تنویه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
موارد الاستثناءالتجسّس فی الروایات الإسلامیة

(التجسّس) بمعنى البحث والفحص فی أعمال الآخرین والاُمور المتعلّقة بهم، وغالباً ما یکون هذا البحث فی الاُمور السلبیة ونقاط الضعف والسلوکیات الذمیمة، ولکنّ التجسّس فی لغة العرب یأتی بمعنى البحث والفحص فی المسائل الإیجابیة أیضاً.

وفی الحقیقة أنّ سوء الظن هو السبب فی أن یتحرّک الإنسان للکشف عن أسرار الناس واُمورهم الخفیّة، وأحیاناً تدخل عوامل اُخرى من قبیل: البخل والحسد وضیق الاُفق وأمثال ذلک فی خلق هذه الحالة الذمیمة لدى الإنسان.

التجسّس بالشکل المذکور آنفاً یعتبر حالة ذمیمة جدّاً فی دائرة المفاهیم الإسلامیة ومن الأعمال المحرّمة حیث یتسبب فی سلب الأمن الاجتماعی وخلق أنواع الخصومات والنزاعات بین الأفراد، فلو اُبیح لکلّ شخص أن یتدخّل فی الکشف عن أسرار الآخرین والتدخل فی اُمورهم الخاصّة فی حیاتهم الفردیة والاُسریة، فلا یبعد أن یترتب على ذلک هتک حرمة الکثیر من الأفراد وتدمیر شخصیتهم الاجتماعیة وبالتالی إندلاع نیران الحقد والعداوة والبغضاء فی المجتمع بحیث یتحوّل مثل هذا المجتمع إلى جحیم لا یطاق.

وبالطبع فإنّ هذا الحکم الأخلاقی والإسلامی لا یتقاطع أبداً مع ضرورة وجود أجهزة أمنیّة وتجسّسیة فی جهاز الحکومة الإسلامیة، لأنّ ما تقدّم من التجسّس المذموم یتعلّق بالحیاة الخاصة للأفراد، وأمّا هذا المعنى الثانی فیتعلّق بمصیر المجتمع وأمنه ویهدف إلى التصدّی لمؤامرات الأعداء وکشف مخططاتهم والوقایة من تسرّب عناصر الشر والانحراف فی مفاصل المجتمع الإسلامی.

وبهذه الإشارة نعود إلى القرآن الکریم لنستوحی منه الدروس الأخلاقیة فی هذا الباب.

نقرأ فی القرآن الکریم آیة واحدة تنهى عن التجسّس، وهی الآیة 12 من سورة الحجرات حیث یقول تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثِیراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً).

وکما تقدّمت الإشارة إلیه فی بحث الغیبة وسوء الظن فإنّ الآیة الشریفة المذکورة أعلاه تنهى عن ثلاثة أشیاء، وهی فی الواقع بمثابة العلّة والمعلول، فالأول تنهى عن سوء الظن الذی یعدّ العلّة والمصدر للتجسّس، ثم تنهى عن التجسّس الذی یتسبب فی الکشف عن عیوب الآخرین المستورة وبالتالی التحرّک من موقع غیبتهم وفضح معایبهم.

وکما تقدّمت الإشارة إلیه آنفاً فإنّ (التجسّس) له مفهوم سلبی ویراد به عادة سلوک غیر أخلاقی تجاه الآخرین، ولکنّ (التجسّس) قد یرد فی مورد یکون البحث والفحص عن الشیء مطلوباً ومحموداً کما نقرأ فی قصّة یوسف(علیه السلام)أنّ یعقوب(علیه السلام) أمر أولاده وقال: (یَا بَنِىَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلاَ تَیْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ)(1).

وذهب البعض إلى أنّ التحسّس بمعنى إستراق السمع بالنسبة لکلمات وأحادیث الآخرین، فی حین أنّ التجسّس هو البحث والفحص العملی عن أسرار وعیوب الآخرین.

وممّا یلفت النظر أنّ النهی عن التجسّس فی آیة سورة الحجرات لم یتقیّد بقید أو شرط، وهذا یدلّ على أنّ الأصل هو حرمة التجسّس بعنوان قاعدة عامّة، ولو رأینا أحیاناً فی الأحکام الإسلامیة جواز التجسّس لأغراض خاصّة فإنّ ذلک من قبیل الاستثناء.

وقد کان الحکم بحرمة التجسّس وبالنظر لهذه الآیة الشریفة إلى درجة من الوضوح فی الذهنیة المسلمة حتى أنّ المسلمین کانوا یستدلون بهذه الآیة کدلیل على حرمة التجسّس، فقد ورد فی مصادر أهل السنة من قبیل کنز العمال نقلاً عن (ثور الکندی) حیث یقول: کان عمر بن الخطاب یعسّ فی اللیل فی أزقة المدینة فسمع یوماً صوت رجل یغنی فی داخل بیته فما کان من عمر إلاّ أن تسلق الجدار فصاح به: یا عدو الله أحسبت أنّک ترتکب الذنب فی خفاء وأنّ الله تعالى لا یراک؟

فقال له ذلک الرجل: لا تعجل یا أمیرالمؤمنین، فلو ارتکبت ذنباً واحداً فقد ارتکبت أنت ثلاثة، فانّ الله تعالى یقول (وَلا تَجَسَّسُوا) وأنت قد تجسّست علینا، ویقول أیضاً: (وَأْتُوا الْبُیُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)(2)، وأنت تسلقت الجدار، والله تعالى یقول: (لاَ تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ بُیُوتِکُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا)(3)، وأنت دخلت البیت بلا اذن ولا سلام.

فما کان من عمرإلاّ أن أطرق أمام هذا الاستدلال المتین ثم قال له: إذا عفوت عنک فهل تترک ما أنت علیه؟ فقال: نعم، فترکه عمر وذهب(4).

 


1. سورة یوسف، الآیة 87.
2. سورة البقرة، الآیة 189.
3. سورة النور، الآیة 27.
4. کنز العمال، ج3، ص808، ح 8827.

 

موارد الاستثناءالتجسّس فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma