء تعنی الجمع بین الحالتین، وبما أنّ حالة الطّهر یجتمع فی المرأة مع وجود دم الحیض فی رحمها فتطلق هذه المفردة على الطّهر (1) وعلى کلّ حال فقد ورد التّصریح فی الروایات أنّ المقصود بالقروء الثلاثة فی الآیة أن تطهر المرأة ثلاث مرّات من دم الحیض (2) .

وبما أنّ الطّلاق یُشترط فیه أن تکون المرأة فی حالة الطّهر الّذی لم یجامعها زوجها فیه فیُحسب ذلک الطّهر مرّة واحدة، وبعد أن ترى المرأة دم الحیض مرّة وتطهر منه حینئذ تتم عدّتها بمجرّد أن ینتهی الطّهر الثالث وتشرع ولو للحظة فی العادة، فیجوز لها حینئذ الزّواج، ومضافاً إلى الروایات فی هذا المجال یُمکن استنباط هذه الحقیقة من نفس الآیة مورد البحث لأنّ:

أوّلاً: (قُرء) تستبطن جمعان: قروء وأقراء، وما کان جمعه قروء فهو طُهر، وما کان جمعه أقراء فهو بمعنى الحیض (3) .

ثانیاً: القُرء فی اللّغة بمعنى الجمع، کما تقدّم وهی أنسب لحالة الطّهر، لأنّ الدم یتجمّع فی هذه الحالة فی الرّحم بینما یخرج ویتفرّق عند العادة الشهریّة (4) .

الحکم الثانی المستفاد من هذه الآیة هو قوله تعالى: (ولا یحلّ لهنّ أن یکتمن ما خلق الله فی أرحامهنّ إن کنّ یؤمنّ بالله والیوم الآخر ).

الإسلام قرّر أن تکون المرأة بنفسها هی المرجع فی معرفة بدایة العدّة ونهایتها حیث إنّ المرأة نفسها أعلم بذلک من الآخرین، وفی الرّوایة عن الإمام الصّادق (علیه السلام) فی تفسیر الآیة محلّ البحث قال: «قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشیاء: الحیض والطّهر والحمل» (5) .

ویمکن أن یُستفاد من الآیة هذا المعنى أیضاً، لأنّ الآیة تقول: (ولا یحلّ لهنّ أن یکتمن ما خلق الله فی أرحامهنّ ) ویخبرن بخلاف الواقع، وهذا یعنی أنّ کلامهنّ مقبول.

وجملة (ما خلق الله فی أرحامهنّ ) کما ذهب إلیه جماعة من المفسّرین یمکن أن یراد بها معنیان: (الجنین) و(العادة الشهریّة) لأنّ کلا هذین المعنیین قد جعلهما الله فی أرحام النساء أی یجب على المرأة أن لا تکتم حملها وتدّعی العادة الشهریّة بهدف تقلیل مدّة العدّة (لأنّ عدّة الحامل وضع حملها) وهکذا یجب علیها أن لا تخفی وضع حیضها وتبیّن خلاف الواقع، ولا یبعد استفادة کلا هذین المعنیین من العبارة أعلاه.

الحکم الثالث المستفاد من الآیة هو أنّ للزّوج حقّ الرّجوع إلى زوجته فی عدّة الطّلاق الرّجعی، فتقول الآیة: (وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ فی ذلک إن أرادوا إصلاحاً ) (6) .

 

وبهذا یستطیع الزّوج استئناف علاقته الزوجیة بدون تشریفات خاصّة إذا کانت المرأة فی عدّة الطّلاق الرّجعی، فإذا قصد الرّجوع یتحصّل بمجرّد کلمة أو عمل یصدر منه بهذا القصد، وجملة: (إن أرادوا إصلاحاً ) فی الحقیقة هی لبیان أنّ هدف الرّجوع یجب أن یکون بنیّة الإصلاح لا کما کان علیه الحال فی العصر الجاهلی من أنّ الزّوج یستخدم هذا الحق لغرض الإضرار بالزّوجة حیث یترکها فی حالة معلّقة بین الزّواج والطّلاق.

فهذا الحقّ یکون للزّوج فی حالة إذا کان نادماً واقعاً وأراد أن یستأنف علاقته الزّوجیّة بجدیّة، ولم یکن هدفه الإضرار بالزّوجة.

ضمناً یُستفاد ممّا ورد فی ذیل الآیة من مسألة الرّجوع هو أنّ حکم العدّة والإهتمام بحساب أیّامها یتعلّق بهذه الطائفة من النساء، وبعبارة اُخرى أنّ الآیة تتحدّث بشکل عام عن الطّلاق الرّجعی ولهذا فلا مانع من أن تکون بعض أقسام الطّلاق بدون عدّة أصلاً.

ثمّ تبیّن الآیة حکماً رابعاً وتقول: (ولهنّ مثل الّذی علیهنَّ بالمعروف وللرّجال علیهنّ درجة ).

یقول الطبرسی فی مجمع البیان أنّه یستفاد من هذه العبارة العجیبة والجامعة فوائد کثیرة جدّ (7) ، فهی قد جرّت البحث إلى مسائل أهم بکثیر من الطّلاق والعدّة، وقرّرت مجموعة من الحقوق المتبادلة بین الرّجال والنساء فتقول: کما أنّ للرّجال حقوقاً على النساء، فکذلک للنساء حقوق على الرّجال أیضاً، فیجب علیهم مراعاتها، لأنّ الإسلام اهتمّ بالحقوق بصورة متعادلة ومتقابلة ولم یتحیّز إلى أحد الطّرفین.

وکلمة (بالمعروف) التی تأتی بمعنى الأعمال الحسنة المعقولة والمنطقیّة تکرّرت فی هذه السلسلة من الآیات اثنا عشر مرّة (من الآیة مورد البحث إلى الآیة 241) کیما تحذّر النساء والرّجال من عاقبة سوء الاستفادة من حقوق الطّرف المقابل، وعلیهم إحترام هذه الحقوق والاستفادة منها فی تحکیم العلاقة الزوجیّة وتحصیل رضا الله تعالى.

جملة (وللرّجال علیهنّ درجة ) تکمّل القاعدة السابقة فی الحقوق المتقابلة بین الرّجل والمرأة، وفی الواقع أنّ مفهومها هو أنّ مسألة العدالة بین الرّجل والمرأة لا تکون بالضّرورة بمعنى التساوی فی الحقوق وأن یکونا فی عرض واحد، فهل یلزم أن یکون الجنسان متساویین تماماً فی الواجبات والحقوق؟

 

لو أخذنا بنظر الاعتبار الاختلافات الکبیرة بین الجنسین على صعید القوى الجسمیّة والروحیّة لاتّضح الجواب عن السؤال.

المرأة بطبیعة مسؤولیتها الحسّاسة فی إنجاب الأبناء وتربیتهم تتمتّع بمقدار أوفر من العواطف والمشاعر والاحساسات، فی حین أنّ الرجل وطبقاً لهذا القانون اُنیطت به مسؤولیة الواجبات الاجتماعیّة التی تستلزم قوّة الفکر والإبتعاد عن العواطف والأحاسیس الشخصیّة أکثر، ولو أردنا إقامة العدالة فیجب أن نضع الوظائف الاجتماعیّة التی تحتاج إلى تفکّر وتحمّل أکثر بعهدة الرّجال، والوظائف والمسؤولیّات التی تحتاج إلى عواطف واحساسات أکثر بعهدة النّساء، ولهذا السبب کانت إدارة الاُسرة بعهدة الرّجل ومقام المعاونة بعهدة المرأة، وعلى أیّ حال فلا یکون هذا مانعاً من تصدّی المرأة للمسؤولیّات الاجتماعیّة المتوائمة مع قدراتها الجسمیّة وملکاتها البیولوجیّة فتؤدّی تلک الوظائف والمسؤولیّات إلى جانب أداء وظیفة الاُمومة فی الاُسرة.

وکذلک لایکون هذا التفاوت مانعاً من تفوّق بعض النّساء من الجهات المعنویّة والعلمیّة والتقوائیّة على کثیر من الرّجال.

فما نرى من إصرار بعض المثقّفین على مقولة التساوی بین الجنسین فی جمیع الاُمور هو إصرار لا تؤیّده الحقائق على أرض الواقع حیث ینکرون فی دعواهم هذه الثّوابت العلمیّة فی هذا المجال، فحتّى فی المجتمعات التی تنادی بالمساواة بین الجنسین فی مختلف المجالات نشاهد عملاً بوناً شاسعاً مع نداءاتهم، فمثلاً الإدارة السیاسیّة والعسکریّة لجمیع المجتمعات البشریّة هی فی عهدة الرّجال (إلاّ فی موارد استثنائیّة) حیث یُرى هذا المعنى أیضاً فی المجتمعات الغربیّة التی ترفع شعار المساواة دائماً.

وعلى کلّ حال، فالحقوق التی یختّص بها الرّجال مثل حقّ الطّلاق أو الرّجوع فی العدّة أو القضاء (إلاّ فی موارد خاصّة اُعطی فیها حقّ الطّلاق للزّوجة أو حاکم الشرع) ترتکز على هذا الأساس ونتیجة مباشرة لهذه الحقائق العملیّة.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ جملة: (للرّجال علیهنّ درجة) ناظرة إلى مسألة الرّجوع فی عدّة الطّلاق فقط (8) ، ولکن من الواضح إنّ هذا التفسیر لا یتوائم وظاهر الآیة، لأنّ الآیة ذکرت قبل ذلک قانوناً کلیّاً حول حقوق المرأة ووجوب رعایة العدالة بجملة (ولهنّ مثل الّذی علیهنَّ بالمعروف ) ثمّ أوردت العبارة مورد البحث بشکل قانون کلّی آخر بعد ذلک.

وأخیراً تقول الآیة: (والله عزیز حکیم ) وهذا إشارة إلى ما یرد فی هذا المجال من إشکالات وتساؤلات وأنّ الحکمة الإلهیّة والتدبیر الرّبانی یستوجبان أن یکون لکلّ شخص فی المجتمع وظائف وحقوق معیّنة من قبل قانون الخلقة ویتناسب مع قدراته وقابلیّاته الجسمیّة والرّوحیّة، وبذلک فإنّ الحکمة الإلهیّة تستوجب أن تکون للمرأة فی مقابل الوظائف والمسؤولیّات الملقاة على عاتقها حقوقاً مسلّمة کیما یکون هناک تعادل بین الوظیفة والحقّ.


1. وسائل الشیعة، ج 22، ص 187 و202.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 220 و221; ووسائل الشیعة، ج 22، ص 116.
3. قاموس اللّغة، مادة «قرء».
4. لسان العرب، مادة «قُرء».
5. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 326، ذیل الآیة مورد البحث; ووسائل الشیعة، ج 22، ص 222، ح 28440.
6. «بعولة» جمع «بعل» بمعنى الزوج ویقول الراغب فی مفرداته بأنّ البعض یرى اطلاقها على الزوج والزوجة. (التفسیر الکبیر، ج 6، ص 93) وقیل إنّ هذه المفردة تعطی معنى العلو والأفضلیة.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 327.
8. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 1، ص 360.

 

1 ـ العدّة وسیلة للعودة والصّلح
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma