الحلم وسعة الصدر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
أقسام الغضبتنویه

النقطة المقابلة لحالة الغضب والحدّة المذمومة هی الحلم وضبط النفس وسعة الصدر کما ورد عن الإمام الحسن(علیه السلام) عندما سئل عن معنى الحلم فقال: «کَظمُ الغَیظِ وَمِلکُ النَّفسِ»(1)، ومن علاماته حسن التعامل مع الناس والمعاشره بالمعروف مع الآخرین کما ورد عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) قوله: «لَیسَ بِحَلیم مَنْ لَمْ یُعـاشِرِ بِالمَعرُوفِ مَنْ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعـاشَرَتَهُ»(2).

أمّا الأشخاص الذین یتحلّمون بسبب عجزهم وعدم قدرتهم على إشهار الغضب وممارسته فهم یفتقدون فی الواقع لفضیلة الحلم وسعة الصدر، لأنّهم کلّما وجدوا القدرة على ممارسة غضبهم وإخراجه إلى دائرة العمل یتحرّکون فوراً للإنتقام من الطرف الآخر کما ورد هذا المعنى فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) حیث قال: «لَیسَ الَحلِیمُ مَنْ عَجَزَ فَهُجِمَ وإِذا قَدَرَ إنتَقَمَ إِنَّمـا الحَلِیمُ مَنْ إِذا قَدَرَ عَفى»(3).

وعلى أیة حال فإنّ الحلم وضبط النفس یعدّ من أفضل وأکرم القیم الأخلاقیة وخاصة للرؤساء والمدراء والأولیاء على العوائل حیث یتسبب فی تکاملهم المعنوی وقوّة مدیریّتهم وجذب القلوب إلیهم وبالتالی بإمکانه أن یحل لهم الکثیر من المشکلات ویهوّن علیهم المصاعب، أمّا بالنسبة إلى أهمیّة هذه الفضیلة الأخلاقیة فنختار فی هذا المضمون عدّة روایات واردة فی هذا الباب:

1 ـ ما ورد فی الحدیث الشریف عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «أَلا اُخبِرُکُم بِأشبَهَکُم بِی أَخلاقاً؟ قـالُوا: بَلى یـا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: أَحسِنَکُم أَخلاقاً وَأَعظَمَکُم حِلماً وَأَبَرَّکَمُ بِقَرابَتِهِ وَأَشَدَّکُم إِنصـافاً مِنْ نَفسِهِ فِی الغَضَبِ وَالرِّضا»(4).

2 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أیضاً قوله: «مـا جُمِعَ شَیٌّ إِلى شَیٍّ أَفضَلَ مِنْ حِلم إِلى عَلم»(5).

3 ـ وورد فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال:«أَشجَعُ النَّاسِ مَنْ غَلَبَ الجَهلَ بِالحِلمِ»(6).

ویشبه هذا المعنى ما ورد أیضاً عن الإمام(علیه السلام) أنّه قال: «أَقوَى النّاسِ مَنْ قَوى عَلى غَضِبِهِ بِحِلمِهِ»(7).

4 ـ ونقرأ فی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) أنّه قال: «إِنَّ أَفضَلَ أَخلاقِ الرَّجـالِ الحِلمُ»(8).

5 ـ وفی حدیث شیّق عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إِنَّ المُؤمِنَ لَیُدرِکَ بِالحِلمِ واللِّینِ دَرَجَةَ العـابِدِ المُتَهَجِّدِ»(9).

وهذا تعبیر فی الحدیث الشریف یبیّن بوضوح أنّ الحلم وضبط النفس یعدّ من العبادات المهمّة فی دائرة القرب الإلهی.

6 ـ وجاء فی حدیث آخر عمیق المعنى عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مِنْ أَحَبَّ السَّبِیلِ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جُرعَتـانِ جُرعَةَ غَیط تَرُدُهـا بِحِلم وَجُرعَةُ مُصِیبَة تَرُدُّهـا بِصَبر»(10).

7 ـ وسمع الإمام علی(علیه السلام) یوماً رجلاً یشتم خادمه قنبر وکأنّ قنبر أراد أن یجیبه فقال له الإمام: «مَهلاً یـا قَنبَر، دَع شـاتِمَکَ، مُهـاناً، تَرضی الرَّحمنَ، وَتُسخِطُ الشَّیطانَ، وَتُعاقِب عَدوَّکَ، ، فَوَ الَّذِی خَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرءَ النَّسَمَةَ مـا أَرضى المُؤمِنُ رَبَّهُ بِمِثلِ الحِلمِ، وَلا أَسخَطَ الشَّیطـانَ بِمثلِ الصَّمتِ، وَلا عُوقِبَ الأَحمَقُ بِمثلِ السُّکُوتِ عَنهُ»(11).

8 ـ وورد عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مَنْ کَظَمَ غَیظاً وَهُوَ قـادِرٌ عَلى إِنفـاذِهِ وَحَلُمَ عَنهُ أَعطـاهُ اللهُ أَجرَ شَهید»(12).

9 ـ وورد فی حدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّ أباه علی بن الحسین(علیه السلام) قال: «إنَّهُ لَیُعجِبُنِی الرَّجُلُ أَنْ یُدرِکُهُ حِلمُهُ عِنَدَ غَضَبِهِ».

10 ـ ونختم هذا البحث بحدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) (رغم وجود روایات کثیرة فی هذا الباب) ورد فی هذا الحدیث عن حفص ابن أبی عائشة قال: بعث أبو عبدالله(علیه السلام)(الصادق) غلاماً له فی حاجة فأبطأ، فخرج أبوعبدالله(علیه السلام)على أثره لمّا أبطأ، فوجده نائماً، فجلس عند رأسه یروّحه حتّى انتبه، فلمّا تنبّه قال له أبو عبدالله: «یـا فلان واللهِ مـا ذَلِکَ لَکَ، تَنـامُ اللّیلَ وَالنَّهـارِ، لَکَ اللّیلُ وَلَنـا مِنکَ النّهـارُ»(13).

هذا السلوک الممعن فی المحبّة والتواضع والحلم للإمام(علیه السلام) یمکنه أن یکون اُسوة للأشخاص الذین یعیشون حالة الغضب والحدّة وأنّهم فی مثل هذه الموارد علیهم أن یسدلوا الستار على غضبهم ویسلکوا طریق الحلم وضبط النفس.

وهنا ینبغی استعراض بعض الاُمور المهمّة فی هذا الباب:

1 ـ إنّ الحلم وضبط النفس له آثار إیجابیة کثیرة فی حیاة الناس على المستوى الفردی والاجتماعی، ومن ذلک:

إنّه یحفظ الإنسان من أخطار الغضب التی قد تدمّر حیاته وتجعله یعیش الندم إلى آخر عمره.

والآخر أنّ الحلم یورث الإنسان العزّة وقوّة الشخصیة والشرف، لأنّ جمیع الناس یرون أنّ الحلم وضبط النفس فی مقابل الأشخاص الجهلاء والحاقدین دلیل على عظمة النفس وقوّة الشخصیة ورجحان العقل، ولذلک ورد فی بعض الروایات عن الإمام علی(علیه السلام) أنّه قال: «مَن حَلُمَ سـادَ»(14).

مضافاً إلى ذلک أنّ الحلم فی مقابل الجهلاء یتسبب فی أنّ الناس یهرعون لنصرة الحلیم ضدّ الجاهل، ولهذا ورد فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)أنّه قال: «إنَّ أَوّلُ عِوَضِ الحَلیمِ مِنْ خِصلَتِهِ أَنَّ النَّاسَ کُلُّهُم أَعوانُهُ عَلى خَصمِهِ»(15).

ومضافاً إلى أنّ الحلم یورث الإنسان العزّة وماء الوجه فی حین أنّ الغضب العجین بالجهل یتسبب فی إراقة ماء الوجه وهتک حرمة الإنسان، کما ورد فی الحدیث الشریف عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مـا عَزَّ اللهُ بِجهل قَطُّ وَلا أَذَلَّ بِحلم قَطُّ»(16)

والخلاصة أنّ فضیلة الحلم وضبط النفس وسعة الصدر لها برکات وإیجابیات کثیرة فی حیاة الإنسان، وأفضل ما قیل فی هذا الباب ما ورد عن الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله): «فَأَمّا الحِلمُ فَمِنهُ رُکُوبُ الجَمِیلِ، وَصُحبَةُ الأَبرارِ، وَرَفعٌ مِنَ الضِّعَةِ، وَرَفعٌ مِنَ الخَساسةِ وَتَشهِّی الخَیرِ، وَیُقَرِّبُ صـاحِبَهُ مِنْ مَعالِی الدَّرَجـاتِ، وَالعَفوَ وَالمَهلِ وَالمَعرُوفِ والصَّمتِ، فَهذِا مـا یَتَشَعَّبُ لِلعـاقِلِ بِحِلمِهِ»(17).

2 ـ إنّ الحلم وضبط النفس حاله حال سائر الصفات الأخلاقیة للإنسان من حیث الدوافع والأسباب المتعددة التی تقود الإنسان باتّجاه هذه الفضیلة، ویمکننا استعراض بعض هذه الأسباب والدوافع:

الف) إنّ التسلط على النفس وضبط القوى والنوازع النفسیة یتسبب فی أن یصمد الإنسان أمام المصاعب والأزمات فلا ینهار أمامها، وبالتالی لا یخضع أمام قوّة الغضب والانفعال، کما ورد عن الإمام علی(علیه السلام) فی تعریف الحلم الإشارة إلى هذا المعنى حیث قال: «کَظمُ الغیظِ ومِلکُ النَّفسِ»(18).

ونفس هذا المعنى ورد أیضاً عن الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام)(19).

ب) ومن الاُمور التی تمنع الإنسان من الانهیار والخضوع أمام الغضب وتقوّی فی واقعه فضیلة الحلم هوعلو الطبع وعلو الهمّة وقوّة الشخصیة فی الإنسان والتی لا تدعه یواجه الغضب والحدّة من موقع الانفعال ویسلک سلوک الجهلاء کما یقول أمیرالمؤمنین(علیه السلام): «الحِلمُ وَالأَنـاهُ تَوأَمـانِ یَنتُجُهُما عُلوُ الهِمَّةِ»(20).

ج) ومن الأسباب الاُخرى فی تقویة هذه الفضیلة الأخلاقیة فی واقع الإنسان وقلبه هوالإیمان بالله تعالى والتوجّه إلى الذات المقدّسة من موقع الذوبان فی صفاته وأسمائه الحسنى ومنها صفة الحلم الإلهی مقابل العصاة والمجرمین من عباده کما ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) قوله: «الحِلمُ سِراجُ اللهِ یَستَضیء بِهِ صـاحِبُهُ إِلى جَوارِهِ وَلا یَکُونُ حَلیماً إِلاّ المَؤیَّدُ بِأَنوارِ اللهِ وَبِأَنوارِ المَعرِفَةِ وَالتَّوحِیدِ»(21).

د) ومن العوامل الاُخرى لتفعیل هذه الفضیلة هو مطالعة آثارها الإیجابیة ونتائجها الحمیدة على حیاة الإنسان وکذلک مطالعة الآثار السلبیة للغضب والحدّة بإمکانه الحدّ من قوّة هذه الحالة النفسیة والتقلیل من أضرارها، کما ورد عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)قوله: «الحِلمُ نُورُ جُوهَرَهُ العَقلَ»(22).

وقال(علیه السلام) أیضاً فی حدیث آخر: «بِوُفُورِ العَقلِ یَتَوَفَّرُ الحِلمُ»(23).

ونقرأ أیضاً فی حدیث آخر عن هذا الإمام(علیه السلام) قوله: «عَلَیکَ بِالحِلمِ فَإِنَّهُ ثَمَرَةُ العِلمِ»(24).

3 ـ موارد الاستثناء، رغم أنّ الحلم یعدّ من الفضائل الأخلاقیة البارزة فی حیاة الإنسان وسلوکه، ولکن هناک بعض الموارد فی حرکة التفاعل الاجتماعی لا یکون فیها الحلم فضیلة أخلاقیة، ومثل هذه الاستثناءات موجودة فی سائر الفضائل الأخلاقیة أیضاً، مثلاً فی الموارد التی یتسبب فیها الحلم وضبط النفس زیادة الجرأة لدى الجهلاء والمتعصبین الذین یستغلون الخُلق السامی لدى الطرف الآخر فیتعاملون معه من موقع العقدة والخصومة وزیادة العدوان، فهنا یکون الحلم غیر مؤثّر فی التأثیر على الجاهل الجاهل بل ینبغی استعمال طرق اُخرى لإسکاته وکبح جماحه وردعه عن غیّه.

وکذلک فی الموارد التی یؤدّی فیها الحلم إلى الإضرار بالمجتمع أو بالمذهب والدین فهنا من الخطأ استخدام صفة الحلم وسعة الصدر والسکوت.

وکذلک من الموارد الاُخرى هو ما إذا کان سلوک طریق الحلم یحسب من علامات الضعف والذلّة فی صاحبه.

 

 

 


1. المصدر السابق.
2. کنز العمال، ج3، ص130، ح5815.
3. غرر الحکم.
4. بحار الانوار، ج74، ص152 وورد مثلها مع تفاوت یسیر فی وسائل الشیعة، ج11، ص211.
5. المصدر السابق، ص212.
6. غرر الحکم.
7. المصدر السابق.
8. المصدر السابق.
9. مستدرک الوسائل، ج11، کتاب الجهاد..
10. اصول الکافی، ج2، ص110، ح9.
11. سفینة البحار، مادة الحلم.
12. جامع الأحادیث، ج13، ص479، ح12.
13. اصول الکافی، ج2، ص112، ح7.
14. بحار الانوار، ج74، ص208، ح1.
15. المصدر السابق.
16. اصول الکافی، ج2، ص112.
17. تحف العقول، ص19.
18. تحف العقول، ص 19.
19. بحار الانوار، ج75، ص102.
20. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 460.
21. بحار الانوار، ج68، ص422، ح61.
22. غرر الحکم.
23. المصدر السابق.
24. غرر الحکم.
 
 

 

 

 

أقسام الغضبتنویه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma