تنویه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
الحلم وسعة الصدرتفسیر واستنتاج

إنّ من أکبر الفضائل الأخلاقیة التی لا یصل الإنسان إلى مراتب الکمال بدونها هی صفة العفو والصفح عند القدرة على الردّ العملی على الطرف المقابل وترک الانتقام منه.

إنّ الکثیر من الناس یعیشون حالة الحقد الکامن فی قلوبهم وأعماقهم وینتظرون الفرصة السانحة للانتقام من عدوّهم والظفر به، فلا یتحرّکون فی خط الرد بالمثل وجواب السیئة بالسیئة فقط، بل یردون السیئة الواحدة بأضعافها من السیئات والأعمال الانتقامیة، والأسوأ من الجمیع أنّ هذه الصفة الرذیلة تتجلّى بمظهر الصفة الحسنة التی تبعث على الفخر والاعتزاز فیقول الإنسان إننی قد ظفرت بعدوّی وأذقته العذاب الشدید وفعلت معه کذا وکذا.

إنّ التاریخ البشری ملیء بحالات الانتقام والقسوة من قبل السلاطین والاُمراء ورؤساء القبائل لأقوامهم أو لأقوام اُخرى من أعدائهم.

والعجیب هو أنّ حالات الانتقام هذه تتشابک مع بعضها بصورة سلسلة وحلقات متوالیة، فعلى سبیل المثال أنّ إحدى القبائل تقوم بقتل شخص من القبیلة الاُخرى، فتقوم قبیلة المقتول عند توفّر الفرصة بالثأر لنفسها وتقتل خمسین شخصاً من القبیلة الاُخرى وهکذا یستمر النزاع والصراع وسفک الدماء.

إنّ أشکال النهب والسلب وهتک النوامیس والأعراض والقتل الفجیع فی التاریخ البشری معلول لهذه الصفة الخبیثة والذمیمة فی أعماق البشر وتمتد إلى ذواتهم الحیوانیة وعناصر الشر فیهم.

وبعکس ذلک ما نجده فی سیرة الأنبیاء والأولیاء هو أنّهم عندما تسنح لهم الفرصة ویتغلّبون على عدوهم فإنّهم یتحرّکون من موقع العفو والصفح عن جرائمه السابقة وبذلک یعملون على تبدیل أشدّ الأعداء إلى أقرب الأصدقاء.

إنّ مثل هذه الشخصیات الفذّة فی التاریخ البشری لا یعیشون حالة الرغبة فی الثأر لأنفسهم والانتقام من عدوّهم وغسل الدم بالدم (إلاّ فی الموارد الاستثنائیة) والردّ بالسیئة بمثلها، بل على العکس من ذلک کانوا یتحرّکون ما أمکنهم على مستوى جواب السیئة بالحسنة، لأنّ هدفهم تربیة النفوس وتهذیبها والسیر بها فی خط الصلاح والإیمان والهدایة لا فی خط الانتقام، ولذلک کانوا یهدفون إلى إطفاء الفتنة لا إشعال نار جدیدة.

ولکن من الیقین أنّ مثل هذا السلوک الإنسانی لا یتسنى من أیّ شخص کان، بل یختص به الأشخاص الذین یعیشون الإیمان والتقوى والتسلّط على النفس فی أعلى مستویاته، إنّه عمل الأشخاص الذین یعیشون الفضیلة والأخلاق السامیة، وإلاّ فانّ من یعیش التوحش والقساوة فی قلبه لا یعرف سوى الانتقام ولا یفتخر إلاّ بالثأر لنفسه.

وأمّابالنسبة إلى الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة فنجدها ملیئة فی بیان فضیلة العفو والصفح وذم روح الانتقام والثأر، والشاهد على ذلک ما نقرأه فی سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) فی هذا الباب، ونموذج لذلک ما ورد فی قصّة فتح مکّة والعفو العام الذی أصدره النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) عن أعدائه الشرسین والحاقدین.

ومع هذه الإشارة نعود إلى القرآن الکریم لنستوحی من آیاته دروساً فی العفو والصفح أو ما ورد فیه من ذم غریزة الانتقام والثأر (والجدیر بالذکر أنّ مفردة (الانتقام) لم ترد فی القرآن الکریم بالمعنى المذکور آنفاً، بل بمعنى العقاب الإلهی، ولذلک فکل مورد وردت فیه هذه

الکلمة فإنّه یراد بها ما ینسب إلى الله تعالى من العقاب على المجرمین ولا یرتبط ببحثنا الحاضر):

1 ـ (وَجَزَاءُ سَیِّئَة سَیِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ یُحِبُّ الظَّالِمِینَ)(1).

2 ـ (وَلاَ یَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْکُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ یُؤْتُوا أُوْلِی الْقُرْبَى وَالْمَسَاکِینَ وَالْمُهَاجِرِینَ فِی سَبِیلِ اللهِ وَلْیَعْفُوا وَلْیَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللهُ لَکُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ)(2).

3 ـ (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِینَ)(3).

4 ـ (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَیْرٌ لِلصَّابِرِینَ)(4).

5 ـ (ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا یَصِفُونَ)(5).

6 ـ (وَلاَ تَسْتَوِی الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّیِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَکَ وَبَیْنَهُ عَدَاوَةٌ کَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِیمٌ * وَمَا یُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِینَ صَبَرُوا وَمَا یُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِیم)(6).

7 ـ (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَیْکُمْ الْقِصَاصُ فِی الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالاُْنثَى بِالاُْنثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِیهِ شَىْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَیْهِ بِإِحْسَان ذَلِکَ تَخْفِیفٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِکَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِیمٌ)(7).

8 ـ (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِکُمْ وَأَوْلاَدِکُمْ عَدُوّاً لَکُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ)(8).

9 ـ (إِنْ تُبْدُوا خَیْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإِنَّ اللهَ کَانَ عَفُوّاً قَدِیراً)(9).

10 ـ (وَاصْبِرْ عَلَى مَا یَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِیلا)(10).

 


1. سورة الشورى، الآیة 40.
2. سورة النور، الآیة 22.
3. سورة الاعراف، الآیة 199.
4. سورة النحل، الآیة 126.
5. سورة المؤمنون، الآیة 96.
6. سورة فصلت، الآیة 34 و 35.
7. سورة البقرة، الآیة 178.
8. سورة التغابن، الآیة 14.
9. سورة النساء، الآیة 149.
10. سورة المزّمل، الآیة 10.

 

الحلم وسعة الصدرتفسیر واستنتاج
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma