طریق الجمع بین الآیات والروایات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
الأحادیث المتعارضةأسباب ونتائج الاجتماع والانزواء

ولکن بالنظر الدقیق إلى متون الآیات والروایات الشریفة یتبیّن جیداً أنّ مسألة العزلة والانزواء عن الناس تکون بصورة إستثنائیة وفی شرائط اجتماعیة خاصة، ومن المعلوم بالنسبة إلى أصحاب الکهف أنّهم کانوا یعیشون فی أجواء اجتماعیة کافرة وفاسدة وکانوا یعیشون الخوف من الحکومة الغاشمة فی ذلک الزمان، فلم یکن لدیهم طریق سوى الهروب والابتعاد عن دیارهم ومدنهم واللّجوء إلى الکهف فی الجبال البعیدة.

وبالنسبة إلى إبراهیم(علیه السلام) أیضاً نجد هذه الحالة الاستثنائیة، فقد رأینا أنّ إبراهیم(علیه السلام)سعى بجدیّة فی خط التصدّی لقوى الانحراف والباطل وتبلیغ الرسالة الإلهیة بین الوثنیین، ولکن عندما رأى عدم التأثیر وعاش حالة الخطر على نفسه فعند ذلک أمر بالهجرة وإعتزال هؤلاء الناس.

ومن البدیهی أنّ الإنسان فی مثل هذه الظروف الحساسة لیس أمامه سوى الهجرة والاعتزال، ولکن هذا المعنى لا یکون أصلاً أساسیاً فی التعالیم الدینیة بل هو الاستثناء یتعلّق بظروف خاصة.

ویمکننا الاستشهاد على هذا الجمع بین الروایات بالقرائن الکثیرة، فعندما یختار الإمام الصادق(علیه السلام) العزلة عن الناس یذکر الدلیل على ذلک وأنّ فساد الزمان وتغیّر الاخوان وعدم إمکان التعاون مع الناس هو السبب فی اختیار هذا السلوک الاستثنائی.

وقرأنا فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین أنّ سلامة الدین تکمن فی العزلة، فذلک یتعلّق بما إذا کانت المعاشرة مع الناس تهدّد إیمان الفرد وتعرّض دینه وعلاقته بالله تعالى إلى الاهتزاز والإرتباک والخطر.

وأحیاناً یعیش بعض الأشخاص ظروفاً خاصة بهم حیث نجدهم یعیشون ضعف الإیمان أمام مظاهر الفساد، فلذلک قد یوحی هؤلاء الأشخاص بأن یعتزلوا المجتمع خوفاً علیهم من الابتلاء بمظاهر الفساد أیضاً کما هو المریض الذی یوصیه الطبیب بعدم الاختلاط مع الناس أو یوصی الطبیب الأفراد المسنّین بعدم الخروج الى الشارع خوفاً من التلّوث والتسمم، ومعلوم أنّ مثل هذه التوصیات لا تشکل قاعدة عامّة وشاملة لجیمع الحالات والأفراد بل تختصّ بحالات استثنائیة للمرضى والمسنّین والذین یعیشون الابتلاء بضعف القلب وخلل الجهاز التنفسی.

وعلیه فلا یمکن تعمیم هذه الحالات الاستثنائیة إلى کل زمان ومکان بحیث یستکشف منها تعلیمات کلیّة فی دائرة المفاهیم الإسلامیة، وعندما نرى أنّ الإمام الصادق یوصی أحد أصحابه باعتزال الناس وأن لا یخرج من البیت حذراً من الوقوع فی الغیبة والکذب

والحسد والریاء والمداهنة وأمثال ذلک، فهذا یدلّ على أنّ الظروف الاجتماعیة فی ذلک الوقت کانت على غیرما یرام، أو أنّ هذا الشخص یعیش ضعف الإیمان والتأثر بالنوازع النفسیة والذاتیة.

ومن مجموع ما تقدّم آنفاً یمکننا الخروج بالنتیجة التالیة:

إنّ الإنسان بطبیعته کائن اجتماعی یأنس بالآخرین ولکن بالرغم من ذلک فإنّه یحتاج فی کل یوم إلى ساعة أو عدّة ساعات للخلوة بربّه والاُنس بمناجاته وخاصة فی الساعات من اللیل لیکرّس هذا الوقت للعبادة والمناجاة والانفتاح على الله تعالى کما هو حال السالکین إلى الله والعرفاء الإسلامیین الذین یحرصون على الخلوة بالله تعالى والإرتباط معه من موقع الاُنس والعشق والتوکّل بحیث لا یرون غیره ولا یأنسون بغیره.

وأحیاناً یتّخذ بعض الأشخاص سلوک الابتعاد عن الناس من موقع الاعتراض على فساد الحال، ویکون ذلک أحد الطرق المشروعة للنهی عن المنکر والتصدّی للمفاسد الاجتماعیة حیث یتسبب هذا السلوک السلبی تجاه الناس أن یخلق فیهم صدمة توقظهم من غفلتهم کما قد یشاهد مثل هذه السلوکیات من بعض العلماء الذین ترکوا مجتمعهم وهجروا الناس اعتراضاً على بعض ما رأوه من انحرافات فی سلوک الناس، ولم تمض فترة حتى أحسّ الناس بحالهم والنقص الذی خلّفه رحیل هذا العالم فانتبهوا من سباتهم وتوجّهوا إلى ذلک العالم وطلبوا منه الرجوع إلیهم شریطة أن یصلحوا أعمالهم ویسلکوا جادّة الصواب، کل هذه الاستثناءات من القاعدة الأساسیة تکاد تکون مقبولة ومعقولة فی مقابل الأصل العام وهو ضرورة الاجتماع والمعاشرة مع الناس.

 

الأحادیث المتعارضةأسباب ونتائج الاجتماع والانزواء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma