الأمانة والخیانة فی بیت المال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأخلاق فی القرآن 3
طرق الوقایة والعلاجتنویه

إنّ الأمانة خلق محمود ومطلوب فی أی مکان ومورد، ولکن بالنسبة إلى بیت المال ورؤوس الأموال المادیة والمعنویة المتعلّقة بالمجتمع لا بشخص معیّن فقد ورد التأکید على الأمانة فیها بشکل خاص فی النصوص الدینیة، والحکمة فی ذلک واضحة لأنّه أولاً: أنّ البعض یتصوّر أنّ مثل هذه الأموال بما أنّها لا تقع فی دائرة الممتلکات لشخص معیّن بل هی ملک عموم الناس فإنّهم أحرار فی تصرفاتهم وتعاملهم بها.

وثانیاً: إذا تفشّت الخیانة بالنسبة إلى الأموال العامة وبیت المال فإنّ نظم المجتمع سوف یتلاشى وینهار، فلا یرى مثل هذا المجتمع البشری وجه السعادة أبداً.

ومن أجل درک أهمیّة هذا الموضوع یکفی مطالعة قصّة (الحدیدة المحماة) حیث ورد أنّ عقیل(رضی الله عنه) جاء إلى أخیه علی بن أبی طالب(علیه السلام) وطلب منه أن یزیده قلیلاً من حصّته وسهمه من بیت المال دون مراعاة ضوابط العدالة والمساواة بین المسلمین على أساس العلاقة الاُخویّة بینه وبین الإمام علی(علیه السلام)، فما کان من الإمام علی(علیه السلام) إلاّ أن أحمى له حدیدة وقرّبها منه، صرخ عقیل من حرارتها فقال له الإمام(علیه السلام): «یـا عَقِیلُ أَتَئِنُّ مِنْ حَدِیدَة أَحمـاها إِنسـانَهـا لِلَعبِهِ وَتَجِرُّنِی إِلى نـار سَجَرَهـا جَبـارُهـا لِغَضَبِهِ، أَتَئِنُّ مِنْ الأَذى وَلا أَئِنُّ مِنْ لَظى»(1).

وقال أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی مکان آخر کلاماً مثیراً بالنسبة إلى عطایا عثمان من بیت المال إلى أقربائه وذویه حیث عزم الإمام علی(علیه السلام) على ردّها جمیعاً إلى بیت المال وقال: «وَاللهِ لَو وَجَدته قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسـاءُ ومُلِکَ بِهِ الإِمـاءُ لَرَدَدتُهُ، فَإنَّ فِی العَدلِ سَعَةً، وَمَنْ ضَـاقَ عَلَیهِ العَدلُ فَالجَورُ علیه أَضیَقُ»(2).

وعندما اقترح علیه استخدام الأشخاص المعروفین فی تدبیر أمر الحکومة وزیادة رواتبهم وعطایاهم من بیت المال لغرض الإستعانة بهم فی اُمور الدولة والحکومة (ولا أقل فی بدایة خلافته) فقال: «أَتَأمُرُنِی أَنْ أَطلُبَ النَّصرَ بِالجَورِ فِیمَن وُلِّیتُ عَلَیهِم وَاللهِ لا أَطُورُ بِهِ مـا سَمَرَ سَمِیرٌ وَمـا أَمَ نَجمٌ فِی السَّمـاءِ نَجمَاً، وَلَو کـانَ المَالُ لِی لَسَویَّتُ بَینَهُم فَکَیفَ وَإِنَّمـا المَالُ مالُ اللهِ»(3).

بل إنّ الإمام علی(علیه السلام) تحرّک لحفظ الأمانة فی بیت المال من موقع التهدید الشدید لأقرب المقرّبِینَ إلیه حتّى یتّعظ بذلک الأبعد من الناس ویعلم أنّ المسألة هنا جدّیة فلا مهادنة فی بیت المال، ولذلک نقرأ فی الکتاب الذی أرسله أمیر المؤمنین(علیه السلام) إلى بعض اُمرائه فی البلد الإسلامی الذی أساء الاستفادة من بیت المال وأنفقه فی موارد اُخرى، فکتب له الإمام یقول: «فَاتَّقِ اللهَ واردُد إلى هَؤلاءِ القَومِ أَموالَهُم فَإِنَّکَ إنْ لَم تَفعَل ثُمَّ أَمکَننِی اللهُ مِنکَ لأَعذِرنَّ إِلى اللهِ فِیکَ وَلأَضرِبَنَّکَ بِسَیفِی الَّذِی مـا ضَربَتُ بِهِ أَحَداً إِلاّ دَخَلَ النَّارَ، وَوَاللهِ لَو أَنَّ الحَسَنَ والحُسَینَ فَعَلا مِثلَ الَّذِی فَعَلتَ مـا کَانَتْ لَهُمـا عِندِی هَوادَةٌ، ولا ظَفِرَا مِنِّی بِأرَادَة حَتّى آخُذَ الحَقُّ مِنهُما»(4).

ونعلم أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) عندما فتح مکّة قد عفى عن قریش وجمیع المجرمین والجناة من قریش وغیر قریش الذین حاربوه قرابة عشرین سنة وسفکوا دماء الکثیر من المسلمین ورغم ذلک فقد أصدر النبی أمره بالعفو عنهم وإسدال الستار على ما مضى من جرائمهم وعداوتهم، ولکن مع ذلک فقد استثنى النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) عدّة أشخاص من هذا العفو وأهدر دمهم وأمر بقتلهم فی أی مکان کانوا، وأحد هؤلاء هو (ابن خطل) وکان ذنبه أنّه اعتنق الإسلام فی الظاهر وهاجر إلى المدینة، فجعله النبی(صلى الله علیه وآله) على الزکاة وجمعها وأرسل معه شخصاً من قبیلة خزاعة، فعندما ذهب لجمع الزکاة واجتمع لدیه مقدار مهم من الزکاة قتل صاحبه وهرب بالأموال إلى مکّة، وعندما سأله المشرکون فی مکة عن سبب رجوعه قال:

«لم أجد دیناً أفضل من دینکم»، وأخذ یهجو النبی بقصائد من الشعر وکانت لدیه بعض الجواری المغنیّات والراقصات، فکان یجلس مجالس الطرب واللّهو ویشترک معه مجموعة من المشرکین فیشربون الخمر ویهجون النبی بهذه الأشعار، وبما أنّه بلغ من الوقاحة والخیانة فی بیت المال إلى هذه الدرجة العظمیة حتّى أنّ هذه الخیانة تسببت فی إرتداده عن الإسلام وهتکه لحرمة النبی الأکرم، فلذلک أصدر النبی أمره هذا، فلّما سمع بذلک التجأ إلى الکعبة، وبما أنّ من یلوذ بالکعبة سوف یصان دمه، فلذلک سحبوه إلى خارج الحرم وقتلوه(5).

فهذه التصریحات الشدیدة والأحادیث المثیرة تشیر إلى أنّ الخیانة فی بیت مال المسلمین ورغم أنّ البعض یتصوّر أنّها سهلة ویسیرة فإنّها من أعظم الذنوب والخطایا، وعقوبتها من أشدّ أنواع العقوبات الدنیویة والاُخرویة.

ونختم هذا البحث بالإشارة إلى حادثة وقعت فی زمان رسول الله حیث تبیّن الأهمیّة الکبیرة لبیت المال، والحادثة هی أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) عندما عاد من خیبر ووصل إلى وادی القرى کان معه غلام أهداه له رفاعة بن زید الجذامی قال: فوالله إنّه لیضع رحل رسول الله(صلى الله علیه وآله) إذا أتاه سهم غرب فأصابه فقتله، فقلنا: هنیئاً له الجنّة، فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «کَلاّ والذی نفس محمد بیده إنّ شَملتّهُ الآن لتحترق علیه فی النار کان غلها من فیء المسلمین یوم خیبر».

قال: فسمعها رجل من أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله) فأتاه فقال: یا رسول الله أصبت شراکین لنعلین لی، قال:

فقال(علیه السلام): «یُقد لک مثلهما من النار»(6).

 

 

 

 


1. نهج البلاغة، الخطبة 224.
2. المصدر السابق، الخطبة 15.
3. نهج البلاغة، الخطبة 126.
4. المصدرالسابق، الرساله 41.
5. شرح نهج البلاغة، ابن أبی الحدید، ج18، ص14 و 15.
6. سیرة ابن هشام، ج2، ص353.

 

طرق الوقایة والعلاجتنویه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma