تفسیر واستنتاج

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
تنویهالغیرة فی الروایات الإسلامیة

تتحدّث «الآیة الاُولى» من الآیات محل البحث عن ثلاثة طوائف من الفئات الشریرة فی المجتمع الإسلامی الأول فی المدینة، فتذکر الآیة هذه الطوائف الثلاث بأسم المنافقون والذین فی قلوبهم مرض والمرجفون، أی الذین یتحرّکون فی بث الشائعات والأکاذیب بین الناس لتضعیف معنویّات المسلمین وإتهام النساء العفیفات والمحصنات وتحذّرهم الآیة بأشد العذاب الإلهی وتقول: (لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِی الْمَدِینَةِ لَنُغْرِیَنَّکَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ یُجَاوِرُونَکَ فِیهَا إِلاَّ قَلِیلا * مَلْعُونِینَ أَیْنََما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِیلا).

هذه الغیرة الإلهیة التی تقود المسلمین إلى الدفاع الشدید عن أعراضهم ونوامیسهم وکیانهم هی اُسوة لجمیع المسلمین فی مسألة الغیرة على الدین والناموس، وتدلّ على أنّ الإنسان الذی یتحرّک فی خط الإیمان والحق لا ینبغی أن یواجه ممارسات الأراذل والمنافقین والأشرار من موقع اللاّمبالاة وعدم الاهتمام والبرودة.

وهذا التعبیر الوارد فی الآیة الکریمة یدلّ على أنّ هذه المسألة عبارة عن فضیلة أخلاقیة کبیرة ووظیفة اجتماعیة للمؤمنین رغم ما أورده التاریخ من سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)الذی کان یتشدّد فی مثل هذه الموارد مع المخالفین وقوى الإنحراف.

إنّ الصفات الثلاثة التی ذکرتها الآیة لهؤلاء المخالفین: (الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ) یمکنها أن تشیر جمیعها إلى طائفة معیّنة تتحرّک باتّجاهات مختلفة لتکریس حالة التخاذل والوهن والضعف بین المسلمین، ولکنّ ظاهر الآیة وما ورد فی شأن نزولها من الروایات یشیر إلى أنّ هذه الصفات الثلاث هی لثلاث طوائف من هؤلاء المنحرفین وهم: المنافقون الذین یتحرّکون فی بث الشائعات حول غزوات النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لتضعیف روحیة المسلمین وتقویة عنصر الانهزام والتخاذل فی قلوبهم، وطائفة الأراذل والأشرار الذین یتعرّضون لنساء المسلمین ویتسببون فی إزعاجهّن والتحرّش بهنّ، والطائفة الثالثة یتحرّکون فی عملیة بث الشائعات عن النساء المؤمنات وإتهامهنّ فی عفتهن حیث یؤلمهنّ ذلک بشدّة، فنزلت الآیة أعلاه من موقع التهدید لهذه الفئات الثلاث بالنفی والقتل.

أمّا قوله: (الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) فقد یرد فی الآیات القرآنیة بمعانی مختلفة، فأحیاناً یشیر إلى النفاق مثل ما ورد فی الآیة 10 من سورة البقرة: (فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللهُ مَرَضاً)، وأحیاناً اُخرى یرد فی مورد الأشخاص الذین یتّبعون غریزتهم الجنسیة فی دائرة الحیوانیة کما ورد فی الآیة 32 من هذه السورة التی تخاطب نساء النبی وتوصیهنّ بأن لا یخضعن بالقول للأشخاص الأجانب حتى لا تتحرّک فیهم الغریزة ویطمعوا بالحرام فیقول: (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِی فِی قَلْبِهِ مَرَضٌ).

 

والملفت للنظر أنّ القرآن الکریم بعد هذه الآیات (الآیة 60 و 61) یضیف أنّ هذه هی سنّة الله فی الأقوام السالفة (ولا تنحصر بالاُمّة الإسلامیة ولا تبدیل لسنة الله).

وهذا السیاق الشریف یشیر إلى حکم عام وارد فی جمیع الأدیان الإلهیة، وسنة إلهیة قطعیة لا تتبدّل، وهی ضرورة المواجهة الجادّة مقابل المنافقین والانتهازیین والذین یبثون الشائعات المغرضة (طبعاً مع حفظ جمیع المقرّرات الشرعیة والعقلیة) وهذا هو مفهوم الغیرة بکل وضوح.

وتتحرّک «الآیة الثانیة» لتحکی لنا عن نموذج للغیرة الدینیة التی تتجلّى فی سلوک أحد أکبر الانبیاء الإلهیین، أی النبی یوسف(علیه السلام) وذلک عندما تعرّض للتحرش من قبل نساء مصر وخاصة زلیخا إمرأة العزیز حیث طلبت منه الإستسلام والرضوخ لمطالیبهن اللاّمشروعة وارتکاب الفاحشة، وبینما کان یوسف(علیه السلام) فی سن الشباب والمراهقة وتهب فی صدره أعاصیر الحیویة والغریزة والانجذاب إلى الدنیا، إلاّ أنّه قاوم کل هذه التحدّیات الداخلیة والخارجیة الصعبة حتى أنّه فضّل دخول السجن مع جمیع مشقاته وآلامه على الاستسلام لمطالیبهن والرضوخ لعناصر الشهوة والمقام والجمال وطلب من الله تعالى أن یوفقّه لدخول السجن للخلاص من هؤلاء النسوة وقال: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا یَدْعُونَنِی إِلَیْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّی کَیْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَیْهِنَّ وَأَکُنْ مِنِ الْجَاهِلِینَ).

وهذا السیاق الشریف یکشف عن مقام العصمة والعفّة لیوسف(علیه السلام) وکذلک یحکی عن غیرته وتقواه أمام الهزات، فعندما نقارن بین هذه الروحیة العالیة فی دائرة التعفف والصمود والإرادة مع ما نجده لدى عزیز مصر من عدم الغیرة والتساهل فی أمر العفّة لدى زوجته بعدما ثبت له سلوک زوجته الخائن اکتفى بالقول: (یُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِی لِذَنْبِکِ إِنَّکِ کُنتِ مِنْ الْخَاطِئِینَ)(1).

ویتّضح جلیّاً الفرق بین هذین الرجلین من موقع الأمانة والتقوى والعفّة النفسیة، ولم یکن یوسف(علیه السلام) یقصد طلب السجن من الله تعالى بالذات ولغرض شخصی بل کان هدفه التخلص من ممارسة اللاّمشروع وأنّه إذا خیّر بین السجن وبین الممارسة اللاّمشروعة فإنّه یفضّل السجن على ذلک العمل.

وتأتی «الآیة الثالثة» لتستعرض الأمر الإلهی للنساء المؤمنات بأنّه مضافاً إلى لزوم حفظ الحجاب فیجب علیهنّ أن لا یضربن بأرجلهن أثناء المشی فی الطرقات لکی لا یسمع الأجنبی صوت الخلاخل من الزینة وتقول: (... وَلاَ یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یُخْفِینَ مِنْ زِینَتِهِنَّ).

فنرى فی هذه الآیة الشریفة إقتران الغیرة مع العفّة إلى درجة أنّه لم یسمح للنسوة أن یضربن بأرجلهن فیسمع الرجال أصوات الخلاخل فی أرجلهن، وکما أشرنا آنفاً أنّ الإسلام یأمر نساء النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) (بعنوان کونهنّ اُسوة وقدوة لسائر النساء المسلمات) أنّه عندما یتحدّثن مع الغرباء فلا یخضعن بالقول ولا یرى الغریب عنصر المرونة واللطافة فی کلامهنّ ولئلاّ تتحرّک فیه عناصر الشر، کل ذلک یعدّ تأکیداً لرعایة العفّة من جهة، وکذلک الالتزام بفضیلة الغیرة من جهة اُخرى.

 


1. سورة یوسف، الآیة 290.

 

تنویهالغیرة فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma