إنّ هذه الصفة هی أحد العلائم المهمّة فی عناصر الشخصیة لکل إنسان، وعندما یجتمع الصدق مع الأمانة تشکل من ذلک أساس الشخصیة الإنسانیة السویّة والکاملة بحیث لا یمکن اطلاق اسم الإنسان الحقیقی عند من یخلو من هاتین الصفتین الأخلاقیتین.
وهاتان الصفتان لهما جذر وأصل مشترک، لأنّ الصدق لیس شیئاً سوى الأمانة فی القول، والأمانة لیست شیئاً سوى الصدق فی العمل، ولهذا السبب فقد وردت فی الروایات الإسلامیة وکلمات المعصومین(علیهم السلام) هاتان الصفتان أی (صدق الحدیث وأداء الأمانة) سویة.
وإلى جانب هذه الصفة نرى وجود صفات ممتازة اُخرى فی منظومة القیم الأخلاقیة لدى الإنسان والتی هی فی الواقع من قبیل اللازم والملزوم، لأنّ الصادقین هم عادة یتحلّون بالشجاعة، صراحة اللهجة، قلّة الطمع، الأخلاص، الابتعاد عن الافراط فی الحب والبغض والتعصب، فی حین أنّ من یعیش الکذب فی سلوکه وأقواله فهو یتحلّى عادة بصفة الخوف، الریاء، التعصّب واللجاجة، الطمع، والافراط فی الحب والبغض.
الإنسان یعیش الانضباط فی حیاته باُصول أخلاقیة ویتحرّک من موقع المسؤولیة مع
الآخرین فی حین أنّ الشخص الکاذب منافق عادة ویعیش الحالة الانتهازیة فی تعامله مع الناس.
وبکلمة واحدة یمکن القول: إنّ الصدق والأمانة مفتاحان للکشف عن باطن الأشخاص فی أبعاد مختلفة، ولذلک کما سوف یأتی فی البحث الروائی فی کلمات المعصومین أنّ هاتین الصفتین یمثلان الأداة البلیغة لأختبار الأشخاص، فلو أردت معرفة حسن الشخص أو سوئه فعلیک بأمتحانه واختباره بالصدق وأداء الأمانة.
وبهذه الإشارة نعود إلى الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة الشریفة التی تتحدّث فی أجواء الصدق والدوافع والنتائج المترتبة على هذه الصفة الأخلاقیة وبعض النقاط المتعلّقة بهما ثمّ نستعرض بعض ما یتعلق بصفة الکذب وآثاره السلبیة فی حرکة الإنسان والمجتمع.
وقد وردت آیات کثیرة فی القرآن الکریم تتحدّث عن أهمیّة الصدق منها:
1 ـ (قَالَ اللهُ هَذَا یَوْمُ یَنفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الاَْنهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَداً رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ).
2 ـ (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ).
3 ـ (لِیَجْزِىَ اللهُ الصَّادِقِینَ بِصِدْقِهِمْ وَیُعَذِّبَ الْمُنَافِقِینَ إِنْ شَاءَ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللهَ کَانَ غَفُوراً رَحِیماً).
4 ـ (إِنَّ الْمُسْلِمِینَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِینَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِینَ وَالصَّادِقَاتِ... أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِیماً).
5 ـ (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الاَْمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَکَانَ خَیْراً لَهُمْ).
6 ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَلَیَعْلَمَنَّ الْکَاذِبِینَ).
1. سورة المائدة، الآیة 119.
2. سورة التوبة، الآیة 119.
3. سورة الاحزاب، الآیة 24.
4. سورة الاحزاب، الآیة 35.
5. سورة محمد، الآیة 21.
6. سورة العنکبوت، الآیة 3.
